يحاول النظام المصري الحالي برئاسة، عبدالفتاح السيسي، وعبر الجيش المصري والأجهزة السيادية، التدخل في خلافات الفرقاء في ليبيا خلال الفترة المقبلة، بحجة السعي من أجل عودة الاستقرار إلى هذا البلد المجاور، بما ينعكس بالإيجاب على الحدود مع مصر.
ويبرر السيسي التدخل المستمر، والذي يتجسد من خلال الانحياز لمعسكر اللواء خليفة حفتر، بأنه يأتي بسبب التخوف من أمرين هامين بشأن اضطراب الأوضاع في ليبيا، أولهما، نشاط وتوسع الجماعات المسلحة وتحديداً ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي يمكن أن يصدّر مقاتلين للداخل المصري لتنفيذ اعتداءات. أما التخوف الثاني فيكمن، بحسب النظام المصري، في صعود التيار الإسلامي، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين، واحتمال تمكنه من المشاركة في الحكم بليبيا بأية صورة، وبصفة خاصة التحكم في المؤسسات العسكرية والسيادية، مع الوضع في الاعتبار عداء السيسي لجماعة الإخوان في مصر بعد الانقلاب على الرئيس المعزول، محمد مرسي.
وذكرت مصادر مصرية، أن عناصر من تنظيم "داعش" تسللت من ليبيا إلى مصر خلال الفترة الماضية، بعد الهزائم التي لحقت بفرع التنظيم هناك. وبحسب هذه المصادر، فإن أجهزة سيادية رصدت عملية التسلل عبر بعض السكان المحليين في المناطق الحدودية الغربية مع ليبيا. وتابعت أن الأجهزة السيادية كثّفت عملية التواصل مع السكان المحليين في المنطقة الغربية، لا سيما عقب العمليات التي استهدفت قوات الجيش والشرطة خلال العامين الماضيين. ولفتت إلى أن هناك تواصلاً أيضاً، مع أطراف ليبية لرصد أي تحركات على الحدود مع مصر، مؤكدة أن الجيش المصري والأجهزة السيادية تحكم قبضتها على الحدود، ولكن طول الشريط الحدودي يضفي صعوبات على عملية نشر قوات على الحدود. وبحسب المصادر نفسها، فإن السيسي يرغب في "إنهاء الأزمة في ليبيا والقضاء على أي وجود للجماعات المسلحة وبؤر الإرهاب التي تؤثر سلباً على مصر". ولفتت المصادر إلى أن مصر تدعم حفتر للقيام بهذه المهمة من خلال قيادة ما يسمى بـ"الجيش الوطني الليبي"، ليكون بمثابة نواة للجيش الليبي، مستغلاً عداءه ورفضه للتيار الإسلامي.
وأوضحت المصادر أن السيسي يتابع عن كثب تطورات الأوضاع في سيناء، نظراً لارتباط هذا الملف بتمركز العناصر الإرهابية على الحدود الغربية سواء من الجانب المصري أو الليبي. واستطردت أن الطلعات الجوية الاستطلاعية لا تتوقف على الحدود الغربية بشكل يومي، لتفقد الشريط الحدودي بالكامل، وتحديداً المناطق الوعرة التي يسهل تنقل الأفراد من خلالها أو سيارات الدفع الرباعي. وحول خط سير هذه العناصر، شددت المصادر على عدم معرفة أين يتوجهون عقب المرور إلى مصر. أي لا تعرف الأجهزة ما إذا كان المتسللون يتوجهون إلى سيناء أم إلى محافظات أخرى أو حتى إلى العاصمة القاهرة، خاصة أن عددهم لم يكن كبيراً في آخر عملية تسلل تم رصدها أخيراً، وهو ما يعني أن التسلل لم يبلغ درجة يمكن معها القول إنه فرار لعناصر "داعش" من ليبيا، بحسب المصادر.
من جهته، قال الخبير العسكري، اللواء يسري قنديل، إن الجيش المصري لن يتهاون مع أي أخطار تهدد الأمن القومي، لافتاً إلى أن العمل يسير في اتجاهين، "أولاً من خلال تقوية الجيش الوطني الليبي"، على حد وصفه، وثانياً من خلال ضبط الحدود الغربية.
وأضاف قنديل لـ"العربي الجديد" أن مصر تسعى بكل جهد لضبط الحدود الغربية، من خلال تنشيط الدوريات الخاصة بحرس الحدود، والاعتماد على بلاغات المواطنين وشيوخ القبائل العربية وكبار العائلات. وتابع أن الجيش يمتلك أدوات حديثة تمكنه من السيطرة على الحدود الغربية، ومنع تسلل أي عناصر، مؤكداً أنه إذا حدث تسلل يكون ناتجاً عن أخطاء بسيطة، ويتم تدراكها فوراً، بحسب قوله، لا سيما أن استراتيجيات الجيش يتم مراجعتها بصفة دورية لتطويرها مع دراسة كل المتغيرات من خلال عمل تقديرات موقف، بحسب تأكيده.