دمشق/بشار الأسد/يافطات/Getty
28 اغسطس 2020
+ الخط -

لن تجد عزيزي القارئ، ومهما سعيت على محرك البحث، أي رقم موثّق لديون سورية الأسد، على الأقل ما بعد الثورة التي انطلقت ولم تزل، منذ مارس/ آذار 2011، فهذا النظام الحريص على أسرار الدولة يؤثر التصرف بميراث أبيه، بعيداً عن كل العيون، بما فيها مطبوعة إحصاءات الديون الدولية المتخصصة، التي لا تأتي لديونه على ذكر.

لذا وبمحاولة نأمل أنها ليست فاشلة، سنحاول التقريب ما استطعنا، بادئين وفق منهج "أغاثا كريستي" من اليوم ونعود لعقدين مضيا، وقت سددت سورية كامل ديونها الخارجية ولم تكن فيها مصارف خاصة ولا يعرف جل شعبها، أيام النهج الاشتراكي وأبوية الدولة والقطاع العام الريادي، ماذا تعني سندات الخزينة أو يسعون لمعرفة الديون الداخلية.

كما تقتضي الأمانة والمصداقية عدم اعتماد ما يقال عن بلوغ الدين الخارجي على سورية مطلع عام 2020 نحو 60 مليار دولار، موزعاً خاصة بين روسيا الاتحادية وإيران، تقتضي الأمانة ذاتها إهمال ما نسب إلى البنك الدولي العام الماضي، بأن حجم الدين العام السوري لا يتجاوز 3.5 مليارات دولار وبحصة 195 دولاراً للفرد.

 

إذ، وبحسبة بسيطة لتكاليف الحرب الروسية على الثورة والشعب السوري، منطلقين من رأي خبراء روس، بأنّ معدل النفقات العسكرية الروسية في سورية بين 3 و4 ملايين دولار يومياً، نجد أننا أمام نحو 7 مليارات دولار.

وأما إن عدنا لما يسمى خطوط الائتمان الإيرانية، عدا الديون المباشرة غير المنظورة، فنحن أمام 6 مليارات دولار، ولدينا مؤشر رسمي إيراني، هو رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشة، حينما طالب نظام الأسد ببعض الديون العام الماضي، وقال إنّ ديون إيران على سورية كبيرة جداً.

بيد أن نقطة جديرة بالتنويه هنا أن ديون كلتا الدولتين المحتلتين لسورية؛ روسيا وإيران أيضاً، يصعب إحصاؤها لسببين: الأول أنها غير معلنة نظراً للاستبداد بتلك البلدان الثلاثة وتعاطي الزعيم والقائد الملهم فيها مع البلاد ومقدراتها وثرواتها كملكية شخصية، ليأتي السبب الثاني والأكثر منطقية ووجاهة، في أن تلك الدول تستعيض عن ديونها بثروات باطنية واستثمارات ذات دورة رأسمال سريعة وربحية مضمونة، سواء باستغلال جوع السوريين أو وضع اليد على قطاع الطاقة.

لذا، وبواقع صعوبة ضبط الدين الخارجي، جراء الخطوط الحمر وأسرار الدولة ودول الاحتلال، ربما الأسهل النظر بالديون الداخلية، لنصل إلى السؤال الأهم، من أين وكيف سيسد الأسد تلك الديون؟!

تجاوز إجمالي الدين العام الداخلي في سورية، وخلال الأشهر الثمانية الماضية من العام الجاري، 474 مليار ليرة سورية، تم جمعه من خلال سندات الخزينة وشهادات الإيداع التي اكتتب فيها عدد من المصارف المخوّل لها المشاركة في المزادات، ليبلغ إجمالي الدين العام الداخلي ما يعادل نحو 11.6% من إجمالي اعتمادات موازنة الدولة لـ2020، والبالغة 4,000 مليار ليرة، فيما عادل 32% تقريباً من إجمالي عجز الموازنة المقدّر بـ1,455 مليار ليرة.

 

فإن فرضنا جدلاً، أن نظام بشار الأسد قادر على إيفاء ديون السوريين، فهل ستربح تلك التجارة "شراء السندات" إن كان سعر الفائدة 7% سنوياً، في حين، نسب التضخم وتهاوي الليرة أعلى من تلك النسبة وبكثير، هذا طبعاً إن لم نأت على إلزامية الأسد للسوريين عبر المصارف، للشراء وإلا.

نهاية القول: يذكر السوريون أنّ إبريل/ نيسان 2010 حمل بشرى إغلاق ملف الديون الخارجية، والتي تجاوزت بعقد التسعينات حجم الناتج المحلي بوصولها إلى 23 مليار دولار، وبصرف النظر عن التسويات وطرق السداد والإعفاءات الروسية وقتذاك، لأن النتيجة كانت صفر ديون خارجية.

لكن اليوم، وبعد استنزاف الاحتياطي النقدي واستمراء الأسد مد اليد مقابل رهن مقدرات سورية وثرواتها، يبقى السؤال عن الإرث الذي سيورثه نظام الأسد للسوريين، حتى بعد زواله عن كرسي أبيه.

المساهمون