ديربي شمال لندن.. اسأل عن أوزيل وإريكسن

08 فبراير 2015
+ الخط -

"لندن هي مدينتنا" هكذا يرفع مشجعو آرسنال لافتة شهيرة في أغلب مبارياتهم ضد غريميهما تشيلسي وتوتنهام اللذين ينافسانه على زعامة العاصمة العريقة، لكن هل باتت لندن فعلاً مدينة المدفعجية؟

التاريخ يقول ذلك.. آرسنال بكل تأكيد هو سيد لندن، لكن الحاضر يقول إن تشيلسي زعيم الحاضر في لندن، بينما يُعاني آرسنال في الوقت الحالي ليكون زعيماً لشمالها فقط! على الأقل هذا ما فشل في توطيده بالأمس، بعد أن خسر أمام توتنهام في ديربي شمال عاصمة بلاد الضباب.

منذ 4 يناير/كانون الأول لم يخسر آرسنال أبداً، بل فاز في كل المباريات التي لعبها من دون أي تعادل، حتى جاء موعد لقاء الأمس عندما أسقطهم هاري كين ورفاقه، رغم تقدم المدفعجية بهدف أوزيل المبكر.


مباراة مانشستر سيتي ألقت بظلالها
تعامل آرسن فينجر مع اللقاء كما تعامل مع لقاء مانشستر سيتي.. تحفظ دفاعي ولعب على الهجمات المرتدة وإغلاق منطقة الوسط، ما كلفه بعض المساحات على الأطراف، لكن هذه لم تكن المشكلة.

المشكلة كانت بوضوح في أن توتنهام ليس مان سيتي.. ففي الوقت الذي لا يبدو خيار فتح الخطوط أمام السيتي خياراً جيداً، يظهر السبيرز كواحد من الفرق التي ينبغي الضغط على دفاعاتها، فهي دفاعات هشة وكثيرة الخطأ، بينما يعتمد الفريق في إخفاء دفاعه على قدرته على حصار المنافس وتشكيل حالة من الضغط العصبي، عملاً بمبدأ كثرة الطرق تفل الحديد.

فحتى في اللقطات النادرة التي هاجم فيها آرسنال، كانت الثغرات تظهر في دفاع منافسه، خاصة من جانب الرائع هجومياً الكارثي دفاعياً داني روز، لكن ذلك لم يغير من استراتيجية آرسن فينجر، فأبقى على فريقه في أحضان منطقة الجزاء منذ الدقيقة 20، وكأن الجنرز قادر على الصمود لـ 70 دقيقة يدافع أمام فريق يمتلك هجوماً ليس هيناً وعلى أرضه وفي لقاء ديربي به الكثير من الضغط العصبي الذي يصنع الأخطاء، فهل كان آرسنال قادراً على عدم ارتكاب أي هفوات لكل هذا الوقت الطويل؟ سؤال يجيب عنه البروفيسير الفرنسي، وربما هو نفسه لا يعلم إجابته.


توتنهام.. خطورة "بطيئة"
السبيرز لم يكونوا سيئين أبداً في الشوط الأول، شكلوا خطورة معقولة على مرمى الجنرز، خصوصاً من جانب إريكسن وروزن لكن مشكلة الفريق أنه بعد بداية ممتازة للهجمة من جانب ميسون وبن طالب، الرائعين في قطع الكرة المبهرين في بناء الهجمة، ظل تطوير الهجمة يتسم بالبطء، وذلك بسبب قدرات ديمبلي المحدودة في اللعب بالقدم اليمنى وعدم رشاقته، وكذلك استمرار حالة إريك لاميلا في اللعب الفردي، وعدم القدرة على الانخراط في الأداء الجماعي لأصحاب الأرض.

لكن ما كفل لتوتنهام الاستمرار في تشكيل خطورة هي قدرة أغلب عناصره على التسديد، فميسون وبن طالب وديمبلي وإريكسن وكين لم يكفّوا عن التسديد أو محاولة فتح ثغرات للتسديد، وصحيح أن أوسبينا كان لها بالمرصاد إلا أنه يبدو أن حارس آرسنال مميز في إبعاد الكرات وليس الإمساك بها، فقد "استسهل" عدم الإمساك بالكرات، ولو كان هناك متابع جيد لشاهدنا أهدافاً، لكن على الأقل فإن تلك التسديدات حافظت للاعبي توتنهام وجماهيرهم على الانطباع السائد.. الفريق خطير!


بوتشيتينو وإريكسن.. فينجر وأوزيل!
آرسن فينجر من المدربين المميزين في وضع الخطط وبدء المباريات، لكنه من نوعية المدربين الذين لا يُحسنون التعامل مع المتغيرات في اللقاء، على العكس من بوتشيتينو الذي أثبت في أكثر من مرة أنه قادر على قلب المباريات وتحسين أداء فريقه.

فعلى سبيل المثال دفع آرسن فينجر 42 مليون جنيه استرليني في لاعب ترك فريقه العريق لأنه غير راضٍ عن اللعب في مركز الجناح، ثم عاد المدرب الفرنسي ليشرك نفس اللاعب في نفس المركز الذي لا يراه اللاعب مناسباً لقدراته!

ولأن فينجر لا يريد إلا زيادة الطين بلّة، قرر التخلي عن طريقة 4/2/3/1 التي لعب بها في المباريات الأخيرة، والتي منحت الفريق شكلاً أفضل بكثير، ليعود إلى 4/3/3 ويعيد سانتي كاثورلا من مركز صانع الألعاب الحُر إلى لاعب الوسط ليزيد من انعزال مسعود أوزيل الذي لو كان كاثورلا بجانبه لربما تحسّن أداؤه.

الأمر كان واضحاً للعيان إلا لعين فينجر، في حين كانت هناك عينان على بعد أمتار من فينجر تعملان في صمت، وتلاحظان مدى خطورة كريستيان إريكسن عندما يتسلم الكرة، ويُصر على الدخول إلى قلب الملعب وتشكيل خطورة واضحة، فاتخذ القرار المنطقي بإخراج ديمبلي ليشرك ناصر الشاذلي ويمنح الدولي الدنماركي فرصة اللعب في قلب الملعب بشكل دائم، ليقود إريكسن هجوم توتنهام كمايسترو ويمنحه السيطرة التامة على مجريات المباراة.

بالطبع أكمل فينجر تعامله السيئ مع المباراة بالاستمرار في التراجع، رغم هدف التعديل من السبيرز، ولم يحاول استغلال ثغرة داني روز مبكراً بإشراك والكوت الذي تأخر تبديله إلى الدقيقة 77، ليُفاجئ فينجر الجميع باستمرار جيرو وأوزيل وخروج ويلبيك الذي ربما كان أفضل عنصر ضمن الثلاثي الهجومي!

ولأن كرة القدم عبارة عن قرارات، فإن ارتكابك لعدد ضخم من القرارات الخاطئة من شأنه أن يُضعف من فرصك في الفوز، وهي الفرص التي تقل كثيراً عندما يكون المنافس لديه مهاجم مثل هاري كين، والذي يُبشّر الإنجليز أخيراً بوجود مهاجم صندوق قادر على أن يكون بكل هذه الجرأة وهذه المهارة، فقد عانى منتخب مهد كرة القدم من تعاقب الكثير من المهاجمين "التارجت" الذين لا يتمتعون سوى بقدرة عالية على لعب ضربات الرأس دونها.. هاري كين ليس كبيتر كراوتش وكارلتون كول وأندي كارول وغيرهم من فاشلي منتخب الأسود الثلاثة، بل هو أمل هجوم فريق روي هودسون الذي كان يجلس ويشاهد آرسنال وهو يتنازل ولو لليلة عن لقب زعيم شمال لندن.