وعلى الرغم من عدم وجود أرقام وإحصاءات رسميّة تحدّد عدد القتلى والمخطوفين خلال فترة العام الذي رزحت فيه ديالى تحت سطوة المليشيات، إلّا أنّ منظمات المجتمع المدني تتحدّث عن آلاف المخطوفين وآلاف القتلى، كانوا ضحية خطة التغيير الديمغرافي في محافظتهم.
وفيما يسود اليأس بين أهالي ديالى من توجيه النداءات إلى الحكومة المركزيّة في بغداد والأجهزة الأمنيّة، رفعوا أصواتهم مطالبين منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية بالتدخّل لإيجاد حلّ لمحافظة تودّع كل يوم العديد من أبنائها بين قتيل ومخطوف.
تقول رئيسة منظمة الحياة لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني)، ابتهال الزيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العام الذي مضى، كان من أصعب الأعوام وأشدّها قسوة على محافظة ديالى منذ العام 2003"، مبيّنة أنّ "المليشيات تنفّذ في المحافظة مخطّطاً خطيراً جداً، من خلال سياسة التغيير الديمغرافي التي بدأت تطبيقها منذ انسحاب داعش من المحافظة".
وتضيف الزيدي أنّ "الخطة تكمن في تنفيذ 3 أهداف؛ الأوّل، منع النازحين من العودة إلى مناطقهم وتهجير المناطق الأخرى التي يُراد إحداث تغيير ديمغرافي فيها. ويتضمّن الهدف الثاني، إجبار أهالي المحافظة على ترك المحافظة، من خلال الضغط عليهم بأعمال الخطف والقتل والابتزاز. أمّا الهدف الثالث، فيشمل عمليات الاعتقال العشوائيّة التي تنفّذها قوات الشرطة المتّهمة بالتواطؤ مع المليشيات".
اقرأ أيضاً: العراق: انفلات أمنيّ في ديالى يثير مخاوف أهلها
تؤكّد رئيسة منظمة الحياة لحقوق الإنسان أنّ "تلك الانتهاكات تسببت بتهجير آلاف العائلات من مناطق عدة، ومنع الآلاف من العودة إلى مناطقهم، وقتل وخطف واعتقال الآلاف من أبناء المحافظة"، موضحة أنّه "لا توجد حتى الآن أرقام رسميّة تحدّد تلك الانتهاكات ولا أعداد الضحايا، وأنّ المنظمة تسعى لتوثيقها وإحصائها على الرغم من صعوبة وخطورة هذا العمل".
من جهته، يشير عضو المجلس المحلي لبلدة المقداديّة، شمال شرقي ديالى، عمر الكروي، إلى أنّ "المليشيات تسيطر على أغلب البلدات القريبة من المقدادية وعدد من مناطق البلدة، وتنفّذ أجندتها بالتغيير الديمغرافي فيها من دون خوف من أيّ جهة حكومية". ويوضح الكروي في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "دور الحكومة غائب في أغلب مناطق المحافظة في ظلّ وجود المليشيات"، مبيّناً أنّ الأخيرة "تتحرّك وتنفّذ انتهاكاتها بشكل يومي باسم القانون ومحاربة الإرهاب".
ويلفت عضو المجلس المحلي إلى أنّ "المليشيات تنفّذ عمليات الاعتقال بحجة أنّ المعتقلين متواطئون مع داعش، وتقوم بقصف المناطق بالصواريخ والهاون بذريعة قصف تجمعات لداعش، لكنّها تتبرأ من عمليات الخطف بشكل مستمر". ويشير الكروي إلى أنّ "المحافظة تعاني وضعاً مأساوياً بكل معنى الكلمة".
بدوره، يوضح عضو مجلس عشائر محافظة ديالى، الشيخ هذّال النداوي، أنّ "مناطق المخيسة وزاغنية والحديد وبني سعد تتعرّض يومياً للقصف، ويذهب العشرات من أبنائها ضحية ذلك"، لافتاً إلى أنّ "الأجهزة الأمنية تقف عاجزة، إذ لم نسمع يوماً أنها قامت باعتقال أحد مرتكبي هذه الانتهاكات"، مناشداً "المنظمات الدولية بالتدخّل وإنقاذ ما تبقى من المحافظة المنكوبة".
وكان قد سبق لمحافظ ديالى الأسبق عمر الحميري، أنْ تحدّث عن 27 ألف مخطوف و78 ألف قتيل في المحافظة على أيدي المليشيات منذ العام 2003، وسقوط 450 قذيفة هاون خلال شهرين على القرى في المخيسة.
اقرأ أيضاً: تغيير ديمغرافي في العراق برعاية "الحشد الشعبي"