ومنذ بضعة أسابيع، تجري مشاورات مكثفة بين الأعضاء الـ 14 في أوبك للاتفاق على حصة كل بلد، من أجل خفض الإنتاج بما يصل إلى 1.2 مليون برميل يومياً، لكن هذه الخطوة واجهت صعوبات في ظل مطالبة عدد كبير من أعضاء أوبك باستثنائهم من أي تدبير ملزم.
وظل الموقف الإيراني والعراقي، حتى انعقاد اجتماع أوبك في فيينا الأربعاء، غير محسوم، لكنه يبدو أقرب إلى عدم خفض الإنتاج واقعياً، كما حسمت ليبيا أمرها بالمطالبة باستثنائها من الاتفاق.
وبينما تؤكد أوبك أن إنتاج إيران توقف عند أقل من أربعة ملايين برميل يومياً، تقول طهران إنها تنتج أكثر من 4.2 ملايين برميل، وإن أي تخفيض للإنتاج سيكون من ذلك المستوى، وهو ما يعني أنها لن تخفض شيئاً، وفق خبراء في مجال الطاقة.
ولا يتوقع العضو المنتدب لشركة الخدمات النفطية الكويتية، علي العبيد، الاتفاق بين أعضاء أوبك على خفض الإنتاج "في حال استمرار إيران في المراوغة في تحديد مستوى إنتاجها الفعلي".
ويقول العبيد في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن موقف الكويت والإمارات سيكون مسايرا لموقف السعودية في حال قررت الخفض، ولكن ذلك يتطلب التزامات إيرانية جدية، بألا تستغل ذلك لرفع إنتاجها.
وكان ثلاثة مسؤولين إيرانيين قد أعلنوا في مؤتمر عن الطاقة في طهران منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي ثلاثة أرقام متباينة عن إنتاج النفط الخام، في تضارب حول الإنتاج الحقيقي للدولة، التي تطالب "أوبك" بإفساح المجال لها في مجال التصدير، من أجل العودة إلى مستويات ما قبل العقوبات الدولية عليها.
وبحسب وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنة، خلال ذلك المؤتمر، فإن إنتاج بلاده من الخام يبلغ 3.8 ملايين برميل يومياً، بينما قال أمير حسين زماني نيا، نائب وزير النفط للتجارة والشؤون الدولية للصحافيين، إن الإنتاج يبلغ 3.85 ملايين برميل يومياً، غير أن علي كاردور، العضو المنتدب لشركة النفط الوطنية الإيرانية، أعلن أن الإنتاج يصل إلى 3.9 ملايين برميل يوميا.
ويقول العضو المنتدب لشركة الخدمات النفطية الكويتية :" هناك شكوك كبيرة حول التزام إيران، لو خفضت السعودية ودول الخليج الإنتاج بكميات متفق عليها، فإن الجانب الإيراني سيعوض ذلك ويزيد من إنتاجه، فلا توجد ثقة تجاه طهران، لأنها تقول إنها تنتج أكثر من الواقع فعلاً".
وهناك صعوبات كبيرة تواجه اتفاق خفض الإنتاج، جراء المنافسة الشديدة بين إيران والسعودية. وكانت صحيفة "فايننشال تايمز" قد ذكرت يوم الإثنين الماضي إن السعودية قد تكون عرضت على إيران تثبيت إنتاجها البالغ 3.8 ملايين برميل يوميا، مقابل أن تخفض الرياض إنتاجها البالغ نحو 10.5 ملايين برميل يومياً بنسبة 4.5، لكن طهران الخارجة من عقوبات دولية أنهكت اقتصادها منذ 2012 وحتى 2015، ترفض خفض الإنتاج.
وكان مصدر في أوبك قد قال لرويترز إن خبراء المنظمة اختتموا اجتماعهم، يوم الإثنين الماضي، دون الاتفاق على تفاصيل محددة للخفض المزمع في الإنتاج النفطي لكل دولة والمقرر طرحه خلال الاجتماع الوزاري للمنظمة الأربعاء، مما يجعل الشكوك تلقي بثقلها على الإجراءات العملية لتنفيذ اتفاق خفض الإنتاج.
ويقول راشد أبانمي، مدير مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية في السعودية، لـ"العربي الجديد" :" على الرغم من أن حوالى 85% من تخفيضات أوبك المقترحة ستأتي من دول الخليج، إلا أن إيران لا تزال غير مؤيدة لخفض إنتاجها بالقدر المطلوب منها، أما الدول غير الأعضاء خارج أوبك مثل روسيا فهي مترددة على خفض إنتاجها بالرغم من تأييدها للتثبيت".
ويضيف :" حتى في حال الاتفاق على خفض الإنتاج فلا أتوقع أن ينعكس ذلك على أسعار النفط بشكل كبير، لأن الأسواق متخمة أصلاً بالمعروض منذ ما يزيد على العامين، إضافة إلى ارتفاع قيمة الدولار المتداول به النفط إلى مستويات هي الأعلى منذ 2003، مما يعني ارتفاع تكلفة شراء البترول للدول التي تستخدم عملات أخرى، وبالتالي قد يقلص هذا الطلب عالمياً أيضاً."
ويتابع :"لا تستطيع أوبك وحدها أن تعيد التوازن إلى السوق، مما يعني أن أسعار المنظمة لن تشهد ارتفاعا على الأقل إلى نهاية هذا العام".
وفي ظل الأجواء التشاؤمية بشأن نتائج اجتماع اليوم، بدت تصريحات وزراء النفط في بعض دول الخليج أقرب إلى أن الاجتماع سيكون تشاورياً.
وبحسب تصريحات وزير النفط الكويتي بالوكالة، أنس الصالح، فإن التركيز في الاجتماع سيكون على التفكير والتدبر فقط بشأن ما هي الخطوات الإضافية التي يمكن اتخاذها من أجل استقرار الأسواق، وليس التدخل فيها.
ويرى محمد الشطي، الخبير النفطي، صعوبة أن تتوصل الدول المنتجة إلى اتفاق لخفض الإنتاج خلال الاجتماع الرسمي اليوم، خاصة بعد أن أعلنت السعودية عدم مشاركتها في اجتماع ضم دول أوبك مع منتجين من خارج المنظمة يوم الإثنين الماضي.
ويقول الشطي لـ"العربي الجديد" :" عدم التوصل إلى قرار سينعكس بالسلب على الأسواق بتهاوي الأسعار مرة أخرى". ويبلغ إنتاج الكويت من النفط نحو 3 ملايين برميل يومياً بحسب شركة نفط الكويت.
ويقول حجاج بوخضور، الخبير النفطي، إن استكمال اتفاق اجتماع الجزائر سيكون صعباً، خاصة أن الكثير من الدول ترسل إشارات تظهر فيها عدم اهتمامها بضبط السوق.
وكان اتفاق مشابه قد باء بالفشل في أبريل/ نيسان الماضي، بسبب خلافات بين إيران والسعودية، حيث ترفض طهران المشاركة بأي اتفاق لتثبيت الإنتاج قبل عودة مستوى إنتاجها إلى ما قبل فرض العقوبات الدولية عليها، بينما تصر الرياض على مشاركة طهران في الاتفاق.