دورتموند مع توخيل...التمرد على سطوة بايرن بخطة ثلاثية الأبعاد

24 يوليو 2016
توخيل يستعد لموسم مميز مع دورتموند (Getty)
+ الخط -



"توماس يعيش كرة القدم، لديه الشغف والطموح، ولديه رغبة في التحسن والتعلم، إنه يفكر في فريقه ومنافسيه طوال الوقت، لذلك يعتبر من أفضل مدربي العالم خلال الآونة الأخيرة". عندما تأتي هذه الشهادة من مشجع لدورتموند فهذا أمر وارد وطبيعي، لكنها مختلفة ومحورية هذه المرة، لأنها أتت من بيب غوارديولا، خصم توخيل في ألمانيا لمدة عام كامل، وذلك قبل نهائي الكأس بالموسم الماضي، المباراة التي جمعت بين بروسيا وبايرن، وانتهت بفوز البافاري بركلات الجزاء.

فلسفة هجومية
يتأثر المدير الفني لدورتموند بمدرسة برشلونة وكرتها كثيرا، ويعترف بأنه مشجع قديم لهذا الفريق منذ أيام كرويف، كذلك تابعه عن قرب إبان حقبة بارسا بيب "2008-2012"، ويؤمن المدرب الشاب بأن أعظم شيء ممكن هو الحصول على الكرة من المنافس بشكل سريع، أي بمجرد قطع اللعبة، يجب أن يتحرك الفريق بطريقة جماعية من أجل هدف واحد فقط، إعادة الهجمة لصالحهم دون تردد.

الحق يقال إن توماس ليس مدربا يعيش على التقليد، بل يحترم أيضا الفكر الألماني القائم على التحولات السريعة والضغط المرتفع، لذلك كان يطلب من لاعبيه باستمرار أثناء قيادته لماينز بلعب الكرات الطولية في نصف ملعب المنافس، حتى يحاول سريعا الانقضاض على المدافعين، ومحاولة الوصول إلى المرمى بأقل عدد ممكن من التمريرات.

لذلك حينما جاء إلى دورتموند بعد يورغن كلوب، لم يتأثر أبدا وسار وفق نهجه الخاص، ليجعل الفريق أكثر جرأة وقوة في الشق الهجومي، ويجمع بين عنصر المرتدات الذي اشتهر به كلوب، وأسلوب الحيازة والسيطرة الأقرب إلى قلبه، ليتحول بروسيا إلى مزيج بين الاستحواذ والتحولات في آن واحد، وفق ظروف المباريات وقدرات الخصوم.

نهاية التكرار
صنع كلوب فريقاً عظيماً مع دورتموند، فاز ببطولات عديدة محلية ووصل إلى نهائي الشامبيونزليغ، لكن شيئاً ما أوقف المشروع بعد 2013، ربما كثرة الإصابات هي السبب، أو رحيل ليفاندوفيسكي وغوتزه إلى بايرن، وعدم تعويضهما بالشكل الكافي، لكن المتابع الجيد لهذا الفريق، سيدرك حتما أن أسلوب دورتموند مع يورغن في السنوات الأخيرة بات متكررا ورتيبا إلى حد ما، لدرجة أن معظم منافسيه قاموا بحفظه عن ظهر قلب.

تشير لغة الإحصاءات إلى أن دورتموند كلوب يلعب بشكل أفضل في بطولات أوروبا، عندما يترك الكرة لمنافسيه، ويعتمد أكثر على الضغط والمرتدات، بينما في بطولة الدوري المحلي، يضطر للمبادرة بالهجوم مع عودة الفرق إلى مناطقها الدفاعية، وهنا يحدث الخلل الكبير، ويفشل الجانب الأمامي في صنع خطورة حقيقية، لأن المدرب المغامر اعتاد على اللجوء إلى استراتيجية رد الفعل، وهز الشباك عن طريق اللعب العمودي السريع.

توخيل في المقابل نجح سريعا في علاج هذه السلبية، لأنه رجل يؤمن بالفكر الهجومي أساساً، مما زاد من أرقام الاستحواذ في كل مباراة، وجعل الفريق أفضل في المساحات الضيقة مستغلا أنصاف المسافات، بواسطة الأظهرة المتقدمة إلى الخط الجانبي، والأجنحة التي تصنع العمق رفقة المهاجم، مع لاعبي الوسط والمدافعين من أصحاب التمريرات الماكرة المفاجأة.

يقول سوبيتيتش عن هذه المرحلة، "مع توخيل تعلمنا أساليب جديدة في الحيازة، كيف تستلم الكرة تحت الضغط، وأين تمررها بعد ذلك، وما فائدة بعض التمريرات العرضية التي تسبق التمريرة الطولية المطلوبة تجاه الهجوم والوسط".

يعمل المدرب الشاب وفق أساليب التدريب الحديثة، من خلال جعل لاعبيه يتدربون في مساحات مختلفة، ملاعب ضيقة، متوسطة، أصغر كثيرا من الملاعب الحقيقية، وذلك حتى يجبرهم على التفكير بشكل أفضل تحت الضغط في المباريات الكبيرة.

مقولة جوردان
كعادته بعد كل موسم، يفقد دورتموند مجموعة من أبرز نجومه بسبب الميركاتو، وانتقل جاندوجان هذا الصيف إلى مان سيتي، بينما نجح مان يونايتد في إغراء مخيتريان، وكانت الصفعة الأكبر في رحيل مات هوميلز إلى الخصم اللدود بايرن ميونخ. الاختلاف فقط هذه المرة أن إدارة بروسيا تعاملت باحترافية شديدة مع هذه الأزمة، وقامت بعمل موسم انتقالات تاريخي من البداية وحتى الآن.

تعاقد النادي مع مواهب شابة مثل إيمري مور وعثمان ديمبلي، مع أسماء خبيرة كغوتزه وشورله، بالإضافة إلى المدافع بارك بارترا والظهير البرتغالي جوريرو، رفقة لاعبي الوسط رودي وميرينو، ليتم إعادة هيكلة المجموعة من جديد، في إشارة واضحة على سيطرة وقوة نفوذ توخيل، الرجل الذي أتى بتوليفة مهارية هجومية تجيد الاحتفاظ بالكرة، وتعشق المراوغة في العمق وعلى الأطراف، ليستمر في محاولة تطبيق فكره الجريء خلال الموسم المنتظر.

يستشهد توخيل دائما بمقولة الأسطورة مايكل جوردان، "لقد قمت بإضاعة 9000 رمية في مسيرتي، خسرت قرابة 300 مباراة، 26 مرة أقرر تسديد اللعبة الفاصلة وتضيع، فشلت كثيرا وكثيرا وكثيرا، لذلك نجحت في النهاية"، إنها كلمات تلخص باختصار طريقة تفكير قائد دورتموند، المدرب المقتنع بفكرة التجربة، وضرورة التجديف ضد التيار، من أجل إيجاد طرق جديدة، وابتكار تركيبات غير تقليدية. السر ليس في الرحلة بل في دائرتها، وبعبارة أوضح، كل هذه الصفقات ستقوده حتما إلى شكل خططي مجنون في القادم.

ثلاثية الأبعاد
حقق بروسيا فوزا كاسحا على اليونايتد في آخر المباريات الودية، وظهر خلال اللوحة التكتيكية الخاصة بتوخيل، أنه يفكر في تجربة خطة 3-2-4-1، التي تتحول إلى 3-7 في الحالة الهجومية، و 3-4-2-1 أثناء الدفاع، مع خيار تمركز خمسة لاعبين في الخلف أثناء محاولة بناء الهجمة.

يقول المنطق إن خطة لعب 4-3-3 أو 4-1-4-1 هي الأقرب والأكثر واقعية، جيريرو، بيتشيك، بارترا، وسوكراتيس في الدفاع، رفقة فيجيل كلاعب ارتكاز وحيد، أمامه كاسترو أو رودي رفقة جوتزه لاعب الوسط الهجومي، أو فيجيل بمفرده خلف الرباعي الهجومي المتحرك، كاغاوا وغوتزه وديمبلي أو شورله ورويس، وفي قلب المنطقة أوباميانغ.

لكن ماذا عن ثلاثي الخلف في بعض المباريات؟ الطريقة التي يفضلها أكثر من مدرب مؤخرا، وتعرف عالميا بأنها ثلاثية الأبعاد، لكونها غير تقليدية وتخلق مزيدا من التنوع دفاعا وهجوما، بالأخص فيما يتعلق بالنجوم أصحاب المهارات الخاصة.

تكمن قيمة اللعب بثلاثي دفاعي صريح في أنها تعطي خيارات تمرير أكبر عند ضغط الخصم، لأنه من الصعب جدا الضغط على ثلاثة لاعبين بالإضافة إلى ثنائي الأطراف، وبالتالي يصعد بروسيا بكل سهولة إلى منطقة جزاء الفريق المقابل، كذلك تعطيه ميزة في الاختراق الهجومي في أنصاف المسافات.

عندما يلعب فيجيل في الارتكاز بجوار كاسترو كمثال خلف بيندر، بارترا، سوكراتيس، فيصبح هناك مساحة أكبر لتحرك جوتزه بالتبادل مع رويس على اليسار، وكاغاوا رفقة ديمبلي على اليمين، مع التغطية العكسية من ثنائي الارتكاز أثناء المرتدات، فيقوم فيجيل بلعب دور المدافع الرابع في العمق، بينما زميله الآخر يحصل على وظيفة الظهير تجاه الرواق وهكذا، من أجل التحول دفاعيا إلى ما يشبه 4-1-4-1، في رحلة طويلة للغاية، لإزاحة بايرن من على عرشه المحلي.

المساهمون