دنماركيون يوصون دفنهم بغياب القس والإمام والحاخام

19 مارس 2019
الدفن في مقابر البلد خارج مساهمة السلطات الدينية(ناصر السهلي)
+ الخط -
كشفت أرقام رسمية حديثة عن مكتب "الإحصاء الدنماركي" (جهة رسمية معنية بأرقام وتوجهات مجتمع البلد بكافة نواحيه)، أن تزايداً متسارعاً يشهده البلد في عمليات الدفن في مقابر البلد خارج مساهمة السلطات الدينية، أي "بغياب قس أو إمام أو حاخام". 

ووفقاً للإحصاء الدنماركي الصادر ​أمس الإثنين، فإنه وإلى وقت قريب "كانت عملية الدفن تجرى بحسب التقاليد المعروفة بمشاركة قس"، بالنسبة للأغلبية المسيحية في البلد، ولكنها باتت الآن أقل من السابق "فرغم أن الكنائس واجهت تحديات كثيرة وطويلة خلال السنوات الماضية، ورغم أن الدنماركيين تمسّكوا بمراسم التعميد والزفاف في الكنائس، إلا أن الأمر يبدو مختلفاً حين يتعلّق بنهاية الحياة".

وبحسب الأرقام، فإن نحو 8846 شخصاً اختاروا العام الماضي دفناً غير ديني "أي بعدم حضور قساوسة أو أئمة أو حاخامات، ما يعني تراجعاً في سلطة الأخيرين في نهاية حياة الموتى في البلد"، كما أشارت اليوم الثلاثاء صحيفة "كريستلي داوبلاديت"، الأقرب إلى الخط الديني في التحرير. ووفقاً للأرقام التي يقدمها المركز الدنماركي فإن "زيادة بنسبة 84 في المائة شهدتها الأعوام الماضية مقارنة بعام 2006 (وهو عام بداية إحصاء طرق الدفن) في أعداد الدفن غير التقليدي".

وتشير "كريستلي دوابلاديت"، نقلاً عن أستاذة اللاهوت بجامعة آرهوس (وسط غرب)، أولا شميت، إلى أن الدنمارك "تشهد تراجعاً بطيئاً في نسبة المؤيدين للكنيسة الشعبية (البروتستانتية)". وتقود شميت مشروعاً في الجامعة يتعلق بالدفن ودور الدين في الدنمارك. وتذكر في السياق أن "الكنيسة كانت أقوى فيما خص نهايات حياة البشر، لكن يبدو الآن أننا أمام بطء في انخفاض دورها". وتشير الباحثة شميت إلى أنه لفترة طويلة عملت الكنيسة على مشاريع رفع نسب المعمودية والزواج الكنسي "إلا أنه من الواضح أننا أمام ظرف جديد فيما يتعلق بانخفاض الجنازات الدينية، دون أن تستطيع الكنيسة فعل شيء لمواجهة التراجع".

دفن المسلمين في الدنمارك (ناصر السهلي)



التراجع عن الدفن الديني (ناصر السهلي)





ويلحظ معدو الأرقام أن العاصمة كوبنهاغن شهدت أعلى نسب التراجع عن الدفن الديني، إذ "اختار نحو ثلث المتوفين أن يدفنوا دون وجود ممثلين للطوائف الدينية". وعلى صعيد كل البلد (الدنمارك) فإن 16 في المائة ممن دفنوا العام الماضي، من بين 55 ألفاً و262 متوفى، لم يختاروا دفناً تقليدياً دينياً، ومقارنة بعام 2006، إذ اختار فقط 9 في المائة هذه الطريقة، يعتبر الدنماركيون الزيادة كبيرة. وبالنسبة للأستاذة شميت فإن مردّ ذلك يمكن أن يكون "لأسباب تتعلق بانتشار طوائف دينية متعددة الأديان بحيث شكل ذلك تراجعاً في دور الكنيسة التقليدية وأنها لم تعد الخيار الوحيد".

دفن إسلامي في الدنمارك (ناصر السهلي)



من الجدير ذكره أن الكنيسة في البلد تشرف عليها "وزارة الثقافة والكنائس" ويفرض على المواطنين استقطاع ضريبي شهرياً على الدخل، لمن هم أعضاء في الكنيسة الرسمية، لقاء خدمات متعددة، ويشار إلى أن نحو 78 في المائة من الشعب هم أعضاء فيها، وهي نسبة في تراجع عما كان الأمر عليه قبل نحو 3 عقود، إذ كانت النسبة تصل إلى نحو 90 في المائة.

دلالات