13 يونيو 2021
دلالات خارجية لتسريبات مصرية
أثارت تسريبات بثتها قناة مكملين عن توجيهات ضابط في المخابرات الحربية المصرية إلى إعلاميين وفنانات، بشأن التعاطي مع قضايا داخلية وخارجية، تساؤلات عن دلالاتها الداخلية، أي مدى تأثيرها في المشهد الداخلي في مصر. وربما اتضح منها الدلالة الرئيسية في الرغبة في تهيئة الأجواء لفوز عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإبعاد جميع الخصوم، سواء من فكر في الأمر مثل أحمد شفيق، أو من تسول له نفسه في الترشح، مع اقتراب موعد فتح باب الترشح لها، وكذلك التغاضي عن الخلافات داخل المعسكر المؤيد له (الخلاف بين الإعلامي عزمي مجاهد وتامر عبد المنعم ووليد حسني في قناة العاصمة). لكن ربما الأهم، أو الذي لم يسلط عليه الضوء بصورة أكبر، ما يتعلق بالدلالات السياسية الخارجية لهذه التسريبات، سواء ما يرتبط منها بقضية القدس والموقف من إلإسلاميين في الخارج، خصوصا "الإخوان المسلمين"، سواء من حركة حماس الفلسطينية أو حزب الإصلاح في اليمن، أو العلاقة مع دول الخليج.
بالنسبة لقضية القدس، واضح أن هذا النظام جاء لتصفية القضية الفلسطينية على الوجه الذي ترضاه الإدارة اليمينية الجمهورية، المتطرّفة، في الولايات المتحدة، ونظيرتها الليكودية في
إسرائيل، في إطار ما تعرف بصفقة القرن التي باتت حقيقة باعتراف الضابط في تسريباته، وعلى نحو يلغي أن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة، مع إمكانية البحث في رام الله بديلة، وليس حتى أبو ديس الملحقة بالقدس. وليحقق هذا النظام ما لم يحققه سابقوه، بما في ذلك الكنز الاستراتيجي لإسرائيل، المخلوع حسني مبارك، ومن المفارقة أن أنصار هذا النظام يتحدثون عن تطابق أيدولوجي بين شخصيتي السيسي وجمال عبد الناصر الذي كان يرفض أساسا فكرة التطبيع مع إسرائيل.
ويبدو أن السيسي يرغب في إنهاء فكرة الانتفاضة، حتى وإن كان سلاحها الحجارة للحصول على الحقوق المشروعة التي أقرّتها المواثيق الدولية والهيئات الأممية، من دون اكتراث بمشاعر الشعب الفلسطيني، والسبب أن الانتفاضة تعني بروز دور حركة حماس مجددا. ومعنى هذا أن خصومة النظام الحاكم في مصر لحركة حماس تدفعه إلى وأد الحقوق الفلسطينية التي يتظاهر علنا بأنه يدافع عنها، وبأنها القضية الرئيسية الخارجية لنظامه. وتُظهر هذه التسريبات استمرار الحنق على "حماس" وعلى "الإخوان المسلمين" في الخارج أيضا، على الرغم من قبول الأولى لعب مصر دور الوسيط في المصالحة مع حركة فتح، وكذلك تقارب إخوان اليمن (حزب الإصلاح) مع السعودية بعد مقتل علي عبدالله صالح، وهو تقارب بات يضايق نظام السيسي أيضا، ويسعى إلى إفشاله، حتى لا يعود هؤلاء إلى الواجهة مجددا. وكان يفترض أن يحرّض الضابط ضد الرياض بسبب هذا التقارب، لكن يبدو أنه يسعى إلى إفشالها في صمت، حتى لا يغضب النظام السعودي. لكن هذا يظهر أيضا مدى وجود تباين بين القاهرة والرياض في التعاطي مع الملف اليمني، ومتعلقاته الخاصة بإيران وحزب الله، وهو ما يوضح أن هذه العلاقة ربما تتراجع مع إتمام صفقة القرن التي سيلعب فيها الطرفان دور العرّاب في التطبيع مع إسرائيل.
وبالنسبة لدول الخليج، ربما جاءت التسريبات كاشفةً عن استمرار الموقف المصري المناوئ
لقطر، وإصرار القاهرة، على الرغم من بعدها الجغرافي، على أن تصبح طرفا فيها والوقوف مع الإمارات والسعودية في خندق واحد. لكن الجديد هو موقف السيسي من الكويت، والسعي إلى الضغط عليها من أجل الوقيعة بينها وبين قطر، وحتى تصبح الأخيرة وحيدة في الأزمة. وربما المؤسف هو استغلال حادثة التعدّي على مواطن مصري هناك، للتصعيد ضدها وفق منطق العصا والجزرة، وكأن ما يهم ليس كرامة المواطن المصري. يتم التعاطي مع الكويت بهذه الطريقة، وباستخدام منطق العصا والجزرة، باعتبار "الخلايجة"، بصيغة العموم، لا يعرفون سوى هذه الطريقة. ولكن، هل يمكن أن تتخذ دول الخليج إجراءات عقابية ضد القاهرة، أقلها ما يتعلق بأوضاع العمالة المصرية العاملة هناك، وربما يتطور الأمر إلى أكثر منذ ذلك فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية؟ ربما ترجئ الكويت اتخاذ أي من هذه الإجراءات، لحسابات خاصة بها، ولكن تظل هذه التسريبات في الذاكرة، ويمكن استدعاؤها عند اللزوم. بل ربما يتكرّر هذا المشهد مع الدول الخليجية الحليفة بعد انتهاء أزمة حصار قطر، وأقصد السعودية والإمارات التي لن تنسى ما قيل عنها، في تسريبات سابقة، إن لديها فلوسا "زي الرز"، وإنها أشباه دولة. وأخيرا، لا تعرف سوى العصا والجزرة. ويُخشى هنا أن ترفع هذه الدول، مع الأسف، العصا والجزرة في التعامل مع السيسي والمصريين مستقبلا.
بالنسبة لقضية القدس، واضح أن هذا النظام جاء لتصفية القضية الفلسطينية على الوجه الذي ترضاه الإدارة اليمينية الجمهورية، المتطرّفة، في الولايات المتحدة، ونظيرتها الليكودية في
ويبدو أن السيسي يرغب في إنهاء فكرة الانتفاضة، حتى وإن كان سلاحها الحجارة للحصول على الحقوق المشروعة التي أقرّتها المواثيق الدولية والهيئات الأممية، من دون اكتراث بمشاعر الشعب الفلسطيني، والسبب أن الانتفاضة تعني بروز دور حركة حماس مجددا. ومعنى هذا أن خصومة النظام الحاكم في مصر لحركة حماس تدفعه إلى وأد الحقوق الفلسطينية التي يتظاهر علنا بأنه يدافع عنها، وبأنها القضية الرئيسية الخارجية لنظامه. وتُظهر هذه التسريبات استمرار الحنق على "حماس" وعلى "الإخوان المسلمين" في الخارج أيضا، على الرغم من قبول الأولى لعب مصر دور الوسيط في المصالحة مع حركة فتح، وكذلك تقارب إخوان اليمن (حزب الإصلاح) مع السعودية بعد مقتل علي عبدالله صالح، وهو تقارب بات يضايق نظام السيسي أيضا، ويسعى إلى إفشاله، حتى لا يعود هؤلاء إلى الواجهة مجددا. وكان يفترض أن يحرّض الضابط ضد الرياض بسبب هذا التقارب، لكن يبدو أنه يسعى إلى إفشالها في صمت، حتى لا يغضب النظام السعودي. لكن هذا يظهر أيضا مدى وجود تباين بين القاهرة والرياض في التعاطي مع الملف اليمني، ومتعلقاته الخاصة بإيران وحزب الله، وهو ما يوضح أن هذه العلاقة ربما تتراجع مع إتمام صفقة القرن التي سيلعب فيها الطرفان دور العرّاب في التطبيع مع إسرائيل.
وبالنسبة لدول الخليج، ربما جاءت التسريبات كاشفةً عن استمرار الموقف المصري المناوئ