عاد أمن الخليج ليتصدّر واجهة الأحداث، مع إعلان سلطات جبل طارق، الخميس، اعتقال قبطان الناقلة الإيرانية المحتجزة، بعد ساعات من تأكيد بريطانيا محاولة ثلاثة زوارق إيرانية اعتراض سبيل ناقلتها "بريتيش هيريتدج" في مضيق هرمز، وسط تحذيرات دولية من استمرار التصعيد.
وقالت شرطة جبل طارق، اليوم الخميس، إنها ألقت القبض على قبطان ومسؤول ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" بتهمة خرق العقوبات الأوروبية على سورية، مضيفة أنها صادرت منها وثائق وأجهزة إلكترونية.
وكانت قوة بحرية بريطانية قد اعتلت الناقلة، في 4 يوليو/ تموز، قبالة منطقة جبل طارق، واحتجزتها للاشتباه في خرقها العقوبات الأوروبية بنقل نفط إلى سورية.
وقالت الشرطة، في بيان، إنّ "التحقيق لا يزال جارياً، وإنّ غريس 1 لا تزال محتجزة".
وفي 5 تموز/ يوليو، حذر القائد السابق للحرس الثوري الإيراني محسن رضائي، من أن إيران قد تحتجز ناقلة نفط بريطانية رداً على احتجاز ناقلتها.
وفي وقت سابق، اليوم الخميس، أكدت بريطانيا محاولة ثلاثة زوارق إيرانية اعتراض سبيل ناقلتها "بريتيش هيريتدج" في مضيق هرمز، وانسحاب هذه الزوارق بعد تحذيرات من فرقاطة بريطانية، وهو ما نفته إيران بشدة.
وقال ممثل للحكومة البريطانية في بيان، إنّ "الفرقاطة مونتروز اضطرت للتمركز بين السفن الإيرانية وبريتيش هيريتدج، وأصدرت تحذيرات شفهية للسفن الإيرانية التي ابتعدت حينها"، معرباً عن قلق بلاده "إزاء هذا التصرف"، و"مواصلة حثّ السلطات الإيرانية على تهدئة الوضع في المنطقة".
في المقابل، أصدرت المنطقة الخامسة للبحرية التابعة لـ"الحرس الثوري الإيراني"، بياناً نفت فيه أي محاولة من قبل قواتها التي تشرف على مضيق هرمز لتوقيف أي ناقلة نفط بريطانية.
وقال "الحرس" في البيان، إن دورياته البحرية تمارس كالمعتاد مهامها في المنطقة، وأنه خلال الساعات الـ24 الماضية لم تحدث أي مناوشة مع السفن الأجنبية، ومنها السفن البريطانية.
وأضاف البيان أنّه في حال تلقي أي تعليمات وأوامر لتوقيف سفن وناقلات أجنبية، فإن البحرية التابعة للحرس ستنفذها دون تردد أو إبطاء، وبكل حزم وسرعة.
في هذه الأثناء، نقلت محطة "سكاي نيوز" البريطانية، عن مصادر لم تسمّها في قطاع الملاحة، تأكيدها أنّ بريطانيا أوصت كلّ السفن التي ترفع علمها بتوخي "أقصى درجات الحذر" في مضيق هرمز.
كما نقلت عن متحدثة باسم هيئة النقل قولها إن "الهيئة، كسلطة ذات اختصاص، تقدم المشورة في الأمور الأمنية بشكل منتظم للمملكة المتحدة والسفن المسجلة في بريطانيا بشأن كيفية عملها في المناطق عالية المخاطر".
وفي السياق نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر أمني بريطاني، قوله إنّ "بريطانيا رفعت مستوى أمن الملاحة لأعلى مستوى بالنسبة للسفن البريطانية المارة بالمياه الإيرانية".
وحذر المصدر من أنّ "بريطانيا ستكون حازمة في دفاعها عن المصالح البحرية البريطانية في الخليج لكنها لا تسعى للتصعيد".
واشنطن: تهديد حرية الملاحة الدولية يستلزم حلاً دولياً
وتوالت ردود الفعل الدوليّة على التطورات الأخيرة. فقد شدّدت القيادة المركزية الأميركية على أنّ "تهديد حرية الملاحة الدولية يستلزم حلاً دولياً".
وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية الكابتن بيل أوربان، في بيان، وفق ما أوردته "رويترز"، إنّ "الاقتصاد العالمي يعتمد على التدفق الحر للتجارة ومن الواجب على كل الدول حماية وصيانة هذا العنصر الحيوي للازدهار العالمي".
البنتاغون: خطط لمواكبة الناقلات في الخليج
وفي السياق، أعلن جنرال أميركي كبير، اليوم الخميس، أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها، تناقش خططاً لتأمين مواكبة لناقلات النفط في الخليج.
وقال الجنرال مارك مايلي المرشح ليكون قائد الأركان المشتركة، أمام مجلس الشيوخ، بحسب ما ذكرته "فرانس برس"، إن الولايات المتحدة لديها "دور حاسم" في ضمان حرية الملاحة في الخليج، وأنّ واشنطن تسعى لتشكيل تحالف "بشأن تأمين مواكبة عسكرية، مواكبة بحرية للشحن التجاري"، مضيفاً "أعتقد أنّ ذلك سيتبلور في الأسبوعين المقبلين".
فرنسا تستبعد خروج الوضع عن السيطرة
وتعليقاً على التطورات المتسارعة في مياه الخليج، استبعد قائد الجيش الفرنسي خروج الوضع عن السيطرة.
وقال قائد القوات الفرنسية المسلحة فرانسوا لوكوانتر، اليوم الخميس، إنّه من غير المرجح أن تخرج التوترات في الخليج عن نطاق السيطرة، وفق ما نقلت "رويترز".
وأضاف لوكوانتر لقناة "سي نيوز": "هناك صراع إرادات قائم بين الولايات المتحدة وإيران يظهر في المواقف وردود الفعل والإشارات التي يمكن بين عشية وضحاها أن تخرج عن نطاق السيطرة".
موسكو: مخاطر حصول مواجهة مباشرة ارتفعت كثيراً
في المقابل، وصف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الوضع بـ"المقلق جداً"، مضيفاً: "نرى أنّ مخاطر حصول مواجهة مباشرة ارتفعت كثيراً في الآونة الأخيرة، وازدادت أكثر فأكثر صعوبة توقّع التطور المستقبلي للأحداث". ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" الرسمية عنه قوله إنّ "واشنطن قامت بكل شيء لكي تستمرّ هذه الأزمة، ويستمر هذا التفاقم".
بدوره، أعلن الكرملين أنه يتابع الوضع "عن كثب"، مؤكداً تمسّكه بحرية الملاحة من دون شروط في الخليج ومضيق هرمز، حرصاً على حسن سير "الاقتصاد العالمي".
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين: "نناشد الجميع مجدداً ضبط النفس في الخليج الفارسي، بهدف عدم مفاقمة الوضع وحلّ كل المسائل الحساسة عن طريق الحوار".
الأمم المتحدة: أي تصعيد في الخليج سيكون كارثياً
وفي المواقف، أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنّها على دراية برواية الجانبين الإيراني والبريطاني بشأن أنباء احتجاز ناقلة بحرية تابعة للأخيرة بمضيق هرمز، وحذرت من أن "أي تصعيد سيكون كارثياً على المنطقة".
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، في مؤتمر صحافي بالمقر الدائم للمنظمة الدولية بنيويورك، وفق ما أوردته "الأناضول"، إنّ "الأمين العام أنطونيو غوتيريس، طالب مراراً جميع الأطراف بعدم التصعيد، ودعا إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وضمان حرية الملاحة في الخليج".
وأضاف: "نحن على دراية برواية الطرفين بشأن ناقلة النفط البريطانية بمضيق هرمز"، محذراً من أنّ "أي تصعيد سيكون كارثياً على المنطقة".