دعوات تجنيد المصريات..تماهٍ مع السلطة أم نزوع إلى المساواة؟

23 ابريل 2015
تعمل النساء في الأجهزة الأمنية في وظائف غير قتالية(Getty)
+ الخط -

يوظف الجيش المصري أعدادا محدودة من النساء في مهام غير قتالية، بينما تطالب مؤيدات للنظام الحالي بالسماح لهن بحمل السلاح لمحاربة الإرهاب. لكن الشابة المصرية، دينا ماهر، (26 عاما) قالت إن تجنيد الفتيات لن يفيد الوطن بأي شيء، وتقول "كلنا لنا إخوة وأقرباء وأصحاب مجندين في الجيش، ونعرف منهم أنهم في الجيش (مبيفيدوش) الوطن بأي طريقة". وتعالت في مصر مؤخرا مطالبات من مجموعات صغيرة من الفتيات تطالب بمد مظلة التجنيد في مصر، التي تشمل كافة الذكور المؤهلين بدنيا لذلك، إلى النساء.

وبدأت هذه الدعوات في مصر على استحياء منذ 2011، من خلال صفحات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مثل "نعم للتجنيد الإجباري للبنات" لكنها لم تلق قبولا جماهيريا أو اهتماما إعلاميا، فالصفحة التي تحمل هذا الاسم لم يصل عدد المعجبين بها 200 شخص بعد عامين على وجودها على "فيسبوك". ولكن الاهتمام الإعلامي بهذه المطالبات زاد في الآونة الأخيرة في مصر، خاصة بعد تولي رئيس قادم من المؤسسة العسكرية، عبد الفتاح السيسي، مقاليد الرئاسة، وعسكرة كثير من المناصب والمؤسسات في مصر. ونظمت فتيات مؤيدات لهذه المطالبات وقفات لإبراز قضيتهن، خاصة في الجامعات، كما تناولت وسائل الإعلام العربية الموضوع بتوسع.

وقالت جهاد الكومي، مؤسسة حملة "مجندة مصرية"، "إن سبب رغبة عضوات الحملة في الانضمام إلى الجيش المصري هو أن تقوم الفتيات بمواجهة الجماعات الإرهابية"، وأشارت إلى أنها ترغب في "أن يكون تجنيد الفتيات بشكل اختياري". وعضوات الحملة مؤيدات للنظام السياسي الحالي، وطالبت مؤسسة الحملة أكثر من مرة بلقاء الرئيس المصري، السيسي، لعرض مطالبات الحملة الخاصة بتجنيد الفتيات عليه.

وتعتبر دينا ماهر أن هذه "مطالبات مختلة"، وقالت إن أهم ما يقوم به المجندون هو التغطية على فشل الإدارة السياسية في مصر. وتواجه مصر اضطرابات سياسية وعمليات مسلحة من أطراف معارضة، ومجموعات تتهمها السلطات باستخدام الإرهاب، منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي قبل أكثر من عام. ولكن مي غيث، الباحثة المصرية (29 سنة) تقول: "أنا مؤيدة للفكرة بشكل عام، ولكن هناك بعض التفاصيل التي لا بد من أخذها في عين الاعتبار، مثل طبيعة المهام التي ستضطلع بها الفتيات في التجنيد وأماكن التدريب".

وإضافة للمهمات القتالية يشرف الجيش المصري على أنشطة اقتصادية كبيرة، ويشغل من خلالها آلاف الضباط والمجندين محطات للوقود ومزارع ومصانع وشركات للمقاولات، كما ينشط الجيش في تأمين المواقع الحكومية، وشارك في قمع العديد من الاحتجاجات منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

وشاركت النساء بقوة في مختلف فعاليات الثورة المصرية، ومنها الاشتباكات التي اندلعت في ميدان التحرير خلال يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2011 ثم بشكل متقطع منذ ذلك الحين وحتى 2014.

ويوظف الجيش المصري أعدادا محدودة من النساء في مهام بسيطة، لكنهن لا يشاركن في مهام قتالية، كما يتم توظيف النساء في الشرطة المصرية، حيث يتواجدن بقوة في إدارات مثل "الجوازات"، كما أصبح لهن وجود كبير في شرطة مكافحة التحرش التي تأسست العام الماضي.

وعلقت منى عزت، القيادية في حزب "العيش والحرية" المصري (تحت التأسيس)، على مطالبات تجنيد النساء في الجيش المصري بقولها "إن هذه المطالبات تنطلق من منطق معقول وسيساهم في تغيير نظرة المجتمع للمرأة، مضيفة أن استبعاد النساء من عمليات التجنيد يتم أساسا بسبب النظرة التقليدية للنساء التي تحصر أدوراهن داخل الأسرة، وفي أدوار اجتماعية معينة".

وتضيف عزت "إن الفكرة الرئيسية أن من حق النساء الالتحاق بالجيش أو بالشرطة، وأن يكون متاحا لهن الوصول إلى مختلف المناصب والوظائف، طالما اجتزن الاختبارات، واستوفين الشروط المطلوبة لهذه الوظيفة".

وتقول إن أساس موقفها هو رفض استبعاد النساء من أي وظيفة على أساس النوع، وأن موقفها هذا ينطبق على استبعادهن من قطاعات أخرى خدمية أو صناعية، مثل قطاع التعدين والمحاجر على سبيل المثال.

وتميز القوانين المصرية ضد النساء في مجال العمل حيث تحظر عليهن ثلاثين عملا، كما أن كثيرا من المؤسسات تلجأ إلى تعيين ذكور فقط في العديد من الوظائف؛ بحجة أن بعض الوظائف لا تقدر عليها النساء بدنيا أو نفسيا. ومن جانبها تقول "مي غيث" إنها مع تأييدها لفكرة تجنيد النساء في الجيش، تفضل أن يتم بحث ذلك بشكل جيد، وخاصة بحث تكلفة ذلك على اقتصاد البلاد.

وتمثل النساء أغلبية العاملين في قطاعات التعليم والتمريض في مصر، كما أن نحو ثلث الأسر المصرية حاليا تعولها النساء كليا أو جزئيا.

(مصر)

المساهمون