03 نوفمبر 2024
دستور روسي يخرق الاتفاقيات
تدخل العملية العسكرية في درعا مرحلة خطيرة، ويزيد الوضعَ الإنساني تدهوراً رفضُ الأردن استقبال أيِّ لاجئ، يصل عن طريق الحدود السورية، أما عسكرياً فقوات النظام تتقدّم بسرعة، مدعومةً بغطاء جوي روسي وغض نظرٍ دولي. يستخدم النظام الأسلوب المعتاد، فيقطع أوصال المنطقة، ثم يستفرد بها، ويهجّر أهلها. وعلى التوازي، تبدو مرحلة إعداد الدستور حامية، وفي منتهى الجدية، وكل الجهات تنشط في تسمية مندوبيها لتشكيل اللجنة الدستورية.
تخرق قوات النظام والأسلحة الروسية اتفاقيات خفض التوتر من دون اكتراثٍ، ومن دون حاجةٍ لتقديم أي تبرير، فيما تجري العمليات لإخراج دستورٍ جديدٍ في سياق خرق قرار مجلس الأمن 2245 الذي يتحدث عن فترة انتقالية، ويبدو أن المرحلة المقبلة تقوم على جملةٍ من الخروق القانونية والعسكرية، وهذا أصبح حالةً غير مستهجنة، عند تناول الشؤون التي تخص السوريين.
يتجاوز الحديث عن الدستور قضية الدستور نفسه إلى الإيحاء بنتيجةٍ ذات مغزى، وهي أن الحرب انتهت، أو حسمت، وحان الوقت لإرساء قواعد إدارية للدولة، وأولها الدستور. ومن المعروف أن هذه الوثائق يضعها المنتصر، وهذا الأمر لم يبدأ الآن، بل بدأته روسيا في يناير/ كانون الثاني 2017 في أستانة، عندما أخرجت من أدراجها دستوراً ووضعته فوق الطاولة، وقالت إنه مقترحٌ لما بعد انتهاء الصراع. لم يهتم أحدٌ بتلك النسخة حينها، وحتى أن وفد النظام لم يكترث لها كثيراً، لكن هذا الدستور قد يعطي، بطريقةٍ ما، إشارةً لما تريده روسيا في سورية، وقد يكون الوقت الحالي مناسباً للحديث عن ذلك، وهي تخوض معركة جديدة، تبدو نتيجتها مضمونة.
تفضل روسيا عبر الدستور الذي قدمته وجود دولةٍ مركزيةٍ قويةٍ، عبر تعويم الرئيس على أنه ضمانة لاستقلال الوطن، وحمايته، ووحدة أراضيه وسلامتها، وتعطيه سلطة تعيين البعثات الدبلوماسية، وتمنحه قوةً مطلقةً بوضعه على رأس الجيش، وصلاحية إعلان الحروب. وتتعدّى سيطرة الرئيس على الجيش إلى كل قوة عسكرية، أو شبه عسكرية، وفوق ذلك كله تعطيه مدةً دستورية، ليمارس فيها هذه الصلاحيات، تبلغ سبع سنوات، وهي مدة طويلة، بالمقارنة مع شكل التغيرات الاجتماعية التي قد تحدث. وعلى الرغم من الاسم الرسمي للنظام السياسي المقترح من روسيا، والموصوف أنه برلماني، فإن البرلمان فيه قليل التأثير والفعالية، لصالح رئيس قوي يعكس شكل الدولة المركزية، المعتمدة بنظامها على مزاج القصر الجمهوري. ويمكن تأكيد أن هذا النموذج السياسي المقترَح هو السائد في المحيط الجغرافي الروسي، وهو شكل من الاستقطاب الأوراسي الذي تعتبر فيه روسيا دولةً مركزية، وتحاول اعتماده في سورية، إن لم يكن عبر هذا الدستور الذي قدمته بنفسها، فبواسطة دستورٍ آخر، يستوحى منه ولا يخرج عنه إلا بطريقة الصياغة النحوية. وهي، بهذا المقترح، تكون قد قدّمت وجهة نظرها التي تعتقد أنه سيتم احترامها في نهاية المطاف، لأن ما تحقق في سورية كان بفضل السوخوي وصواريخ إس 400 ذات الصيت الذائع.
تبدو روسيا الآن مسيطرةً على الأرض تماماً، ولديها سيطرة إضافية في الجنوب، بعد إبعاد إيران ومليشياتها عنه، بالاتفاق مع إسرائيل. ولن تستطيع روسيا المحافظة على هذه الوضعية عليها زمناً طويلاً، فلا بد لها من غطاء دولي يمنحها هذه الأفضلية، ويبدو مؤتمر جنيف بوابةً مهمة لذلك. وهي تريد إقرار دستور مناسب، يمكن أن يمنحها كل الأسهم التي تريدها، وجنيف، من موقعه الاعتباري، وولع الأمم المتحدة به، ووجود ستيفان دي ميستورا المضمون فيه، لم يُبْقِ للجانب الروسي إلا أن يفرض دستوراً سورياً، يشابه النسخة التي قدّمها قبل عام ونصف العام، ويرى فيه حلفاءه يتبوأون مركز قيادة سورية سبع سنوات مقبلة، بموافقة دولية. وتضمن بذلك لنفسها مكاناً دافئاً شرق المتوسط، قد يكون منصة تسويقية رائعة لأسلحتها التي جرّبت بنجاح في كل أنحاء سورية.
تخرق قوات النظام والأسلحة الروسية اتفاقيات خفض التوتر من دون اكتراثٍ، ومن دون حاجةٍ لتقديم أي تبرير، فيما تجري العمليات لإخراج دستورٍ جديدٍ في سياق خرق قرار مجلس الأمن 2245 الذي يتحدث عن فترة انتقالية، ويبدو أن المرحلة المقبلة تقوم على جملةٍ من الخروق القانونية والعسكرية، وهذا أصبح حالةً غير مستهجنة، عند تناول الشؤون التي تخص السوريين.
يتجاوز الحديث عن الدستور قضية الدستور نفسه إلى الإيحاء بنتيجةٍ ذات مغزى، وهي أن الحرب انتهت، أو حسمت، وحان الوقت لإرساء قواعد إدارية للدولة، وأولها الدستور. ومن المعروف أن هذه الوثائق يضعها المنتصر، وهذا الأمر لم يبدأ الآن، بل بدأته روسيا في يناير/ كانون الثاني 2017 في أستانة، عندما أخرجت من أدراجها دستوراً ووضعته فوق الطاولة، وقالت إنه مقترحٌ لما بعد انتهاء الصراع. لم يهتم أحدٌ بتلك النسخة حينها، وحتى أن وفد النظام لم يكترث لها كثيراً، لكن هذا الدستور قد يعطي، بطريقةٍ ما، إشارةً لما تريده روسيا في سورية، وقد يكون الوقت الحالي مناسباً للحديث عن ذلك، وهي تخوض معركة جديدة، تبدو نتيجتها مضمونة.
تفضل روسيا عبر الدستور الذي قدمته وجود دولةٍ مركزيةٍ قويةٍ، عبر تعويم الرئيس على أنه ضمانة لاستقلال الوطن، وحمايته، ووحدة أراضيه وسلامتها، وتعطيه سلطة تعيين البعثات الدبلوماسية، وتمنحه قوةً مطلقةً بوضعه على رأس الجيش، وصلاحية إعلان الحروب. وتتعدّى سيطرة الرئيس على الجيش إلى كل قوة عسكرية، أو شبه عسكرية، وفوق ذلك كله تعطيه مدةً دستورية، ليمارس فيها هذه الصلاحيات، تبلغ سبع سنوات، وهي مدة طويلة، بالمقارنة مع شكل التغيرات الاجتماعية التي قد تحدث. وعلى الرغم من الاسم الرسمي للنظام السياسي المقترح من روسيا، والموصوف أنه برلماني، فإن البرلمان فيه قليل التأثير والفعالية، لصالح رئيس قوي يعكس شكل الدولة المركزية، المعتمدة بنظامها على مزاج القصر الجمهوري. ويمكن تأكيد أن هذا النموذج السياسي المقترَح هو السائد في المحيط الجغرافي الروسي، وهو شكل من الاستقطاب الأوراسي الذي تعتبر فيه روسيا دولةً مركزية، وتحاول اعتماده في سورية، إن لم يكن عبر هذا الدستور الذي قدمته بنفسها، فبواسطة دستورٍ آخر، يستوحى منه ولا يخرج عنه إلا بطريقة الصياغة النحوية. وهي، بهذا المقترح، تكون قد قدّمت وجهة نظرها التي تعتقد أنه سيتم احترامها في نهاية المطاف، لأن ما تحقق في سورية كان بفضل السوخوي وصواريخ إس 400 ذات الصيت الذائع.
تبدو روسيا الآن مسيطرةً على الأرض تماماً، ولديها سيطرة إضافية في الجنوب، بعد إبعاد إيران ومليشياتها عنه، بالاتفاق مع إسرائيل. ولن تستطيع روسيا المحافظة على هذه الوضعية عليها زمناً طويلاً، فلا بد لها من غطاء دولي يمنحها هذه الأفضلية، ويبدو مؤتمر جنيف بوابةً مهمة لذلك. وهي تريد إقرار دستور مناسب، يمكن أن يمنحها كل الأسهم التي تريدها، وجنيف، من موقعه الاعتباري، وولع الأمم المتحدة به، ووجود ستيفان دي ميستورا المضمون فيه، لم يُبْقِ للجانب الروسي إلا أن يفرض دستوراً سورياً، يشابه النسخة التي قدّمها قبل عام ونصف العام، ويرى فيه حلفاءه يتبوأون مركز قيادة سورية سبع سنوات مقبلة، بموافقة دولية. وتضمن بذلك لنفسها مكاناً دافئاً شرق المتوسط، قد يكون منصة تسويقية رائعة لأسلحتها التي جرّبت بنجاح في كل أنحاء سورية.