دروس للعرب من السويد

14 اغسطس 2016
استقالت الوزيرة بعد ضبطها تقود تحت تأثير الكحول(فرانس برس)
+ الخط -

استقالت وزيرة التعليم الثانوي ورفع الكفاءات السويدية، عايدة حاج علي، وهي أصغر وزيرة في الحكومة السويديّة، بعد أن تم ضبطها وهي تقود سيارتها برفقة صديقها تحت تأثير الكحول. وبالمناسبة، فإن الوزيرة مسلمة من أصل بوسني وتبلغ من العمر 29 سنة فقط، وقالت في مؤتمر صحافي عقدته إثر هذه الحادثة إنّها شعرت بخيبة أمل واتخذت قرارها بالتشاور مع رئيس الوزراء، مضيفة "أعتقد أنه أمر خطير، وعليّ أن أتحمل مسؤولية ما حدث".
استقالت وزيرة إذاً، بسب كأسين من النبيذ فقط ونسبة لا تكاد تذكر من الكحول بدمها، اعتبرتهما خطأ فادحاً أوجب الاستقالة، بينما يسقط وزراء عرب في جرائم فظيعة، سوء تصرف وإهدار للمال العام وسرقات وأنهار من الدماء وحوادث إجرامية تستوجب الطرد والسجن والنفي وكل الأحكام التي تعج بها مجلات القوانين العربية، ولا يرفّ جفن لوزير، بل ينظم الحملة الإعلامية تلو الأخرى ويسلط علينا ألسنته السليطة لإخراسنا وإقناعنا بأن الأخطاء المرتكبة ليست مسؤولية سيادته، ما قد يستوجب أحيانا اعتذار الشعب المتحامل على الحكومة، الغبي الذي لا يفهم حجم تضحيات سيادته. وتذكّروا معي كم وزيراً عربياً استقال إثر حوادث ذهبت ضحيتها عشرات الأرواح؟ وهل حدث مرة أن خالف شرطي وزيراً عربياً لأنه تجاوز السرعة أو قاد سيارته وهو مخمور؟ وتذكروا معي إذا اعترف وزير عربي مرة في ندوة صحافية عن خطأ في سير وزارته يستوجب الاستقالة؟
في الأيام الأخيرة في تونس، قامت الدنيا ولم تقعد بسبب فضائح في البنج واللوالب القلبية الفاسدة المستعملة في المصحات الخاصة والمستشفيات الحكومية التونسية. ولكن الوزير، الذي هو شخص لطيف بالمناسبة، اعتبر أنها حملة ممنهجة ضده، ربما تستهدف وجوده في الحكومة المقبلة! فهل بعد هذا الكلام تعليق؟ وهل بعد ما فعلته الوزيرة المسلمة في بلد غير مسلم مجال ليخجل الإنسان من نفسه؟ وهل تكمن المشكلة أصلاً في ما إذا كنت عربياً أو مسلماً، أم أنها في قوانين وأعراف وتقاليد البلد الذي تنتمي إليه؟
يتحوّل العرب الذين يزورون أوروبا إلى أكثر الناس انضباطاً، بمجرد أن يطؤوا أرض المطار، ويحرصون على رمي النفايات في المكان المخصص، ولا يدخنون إلا في الأماكن المخصصة لذلك. فسبحان الذي يحوّلهم من حالة الفوضى إلى وضع الالتزام، ولا عزاء لبلدان لا يحترمها أهلها.