دروز الداخل الفلسطيني يلوّحون بالتصعيد ضد تمييز الاحتلال

04 مايو 2020
أعلام سوداء بمجلس محلي تعبيراً عن احتجاج الدروز(العربي الجديد)
+ الخط -
تتجه السلطات العربية الدرزية في الداخل الفلسطيني إلى التصعيد ضمن فعاليات شهر الغضب التي تشمل تعطيل المدارس، احتجاجا على سياسات عنصرية تمارسها حكومة الاحتلال الإسرائيلي تجاه العرب الدروز.

وأقرّ رؤساء البلدات العربية الدرزية في الداخل الفلسطيني، الأحد، سلسلة خطوات احتجاجية تضم استمرار الإضراب في المؤسّسات التّعليميّة، عدا يومي 11 و12 مايو/أيار، لتمكين الطلاب من التقدم للامتحانات التوجيهية "بجروت"، فضلا عن رفع الأعلام السّوداء على مداخل السّلطات المحلّيّة، وتنظيم تظاهرات، غدا الثلاثاء، في مفترقات رئيسة في الجليل الأسفل والجليل الأعلى والسّاحل والكرمل.

كما تقرر عقد اجتماع موسع في قرية المغار، الأربعاء، باشتراك الرّؤساء وقيادات دينيّة وأعضاء كنيست ومجموعة مستشارين وإعلاميّين، لوضع جدول زمنيّ مفصّل يشمل برنامجًا تصاعديًّا، كما تقرر "إعلان العام 2020 نقطة تحوّل في ما يتعلّق بالعلاقات التّبادليّة مع السّلطات المركزيّة وسياسة الحكومة، بحيث يشمل العمل من أجل تحصيل الحقوق الملحّة، ومنها وضع خطّة خمسيّة للأعوام 2020-2024، وتحويل الأموال على وجه السّرعة للخروج من الأزمة الرّاهنة، والتّعويض عن خسائر كورونا، ومواصلة العمل لمواجهة قانوني القوميّة، وغيرها من القضايا".

وقال رئيس مجلس المغار، فريد غانم، لـ"العربي الجديد": "نحن على أبواب إضراب طويل الأمد للتنديد بموقف الحكومة الذي يتّسم بالعنصريّة والتّمييز وعدم الوفاء بالتّعهّدات والوعود. سنواصل النضال حتى إلغاء قانون القومية، وتغيير السياسة العامة مع رؤساء السلطات والموظفين فيها، ونطالب بوضع خطة خمسية جديدة، إضافة إلى تعويضات عن خسائر كورونا".

وحول أزمة مصادرة الأراضي والسكن في القرى العربية الدرزية، قال سامر سويد، مدير المركز العربي للتخطيط البديل: "نشر المركز دراسة شاملة عام 2008 حول ضائقة الأراضي في البلدات العربية الدرزية (المعروفية)"، وشملت هذه الدراسة تقدير مساحات الأراضي التي تم سحبها من مناطق النفوذ التاريخية للبلدات المعروفية وتحديد التبعية الحالية لتلك الأراضي، وقام بتحيين هذه الدراسة في العام 2018، في أعقاب بحث اللجان الجغرافية لتقصي حدود طلبات توسيع مناطق النفوذ لعشرات البلدات العربية، بضع منها من البلدات المعروفية.

وأوضح أن السلطات قامت بمصادرة حوالي ثلثي الأراضي التاريخية التابعة للقرى العربية الدرزية، وحولتها إلى سلطة الدولة المباشرة أو إلى مناطق نفوذ المستوطنات اليهودية التي أقيمت بجوارها.

وتابع: مجموع مساحة أراضي البلدات المعروفية عام 1946 كان 325,316 دونما، وفق الخرائط الانتدابية المسماة "أراضي البلدة"، في حين أنّ مجموع مساحة مناطق النفوذ الحالية لعام 2020، للسلطات المحلية الدرزية، 128,556 دونما، أي أقل من 40 في المائة من مساحة الأراضي التاريخية. وأكثر من 60 في المائة من مساحة الأراضي التاريخية لهذه البلدات تم ضمه لبلدات يهودية، أو تم تعريفه كمناطق خضراء وضمه للجان التخطيط والبناء.

البقيعة الجليل (سامر سويد)

وبيّن أن قرية بيت جن خسرت 78 في المائة من أراضيها التاريخية، تليها عسفيا ومن ثم حرفيش وجولس، كما أقيمت على أراضي البلدات الدرزية 26 مستوطنة يهودية.

وقال إنه في البلدات المعروفية اليوم هنالك حوالي 3000 بيت من دون ترخيص، إضافة إلى عدد مشابه لمبان زراعية، من هذه البيوت حوالي 700 بيت خارج المناطق المعدة للتخطيط، أي أن هذه البيوت مهددة بالهدم.

بنية اقتصادية هشّة


وعن البنية الاقتصادية للقرى والسلطات المحلية العربية الدرزية، قال الأستاذ في الاقتصاد رمزي حلبي:"تأثر الاقتصاد الإسرائيلي في الـ25 سنة الأخيرة ، وأثر ذلك على المجتمع عامة وعلى العربي والدرزي بعد نهاية العهد الاشتراكي وتحول دولة الاحتلال إلى رأسمالية".

وأضاف "وفق مؤشرات الماكرو في دولة الاحتلال، فإن الدخل السنوي بلغ 40 ألف دولار سنويا للفرد، ومعدل الأجور 10 آلاف شيقل بالشهر، في حين أن 37 بالمائة من الدروز هم دون خط الفقر ونسبة العرب القابعين بالفقر 48 بالمائة. والسبب يعود إلى تشغيل الدروز في سلك الأمن والمرافق الكبيرة مثل ميناء حيفا ومصنع الفينيري".

وبحسب المتحدث، فإن المسنين في المجتمع الدرزي لا يتمتعون بأي مخصصات للتقاعد، عكس الذين خدموا في سلك الأمن والمرافق الكبيرة.

وأضاف حلبي:" نصّ قرار 959 للحكومة على تحويل 2.2 مليار شيكل للسلطات المحلية الدرزية على مدار خمس سنوات، غير أن وزارة المالية تضع عقبات أمام تحويل الميزانيات دائما، إضافة إلى عدم وجود حكومة في إسرائيل في السنة الأخيرة".

 

وسعت دولة الاحتلال منذ قيامها إلى تفتيت الهوية الجامعة للفلسطينيين، وحاولت تعزيز الهويات الطائفية على أساس سياسة فرق تسد، فأوجدت دوائر مختلفة لمعالجة قضايا المسلمين، وأخرى للمسيحيين، والدروز، وانعكس ذلك على الخطاب التمييزي بين السكان اليهود وغير اليهود وتكريس مصطلح الأقليات، وفق المحامي والناشط يامن زيدان.

واستعانت أحيانا بالخلافات الداخلية وتوظيفها لجهة خلق قومية درزية وليس فقط هوية طائفية، لتبرير فرض الخدمة العسكرية على أبناء الطائفة المعروفية وتسويق ما تسميه دولة الاحتلال "بحلف الدم".

وعلى مر العقود من النكبة، شهدت هذه السياسة مدا وجزرا في تقبلها وسط جهود حكومية لتثبيتها، لكن قانون "القومية اليهودية "، الذي سنّه الكنيست عام 2018 ولا يعترف بمكانة متساوية لغير اليهود، أحدث زلزالا في المجتمع العربي الدرزي في الداخل وعزز أزمة الهوية.

ويعتبر المحامي زيدان، أن أزمة الهوية لدى الدروز في الداخل الفلسطيني هي جزء من أزمة الشعب الفلسطيني عامة، ويقول لـ"العربي الجديد" "كل معادلة ترويج إسرائيل أن الحقوق مقابل الواجبات هي دعاية فارغة لا تستند إلى الواقع، فالدروز فرض عليهم التجنيد الإجباري عام 1956 ودفعوا أغلى ما لديهم. (أدّوا الواجب) ودفعوا دماءهم في حروب دولة الاحتلال الإسرائيلي وهذا لم يسجل لهم".

وأشار زيدان إلى أن المنهاج التعليمي الدرزي لا يهيئ الشباب للدخول إلى الأكاديمية، هنالك تعزيز لعسكرة الشباب الدروز من خلال المدارس. في المرحلة الثانوية، يجلبون ضباطا من الجيش لإقناعهم بالتجنيد بدل تشجيعهم على التعليم العالي، لذلك فإن الكثير يذهبون إلى الخط العسكري، وهذا أنتج فارقا اجتماعيا وفكريا، عدا عن تأثير ذلك على الجانب الاقتصادي.

وتابع "هناك تغييب للشباب عن الشارع الدرزي في المطالبة بالحقوق، لأن هذه الشريحة في سلك الأمن ممنوعة من التظاهر، لذلك لا توجد مظاهرات غاضبة، وإن وجدت فيشارك فيها رؤساء وموظفين مجالس فقط".

وأوضح أن أزمة الهوية، "لا تقتصر على الدروز في الداخل الفلسطيني بل على كل الشعب الفلسطيني، ودولة الاحتلال تبرز في وسائل إعلامها الدروز الداعمين لها ولا تفتح المنابر للدروز العرب القوميين. أزمة الهوية عند الشباب الدرزي جزء من الأزمة العربية العامة وعند الدروز هي أكبر".

دلالات