لا تهدأ "الماكينات" الإعلامية الخاصة بشركات الإنتاج اللبنانية تحديداً عبر مبالغتها في الترويج لمجموعة من أعمال درامية تبصر النور بعد أقل من عشرين يوماً.
نحن أمام طائفة جديدة من المسلسلات العربية، بعضها متعدد الجنسيات، تعرض لاحقاً على الشاشة الصغيرة. هكذا، تُنهي عدسات المخرجين عملها خلال أيام التصوير، ويتجه هؤلاء إلى المونتاج، و"الماسترينغ".
تطرح أعمال هذا الموسم مجموعة من القضايا، بعضها مُستهلك، والبعض الآخر يحاول القفز فوق الخط مُستعيناً بما يصفه بالجديد. لكن الواضح أن هذا الجديد يعيدنا إلى الصورة النمطية التي اتخذت من مجموعة إنتاجات سابقة سلاحاً للسيطرة على الإنتاج الدرامي العربي. نمطية، وتطويل، إضافة إلى اللعب على استثمار"الجميلات" في قصص خفيفة لا تعدو كونها مجرد خواطر باعها الكاتب للمنتج، أو اجتزأ من بنات أفكاره مجموعة من الأحداث، ضمنها بعض التشويق لتتحول مع الوقت إلى قصص مُسلية. فعلاً هي مُسلية، لكن على الرغم من الضعف في السيناريو أحياناً، أو طريقة الطرح، أو دقة المخرج أو عدمها، نجد أنفسنا أمام وجبة مُسلية من المواقف التي تمر بنا أحيانًا كثيرة.
سورية.. بيروت
على الرغم من عودة الهدوء إلى بعض المحافظات السورية، ما زال كبار الممثلين السوريين يفضلون بيروت. الممثلة القديرة منى واصف، تتابع بشغف أداء دورها في مسلسل "الهيبة - الحصاد". تقيم منى واصف في إحدى القرى اللبنانية، تحاول أن تضيف إلى دورها في الجزء الجديد من "الهيبة" بعد موسمين، وكذلك مواطنها تيم حسن، الذي تفرغ لشركة صادق الصبّاح للإنتاج، ووقع معها عقداً لسنوات، وحتى المخرج سامر البرقاوي، اختار العيش في لبنان لإدارة عدد من المسلسلات الخاصة بالشركة، وكذلك فعلت المخرجة رشا شربتجي، التي وقعت قبل أيام على الجزء الثاني من مسلسل "ما فيي".
رغم النقد الذي تعرض له "ما فيي" (بطولة معتصم النهار، وأحمد الزين، ونادين خوري)، تصرّ شركة الصبّاح على منح فريق العمل فرصة ثانية لاستكمال وإنتاج جزء ثان، من دون معرفة الأسباب وراء ذلك.
ماذا في جعبة الدورة القادمة من المسلسلات؟
من دون شك، تحولت الأزمة السورية، والأوضاع الاقتصادية العربية عموماً، إلى معضلة، لتواجه صنّاع الدراما في السنوات الأخيرة. كما لعبت الأزمات في منطقة الخليج دوراً مفصلياً في تحريك عجلة الدراما. السعودية غارقة في أزماتها السياسية، واستئثار رئيس ما يُسمى هيئة الترفيه، تُركي آل الشيخ، بالقرارات المصيرية المتعلقة باستراتيجية محطة MBC، وتحول المرجعية داخل المحطة إلى السعوديين فقط، انعكس سلبًا على التنوع في الآراء لجهة شراء أو مساهمة في إنتاج بعض الاعمال الدرامية. كما اتخذت أبو ظبي استراحة، ولعبت على الوتر الهادئ، كمراقب أكثر منه منتجا، رغم بعض الإنتاجات المُكلفة (مثل هارون الرشيد - 2018). لم تحقق الإمارات تقدمًا ملحوظاً من طريقي الإنتاج والعرض، فيما اكتفت محطة Bein بحجز وعرض مجموعة من الأعمال التركية، وإنتاجات لعلها مُكلفة، وتحمل قيمة الطرح، لكنها لم تنل قسطها من المتابعة، بسبب "التشفير" الذي لا يروق لبعض المشاهدين.
أمام ذلك، تخرُج بعض الشركات السورية، لتعيد الكرة مجدداً، أمام تأرجح مستوى الدراما في السنوات الأخيرة. سنتابع في رمضان المقبل مسلسل "مسافة أمان" من إخراج الليث حجو وإنتاج "إيمار الشام"، عن نص للكاتبة إيمان سعيد. يتناول مرحلة ما بعد الحرب في سورية، وتأثيراتها على الوضع الداخلي. وجود الليث حجو في الإنتاج السوري يعيد الأمان لهذه الصناعة قليلاً بعد سلسلة من الأعمال التي قدمها، وحظيت بالنجاح، قياسًا إلى مستوى النص، والأداء (الندم، الكاتب حسن سامي يوسف - 2016).
الإنتاج المُشترك
تبلغ كلفة بعض المسلسلات العربية المُشتركة حدوداً خيالية، لكن التعويض عن هذه الإنتاجات يحمي أصحابها من الخسارة. يصح القول إن بعض المسلسلات التي تُشكّل الزبدة الأساسية للعرض الدرامي الموسمي منذ سنوات، هي انتصار لهذه الصناعة التي قلما يوظفها المنتج لمصلحة أو مستوى النص. تغلب الفكرة التسويقية في أذهان المنتجين، يتدخّل بعضهم في القصة والسيناريو، واختيار الأبطال، لا يغيب عن ذلك بعض المحسوبيات والعلاقات العامة، فضلاً عن عقد احتكار مع فريق العمل الذي يستمر لسنوات.
في باقة الأعمال المشتركة منافسة حادة، بين جميلات الدراما اللبنانية؛ سيرين عبد النور، نادين نسيب نجيم، ستيفاني صليبا. هذا في الشكل، أما في المضمون؛ فثمة تنافس سوري من رؤى مختلفة في النصوص. الكاتب المعارض سامر رضوان يعود هذا الموسم بقصة من المتوقع أن تحيّي الاختلاف المطلوب في "البازار" الرمضاني، عبر مسلسل "دقيقة صمت". من الواضح أن رضوان سيحمل في قصته رسائل سياسية بعد سنوات من غيابه عن الدراما وإقامته في بيروت. المواجهة ربما الأقوى لسامر ستكون مع مواطنه رامي حنا في "الكاتب". لا معلومات حول هذا المسلسل سوى أن رامي حنا اختار الممثل باسل الخياط واللبنانية دانييلا رحمة لثنائية جديدة بعد نجاحهما السنة الماضية في "تانغو". استثمار شركة "إيغلز فيلم" لمواهب المخرج رامي حنا يتجه إلى إعلاء سقف المنافسة هذا الموسم ضمن ما يُسمى صناعة دراما مُشتركة. من المتوقع أن يكون لرضوان وحنا مساحة خاصة على الرغم من حضور زملائهم من سورية، مثل إيمان السعيد في "خمسة ونص"، ويم مشهدي ورشا شربتجي في "بروفا"، وسامر البرقاوي في "الهيبة".
اقــرأ أيضاً
تطرح أعمال هذا الموسم مجموعة من القضايا، بعضها مُستهلك، والبعض الآخر يحاول القفز فوق الخط مُستعيناً بما يصفه بالجديد. لكن الواضح أن هذا الجديد يعيدنا إلى الصورة النمطية التي اتخذت من مجموعة إنتاجات سابقة سلاحاً للسيطرة على الإنتاج الدرامي العربي. نمطية، وتطويل، إضافة إلى اللعب على استثمار"الجميلات" في قصص خفيفة لا تعدو كونها مجرد خواطر باعها الكاتب للمنتج، أو اجتزأ من بنات أفكاره مجموعة من الأحداث، ضمنها بعض التشويق لتتحول مع الوقت إلى قصص مُسلية. فعلاً هي مُسلية، لكن على الرغم من الضعف في السيناريو أحياناً، أو طريقة الطرح، أو دقة المخرج أو عدمها، نجد أنفسنا أمام وجبة مُسلية من المواقف التي تمر بنا أحيانًا كثيرة.
سورية.. بيروت
على الرغم من عودة الهدوء إلى بعض المحافظات السورية، ما زال كبار الممثلين السوريين يفضلون بيروت. الممثلة القديرة منى واصف، تتابع بشغف أداء دورها في مسلسل "الهيبة - الحصاد". تقيم منى واصف في إحدى القرى اللبنانية، تحاول أن تضيف إلى دورها في الجزء الجديد من "الهيبة" بعد موسمين، وكذلك مواطنها تيم حسن، الذي تفرغ لشركة صادق الصبّاح للإنتاج، ووقع معها عقداً لسنوات، وحتى المخرج سامر البرقاوي، اختار العيش في لبنان لإدارة عدد من المسلسلات الخاصة بالشركة، وكذلك فعلت المخرجة رشا شربتجي، التي وقعت قبل أيام على الجزء الثاني من مسلسل "ما فيي".
رغم النقد الذي تعرض له "ما فيي" (بطولة معتصم النهار، وأحمد الزين، ونادين خوري)، تصرّ شركة الصبّاح على منح فريق العمل فرصة ثانية لاستكمال وإنتاج جزء ثان، من دون معرفة الأسباب وراء ذلك.
ماذا في جعبة الدورة القادمة من المسلسلات؟
من دون شك، تحولت الأزمة السورية، والأوضاع الاقتصادية العربية عموماً، إلى معضلة، لتواجه صنّاع الدراما في السنوات الأخيرة. كما لعبت الأزمات في منطقة الخليج دوراً مفصلياً في تحريك عجلة الدراما. السعودية غارقة في أزماتها السياسية، واستئثار رئيس ما يُسمى هيئة الترفيه، تُركي آل الشيخ، بالقرارات المصيرية المتعلقة باستراتيجية محطة MBC، وتحول المرجعية داخل المحطة إلى السعوديين فقط، انعكس سلبًا على التنوع في الآراء لجهة شراء أو مساهمة في إنتاج بعض الاعمال الدرامية. كما اتخذت أبو ظبي استراحة، ولعبت على الوتر الهادئ، كمراقب أكثر منه منتجا، رغم بعض الإنتاجات المُكلفة (مثل هارون الرشيد - 2018). لم تحقق الإمارات تقدمًا ملحوظاً من طريقي الإنتاج والعرض، فيما اكتفت محطة Bein بحجز وعرض مجموعة من الأعمال التركية، وإنتاجات لعلها مُكلفة، وتحمل قيمة الطرح، لكنها لم تنل قسطها من المتابعة، بسبب "التشفير" الذي لا يروق لبعض المشاهدين.
أمام ذلك، تخرُج بعض الشركات السورية، لتعيد الكرة مجدداً، أمام تأرجح مستوى الدراما في السنوات الأخيرة. سنتابع في رمضان المقبل مسلسل "مسافة أمان" من إخراج الليث حجو وإنتاج "إيمار الشام"، عن نص للكاتبة إيمان سعيد. يتناول مرحلة ما بعد الحرب في سورية، وتأثيراتها على الوضع الداخلي. وجود الليث حجو في الإنتاج السوري يعيد الأمان لهذه الصناعة قليلاً بعد سلسلة من الأعمال التي قدمها، وحظيت بالنجاح، قياسًا إلى مستوى النص، والأداء (الندم، الكاتب حسن سامي يوسف - 2016).
الإنتاج المُشترك
تبلغ كلفة بعض المسلسلات العربية المُشتركة حدوداً خيالية، لكن التعويض عن هذه الإنتاجات يحمي أصحابها من الخسارة. يصح القول إن بعض المسلسلات التي تُشكّل الزبدة الأساسية للعرض الدرامي الموسمي منذ سنوات، هي انتصار لهذه الصناعة التي قلما يوظفها المنتج لمصلحة أو مستوى النص. تغلب الفكرة التسويقية في أذهان المنتجين، يتدخّل بعضهم في القصة والسيناريو، واختيار الأبطال، لا يغيب عن ذلك بعض المحسوبيات والعلاقات العامة، فضلاً عن عقد احتكار مع فريق العمل الذي يستمر لسنوات.
في باقة الأعمال المشتركة منافسة حادة، بين جميلات الدراما اللبنانية؛ سيرين عبد النور، نادين نسيب نجيم، ستيفاني صليبا. هذا في الشكل، أما في المضمون؛ فثمة تنافس سوري من رؤى مختلفة في النصوص. الكاتب المعارض سامر رضوان يعود هذا الموسم بقصة من المتوقع أن تحيّي الاختلاف المطلوب في "البازار" الرمضاني، عبر مسلسل "دقيقة صمت". من الواضح أن رضوان سيحمل في قصته رسائل سياسية بعد سنوات من غيابه عن الدراما وإقامته في بيروت. المواجهة ربما الأقوى لسامر ستكون مع مواطنه رامي حنا في "الكاتب". لا معلومات حول هذا المسلسل سوى أن رامي حنا اختار الممثل باسل الخياط واللبنانية دانييلا رحمة لثنائية جديدة بعد نجاحهما السنة الماضية في "تانغو". استثمار شركة "إيغلز فيلم" لمواهب المخرج رامي حنا يتجه إلى إعلاء سقف المنافسة هذا الموسم ضمن ما يُسمى صناعة دراما مُشتركة. من المتوقع أن يكون لرضوان وحنا مساحة خاصة على الرغم من حضور زملائهم من سورية، مثل إيمان السعيد في "خمسة ونص"، ويم مشهدي ورشا شربتجي في "بروفا"، وسامر البرقاوي في "الهيبة".
المساهمون
المزيد في منوعات