بعد مرور 15 عاماً على تطبيق مدونة (قانون) الأسرة في المغرب، خرجت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب (غير حكومية)، بدراسة جديدة لتقييم هذه المدونة، من خلال إبراز أوجه القصور التي اعترتها، خاصة في ما يتعلق بـحقوق المرأة والطفل ووضعية الأسرة.
وأعلنت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب عن نتائج الدراسة، أمس الثلاثاء، أمام العديد من الفاعلين والنشطاء الذين اتفقوا على ضرورة إعادة النظر في بعض مواد قانون الأسرة في البلاد، إذ أظهر الواقع المعاش والممارسة الميدانية "عدم صلاحيتها أو وجود عيوب في تطبيقها".
أول قصور تطرقت إليه الدراسة، واتفق بشأنه النشطاء والباحثون الذين حضروا لقاء تقييم النتائج، هو ضرورة حذف الفقرات الثانية والثالثة والأخيرة من المادة 16 من مدونة الأسرة، والمتعلقة بالاستثناءات في إثبات عقود الزواج، وضرورة مواكبتها بحملات إعلامية تحسيسية لتوثيق العقود.
وثاني وجه للقصور رصدته الدراسة، هو ضرورة توحيد إجراءات الطلاق والتطليق وتوحيد المستحقات، فضلا عن إعادة النظر في القانون المتعلق بالنيابة الشرعية، من خلال إقرار المساواة بين الأم والأب في كل ما يتعلق بتدبير مصالح الأطفال المعنوية والمادية من دون تمييز أو أولوية لأحد منهما وتحت مراقبة القضاء".
وأما القصور الثالث في مدونة الأسرة، وفق المصدر ذاته، فهما المادتان 20 و21 من هذا القانون، المرتبطتان بالترخيص الاستثنائي للزواج المبكر للفتيات، حيث تبين أن زواج القاصرات لا يزال مستمرا، بل تم تسجيل ارتفاع في عدد زواج القاصرات، وانتقل العدد من 18341 حالة زواج في 2004، تاريخ انطلاق العمل بالمدونة، إلى 39031 حالة في عام 2011، بسبب "ممارسات التحايل".
ودعا النشطاء إلى حذف هاتين المادتين من المدونة، وإقرار عقوبات زجرية في حق كل من ساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تزويج فتاة قاصر، عن طريق ما يسمى زواج الفاتحة، أو عن طريق التحايل من طرف الزوج، أو التحايل لممارسة تعدد الزوجات بالنسبة للبعض.
وطالبت الدراسة الجمعوية أيضا، البرلمان، بالعمل على إخراج قانون يمنع تعدد الزوجات في المغرب بشكل نهائي، ومن دون منح استثناءات، كما ورد في مدونة الأسرة. كما طالبت بضرورة إقامة مراجعة شاملة لبنود هذا القانون من أجل تحديثه ليحمي حقوق المرأة بعد مرور 15 عاما على تطبيقه.
من جهته، شدد الباحث في مركز الأبحاث الاجتماعية بجامعة الرباط، كريم عايش، على أهمية إعادة النظر في بعض فصول المدونة، وتوضيح بعض المواد التي ما زالت تضم مفاهيم مشتركة تخضع للتأويل من كلا الطرفين"، مسجلا عدم إحراز تقدم كبير في تضييق الخناق على زواج القاصرات اللائي غالبا ما يتحولن إلى ضحايا لمتعة تنتهي بهن باكرا إلى الهجرة بسبب إنجاب أطفال من دون معيل.
واعتبر عايش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الجمعيات الحقوقية النسائية تمثل خير داعم لهذه الحقوق المهضومة، وما لبثت تطالب بمراجعة المدونة"، مبينا أن هذه المراجعة تصطدم في شق التعدد بالنصوص الشرعية التي تعتبر أحد مصادر تشريع القانون المغربي، وبالتالي أصبحت الدعوة لمنع التعدد في شموليتها معارضة لما يتعارف عليه عامة الناس في مجتمع إسلامي".
وذهب المتحدث إلى أن "منع التعدد يجب أن يكون مبررا ببراهين مقنعة، خاصة أمام ارتفاع العنوسة وحالات الطلاق وانتشار العلاقات الجنسية الرضائية خارج مؤسسات الزواج، وهي ظواهر كان الأحرى بالجمعيات النسائية الانكباب على إيجاد حلول لها كأولوية لحق المرأة في الحياة تحت كنف زوج وتأسيس أسرة، والعيش في إطار اجتماعي عائلي، باعتبار الأسرة نواة المجتمع، كما جاء في الدستور المغربي".