وأجرى الأطباء أبحاثاً على نحو 3300 رجل من كوبنهاغن، على مدار 32 سنة، فأظهرت أن "90 في المائة من الذكور الذين يعيشون بمفردهم أكثر عرضة للوفاة بأمراض القلب"، ووفق الدراسة التي نشرت في المجلة الأوروبية للقلب، فإنه لم يتم تجاهل كثير من العوامل المؤثرة، البيولوجية والبيئية والحياتية كالتدخين ومستوى ضغط الدم والسكري وممارسة التمارين والحالة المزاجية والسكن.
ونقلت صحيفة "بيرلنغسكا" الدنماركية اليوم الجمعة، عن الباحث الرئيس في الدراسة الممولة من "جمعية القلب الدنماركية"، ماونوس ينسن، تأكيده "جدية الخطر على أغلبية من يعيشون بمفردهم، وهي إشارة قوية لإجراء تغييرات على الحياة"، ويضيف أنه بالإمكان أن يغير بعض الرجال هذه النتيجة. "الأمر مرتبط بوجود شبكة علاقات أخرى".
ولتجنب هذه المخاطر، ينصح الأطباء الباحثون الرجال الامتناع عن الانتقال إلى شقة سكنية صغيرة، حيث لا يقابلون سوى جيرانهم على السلالم أو في المصاعد.
ويطالب الباحثون أن يجري النظر إلى هذه المشكلة بنفس درجة الخطورة مع ما يتسبب به التدخين أو تناول الكحول وقضايا صحية أخرى، ويطالب مسؤول جمعية القلب الدنماركية، مورتن راسموسن، المجتمع "بدء النظر إلى الوحدة كعامل خطورة على صحة الإنسان من حيث تدميره لنوعية حياة الناس وزيادة معدلات الوفاة".
ويشير الباحثون إلى أن نتائج دراستهم تأتي في الوقت الذي تثبت فيه الدراسات العالمية ميلاً أكثر عند الناس للعيش منفردين، وحسب الطبيب المشارك في الدراسة، مانوس ينسن، فإن "نسبة من يعيشون منفردين في الولايات المتحدة زادت من 7.7 في المائة عام 1940، إلى 25.8 في المائة في عام 2000، وفي المملكة المتحدة، فإن المواطنين بين 50 و64 سنة ممن يعيشون وحدهم زادت نسبتهم من 6.1 في المائة عام 2002 إلى 12.9 في المائة عام 2017".
ويشير ينسن إلى أن شمال أوروبا يعاني أيضاً من نفس المشكلة "حيث يعيش 24 في المائة في الدنمارك بذات الطريقة، فيما النسبة تصل إلى 20 في المائة في النرويج، كما أن العاصمة اليابانية طوكيو تضم 42 في المائة ممن يعيشون وحدهم".
وتوضح نتائج الدراسة أن "تركيبة البشر تقوم على العيش ضمن قبائل وعشائر وعائلات ومجتمعات صغيرة. لسنا مصممين لنعيش لوحدنا في شقق صغيرة في مبان عالية، وهذه مشكلة الحضارة أوالتطور، وفي الواقع هذا أمر خطير على صحتنا".
ويختم الباحثون بتقديم عدد من التوصيات للسياسيين ونخب المجتمعات لتأسيس لجان يشارك فيها إلى جانبهم باحثون وفلاسفة ومصممون عمرانيون وعلماء إنثروبولوجيا لمناقشة كيف يمكن للناس أن يعيشوا بشكل أفضل مع بعضهم، وينوهون بتجربة بريطانيا التي أنشأت العام الماضي، ما يشبه "وزارة الوحدة" لمناقشة تلك المشكلة.
ورغم أن الدنمارك خصصت في موازنتها نحو 400 مليون كرونه لمكافحة الوحدة بين كبار السن والانتحار، إلا أن الخبراء يطالبون اليوم الانتباه إلى ما توصلوا إليه في مخاطر عزلة الرجال. إذ تشير أرقام وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية في الدنمارك إلى أن الوحدة تؤدي إلى زيادة الوفيات بـ770 حالة سنوياً و19 ألف إدخال إلى المشافي، وتغيب مرضي عن العمل بمقدار 470 ألف ساعة عمل.