دعت دراسة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، إلى إدخال تعديلات على اتفاق فصل القوات الذي تم التوصل إليه مع سورية عام 1974، بسبب التحولات الأمنية التي طرأت هناك، وتحديدا في جنوبها قبل سبع سنوات.
ورأت الدراسة التي صدرت، اليوم الأحد، وأعدها الجنرال أساف أوريون، القائد الأسبق للواء التخطيط في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وجوب إعادة تقييم المهام التي فوّض اتفاق 1974 قوة المراقبين الدوليين "إندوف" القيام بها، وذلك لتمكينها من الإسهام في معالجة التحديات التي تتعرض لها إسرائيل من المنطقة الحدودية، لا سيما بعد وصول القوات الإيرانية وعناصر حزب الله والمليشيات الشيعية إلى جنوب سورية والجولان السوري.
ويحاجج أوريون في ورقته بأن اتفاق فصل القوات عام 74 قد تمت صياغته بحيث يفوّض "إندوف" لمعالجة خطر حدوث تصادم بين جيشين نظاميين، على اعتبار أنه تم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد انتهاء حرب 73، مشيرا إلى أن هذا التحدي لم يعد قائما، حيث تم استبداله بنموذج آخر يشبه النموذج القائم حاليا في لبنان، والمتمثل في وجود قوى وأجسام عسكرية غير سلطوية.
ونوهت الدراسة إلى أن التحولات التي طرأت على الواقع في الجولان والجنوب السوري تجعل طابع مهام "إندوف" يشبه إلى حد كبير المهام التي تضطلع بها القوات الدولية في جنوب لبنان "يونيفيل".
وحسب الجنرال الإسرائيلي، فإن التحديات التي يمثلها وجود قوى ومليشيات في محيط منطقة الحدود، يمثل تحديا لـ"إندوف" أكبر من التحدي الذي كانت تمثله قوات النظام السوري.
ودعت الدراسة إلى أن يتم تعديل مهام المراقبة التي تضطلع بها "إندوف"، بحيث لا تقتصر على مراقبة المناطق التي يوجد فيها جيش الأسد، بل أن تتولى أيضا مراقبة وجود عناصر المليشيات المختلفة، لضمان عدم وجودها بالقرب من الحدود.
وأشارت إلى أنه يتوجب على "إندوف" أن تأخذ بعين الاعتبار أن القوات الإيرانية وعناصر حزب الله والمليشيات الشيعية يمكن أن تعتمد طرائق انتشار مختلفة في منطقة الحدود، عبر الاندماج في قوات الأسد، أو استغلال مشاريع إعادة الإعمار لتدشين بنى عسكرية تحت أرضية مثل الملاجئ، بحيث تبدو لأول وهلة أنها ذات طابع مدني، إلى جانب قيام هذه القوات وتلك العناصر بمهام استخبارية على طول الحدود من خلال لعب أدوار مدنية، مثل تقمّص مهام صحافيين، صيادين، ونشطاء الحفاظ على البيئة وغيرها.
ونصحت الدراسة بأن يتم تحديث الأدوات والوسائل التي تستخدمها "إندوف" في تنفيذ مهامها لجعلها أكثر جدوى.
واستدركت أن إدخال تعديلات على نص الاتفاق ليس بديلا عن قيام إسرائيل بالتأثير على الواقع من خلال استخدام الجهد الحربي والتحركات السياسية والدبلوماسية.
وحسب الدراسة، فإن إسرائيل مطالبة بأن تعمل على توفير ظروف تسمح لـ"إندوف" لكي تتحول إلى قناة اتصال ناجعة بين تل أبيب ونظام الأسد، من خلال قيامها بنقل الرسائل بين الجانبين.
وحذّرت من أن التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال زيارته الأخيرة لموسكو، والتصريحات التي وردت على لسان الرئيس الروسي فلادمير بوتين، والتي أكدت على ضرورة احترام بنود فصل القوات عام 1974 لا تخدم مصالح إسرائيل.
وطالبت الدراسة بأن تراعي النسخة الجديدة المعدلة من اتفاق فصل القوات الترتيبات السياسية والأمنية التي تحاول روسيا فرضها في الجنوب السوري الهادفة إلى ضمان بسط نظام الأسد سيطرته هناك، مشددة على ضرورة مواءمة النسخة المعدلة من الاتفاق مع هذه الترتيبات بشكل يراعي مصالح إسرائيل الأمنية.
وتنصح الدراسة بأن تتحرك تل أبيب لدى كل من موسكو وواشنطن لفرض التعديلات الجديدة على اتفاق فصل القوات، معتبرة أن النهج المتشدد الذي تتبناه الولايات المتحدة في مجلس الأمن، إلى جانب منظومة المصالح المشتركة التي تربط كلا من تل أبيب وواشنطن وموسكو، تساعد على تبني التعديلات وتضمينها اتفاق فصل القوات.
وحذّرت الدراسة من التداعيات الأمنية الخطيرة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في منطقة الجولان والجنوب السوري، على اعتبار أن هذا الواقع يوفر بيئة تسمح بانضمام بعض سكان هذه المناطق إلى القوى والجماعات التي تخطط لاستهداف إسرائيل.