ولفتت الدراسة التي أعدها الباحثان جليا لينداشتراوس وإلداد شبيت، ونشرها موقع المركز مساء أمس الأربعاء، إلى أنّه في حال تطور الخلاف التركي الأميركي إلى نزاع مسلح، فإن قدرة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تحقيق خارطة المصالح الأميركية في سورية ستتقلص إلى حد كبير، وهو ما يعزز، في المقابل، من قدرة كل من إيران وروسيا على تكريس نفوذهما هناك بشكل أعمق.
ورأت الدراسة أن النزاع التركي الأميركي سيوفر بيئة لإيران تسمح لها بتدشين الممر الاستراتيجي الذي يصل كلاً من طهران وبغداد بدمشق وبيروت.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك ما يدلل على أن التواجد التركي تحديداً في شمال سورية قد يخدم بشكل غير مباشر المصالح الإسرائيلية لأنه يقلص هامش المناورة أمام إيران هناك.
وبينت أنّ عملية "غصن الزيتون"، التي تشنها تركيا حالياً في شمال سورية، أفضت إلى المزيد من الانحدار في مستوى العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
وبحسب الدراسة العبرية، فإن "غصن الزيتون" تهدف، في حال أنجزت مراحلها، إلى التأثير على البيئة السياسية والأمنية في شمال سورية، بحيث لا يكون بوسع الأكراد تدشين حكم ذاتي هناك من خلال الربط بين مناطق تواجدهم في المنطقة.
وأوضحت أن "الأتراك يخشون من أن يفضي نجاح الأكراد في بناء حكم ذاتي في شمال سورية إلى تحول منطقة نفوذهم إلى قاعدة يستخدمها الانفصاليون الأكراد لتنفيذ عمليات في العمق التركي، كما حدث في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي بتشجيع من نظام حافظ الأسد".
وبحسب الدراسة، فإن "قرار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بتشكيل قوة من مليشيات محلية يقدر عددها بـ30 ألفاً، معظم عناصرها من الأكراد، أشعل الأضواء الحمراء في أنقرة ودفع صناع القرار فيها لاتخاذ القرار بشن حملة غصن الزيتون".
وأضافت أنه "على الرغم من نفي وزير الخارجية الأميركي ريك تيلرسون أن تكون إدارة دونالد ترامب بصدد تشكيل مثل هذه القوة، إلا أن موازنة البنتاغون للعام 2019 تضمنت بنداً ينص على تخصيص مبلغ 250 مليون دولار لتشكيل هذه القوة".
وأوضحت الدراسة الإسرائيلية أن "اهتمام الأميركيين بتشكيل القوة الكردية يعود إلى استخلاصهم العبر من الخطأ الذي وقعوا فيه عندما تواجدوا في العراق ولم يسعوا إلى تعزيز قوة الأكراد بشكل يسمح لواشنطن بالاعتماد عليهم بعد ذلك".
ورأت الدراسة أن "هناك ما يدلل على أن تهاوي مستوى الثقة بين تركيا وإدارة ترامب ضاعف من خطورة تداعيات الخلافات القائمة بين الطرفين في الوقت الحالي".
وأضافت أنه "على الرغم من قيام كل من مستشار الأمن القومي، هربرت ماكماستر، ووزير الخارجية الأميركيين بزيارتين لأنقرة، إلا أن كل الدلائل تشير إلى إخفاقهما في تهدئة مخاوف تركيا من طابع العلاقة مع الأكراد في شمال سورية".
ورأت أن "ما يفاقم الأمور خطورة حقيقة أنه في ظل الأوضاع الحالية فإنه لا يوجد لدى الأميركيين أي خيار سوى الاعتماد على وحدات حماية الشعب الكردية لمنع تنظيم داعش من العمل من جديد في الشمال السوري".
من ناحية ثانية، زعم "المركز اليروشلمي" لدراسة المجتمع والدولة، الذي يرأسه وكيل الخارجية الإسرائيلي السابق، دوري غولد، أن التوتر بين أنقرة وواشنطن بلغ درجة أن اللقاء الذي جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتيلرسون أخيراً، في أنقرة، كان "صعباً وعاصفاً إلى حد كبير، لدرجة أن الطرفين بحثا مستقبل القاعدة الجوية الأميركية الكبيرة في إنجيلريك، جنوب تركيا".
وفي تقرير، نشره أمس، نقل الباحث في المركز بنحاس عنباري عن مصادر كردية قولها إن "الولايات المتحدة تدرس بالفعل نقل القاعدة الأميركية إلى مناطق تواجد الأكراد إما في العراق أو سورية".
ولم يستبعد عنبري أن يكون ترويج مثل هذه الأخبار مجرد إحدى أدوات الضغط التي تحاول واشنطن استخدامها في التعاطي مع تركيا لثنيها عن نمط تعاطيها الحالي في شمال سورية، مشدداً على أن أي قرار أميركي يتعلق بمستقبل العلاقة مع تركيا يكتسب أهمية استراتيجية كبيرة.
وأضاف عنبري أنه في حال أفضت الخلافات بين أنقرة وواشنطن إلى نقل القاعدة الأميركية إلى كردستان العراق أو سورية، فإن مثل هذا التطور يعني تفكيك الحدود التي أرستها اتفاقيات "سايكس بيكو".
وحسب عنبري، فإن "نقل القاعدة الأميركية إلى مناطق يتواجد فيها الأكراد، يعني اصطفاف واشنطن إلى جانبهم بشكل يحسن من فرص تدشين الدولة الكردية وتقسيم سورية".