دراجة أسامة ومحمد... ابتكار صديق للبيئة غير مسبوق في تونس

14 يوليو 2020
استمر العمل في النموذج ستة أشهر (العربي الجديد)
+ الخط -

ربّما اعتاد أسامة عمار الرسم على المحامل كالألواح والجدران، لكنّه مع صديقه، متخصص الميكاترونيات محمد عوني، تمكنا من استغلال خبرتهما في تصميم دراجة كهربائية صديقة للبيئة، هي الأولى من نوعها في تونس

تمكن الفنان أسامة عمّار، من تصميم دراجة كهربائية صديقة للبيئة، أضاف إليها لمسته الفنية من خلال زخرفتها بالخط العربي، ثم إنجازها بالشراكة مع صديقه فني الإلكترونيات، محمد عوني، الذي عمل معه طوال ستة أشهر للاتفاق حول الشكل النهائي للدراجة، وحول خصوصياتها التقنية الناجعة في نقل الأشخاص في ظروف آمنة لا تقلّ عن أمان أيّ دراجة أخرى.
عالم صناعة الدراجات الذكية ذات التصاميم عالية الجودة يشهد تنافساً كبيراً بين الشركات منذ سنوات، خصوصاً بعد إقبال شعوب عدة على اقتنائها بكميات كبيرة كحلّ لتخفيف الازدحام في الطرقات، لا سيما في المدن التي تشتهر بالازدحام الشديد.

دراجة كهربائية صديقة للبيئة في تونس

لكنّ الشابين لم يعتمدا على شركة مصنّعة للدراجات أو غيرها لتركيب منتوجهم. ففي ورشة صغيرة فقط كان التفكير والتصميم والتنفيذ الأولي للفكرة. استغرق الأمر ستة أشهر تقريباً وفق عمّار. يضيف أنّه هو وعوني تجمعهما علاقة صداقة منذ خمس سنوات، وكانا طوال تلك الفترة يفكران في مشروع مشترك يستغل فيه الطرفان خبرتهما، كلّ في مجاله لا سيما أنّهما يتشابهان في كثير من الأمور. وهكذا، تخصص عمّار في التصميم والزينة، فيما تخصص صديقه في الشؤون التقنية والميكانيكية.
بعد فترة طويلة من البحث المكثف والرسوم التخطيطية ودراسة الجدوى والتصميم بمساعدة الكومبيوتر، اتفقا أخيراً على صنع دراجة كهربائية صديقة للبيئة. وقد صمم الصديقان النموذج الأولي المسمى "كاركا- بايك" وهي تعتبر أول دراجة كهربائية إيكولوجية في تونس، صنعت بأيدٍ تونسية. اعتمد فيها المصممان على مواد طبيعية في الأساس، كالخشب والجلد، مع تجهيز النموذج بخلايا بطارية كهربائية مدمجة في الإطار الخلفي للدراجة داخل حقيبة جلدية مصنوعة يدوياً.

يوضح محمد عوني أنّ الدراجة قادرة على السير بسرعة 35 كيلومتراً بالساعة، وإلى مسافة 120 كم متواصلة. ويفضل أن تكون هذه أقصى سرعة، لأنّ الدراجة خفيفة الوزن مقارنة بالدراجة العادية. وهي قادرة، في تصميمها الحالي، على حمل شخص واحد فقط. يضيف أنّ المحرّك يزن 25 كيلوغراماً تقريباً، وهو أخف من محرّكات الدراجات العادية ويعمل على 360 واطاً، فيما تدوم فعالية البطارية طوال مسافة 120 كم أو أكثر بقليل على أن يجري شحنها كهربائياً مجدداً، من أربع إلى ست ساعات.
على مستوى الخشب، يشير أسامة عمّار إلى أنّ "أيّ شخص سيشاهد أو سيسمع عن دراجة هوائية مصنوعة من الخشب بدلاً من المعدن سيتساءل عن قدرة الخشب على تحمّل بعض الوزن الزائد أو جميع الظروف الطبيعة، قائلاً: "استعملنا خشباً من أجود الأنواع المقاومة للمياه ودرجة الحرارة المرتفعة". يضيف: "وقد تأكدنا أنا وصديقي من أنّ الدراجة قادرة على حمل شخص واحد حالياً، لكنّنا نعمل على تطوير النموذج أكثر من خلال العمل على صنع دراجة قادرة على أن تحمل شخصين، بالإضافة إلى تطوير المحرك والبطارية حتى تكون الدراجة أسرع ويمكن أن تسير مسافة أطول". 

دراجة كهربائية صديقة للبيئة في تونس

وما يميّز الدراجة الكهربائية أنّها "لا تتعرّض إلى العطب بسهولة، كما أنّها إيكولوجية، صديقة للبيئة، إذ تعتمد في الأساس على مواد طبيعية، على العكس من الدراجة العادية التي يعتمد فيها على المعادن في المجمل" بحسب عوني. يضيف: "دراجتنا غير ملوثة للهواء وفي الوقت نفسه صنعت من مواد طبيعية لا تضر بالبيئة بعد سنوات من الاستعمال، أو بعد الاستغناء عنها".  ويؤكد عوني أنّ "توفير القطع وجمعها يعتبر أبرز الصعوبات التي قد تواجه المبتكر أو صاحب المشروع، بسبب الكلفة العالية للإنتاج، لا سيما أنّ أغلب قطع المحرّك في تونس يجري استيرادها من الخارج، لذلك لا نستطيع اليوم تحديد السعر النهائي للدراجة إلاّ بعد تجربة أكثر من نموذج وأكثر من تصميم". 
على صعيد آخر، يشير عمّار إلى أنّهما تلقيا بعض الاتصالات من بعض المستثمرين الأجانب بعد عرض النموذج، لكن يفضلون استثمار المنتوج في تونس في حال تمّ تطويره وتحديد كلفته النهائية، مع تشجيع يد عاملة تونسية، خصوصاَ الحرفيين ممن لديهم القدرة على المساهمة في تصاميم مختلفة للدراجة سواء من ناحية تصميم الخشب أو الجلد، أو صنع هيكل الدراجة بأشكال مختلفة. 

ويعتمد العديد من السكان لا سيما في المنطقة الساحلية على الدراجات بصفة كبيرة نتيجة الازدحام على الطرقات. وأطلقت مبادرات عدة للتشجيع على استعمال الدراجات الهوائية خصوصاً في المناطق التي تشهد ازدحاماً طوال اليوم وليس في ساعات الذروة فقط. وبينما يبقى استعمال الدراجات العادية داخل المدينة حصراً، فإنّ الدراجة الكهربائية الجديدة قد تحلّ مشكلة الازدحام داخل المدينة وتساهم في تسهيل التنقل بين المدن التي لا تفصل بينها مسافات كبيرة.

المساهمون