دبس الخرّوب

04 يناير 2015
شجرة الخرّوب (Getty)
+ الخط -
يتميّز دبس الخرّوب بلونٍ وطعمٍ مميّزيْن. تنسُج انسيابيّته طعماً حلواً لطالما تمّت الاستعاضة به عن الحلويات التقليدية بعد الوجبات الدسمة.

يُعتبر دبس الخروب سيّد المائدة عند أهالي بعض مناطق جنوبي لبنان، لا سيّما في فصل الشتاء، كونه مصدراً للدفء والحرارة، فيُعطي الجسم الكثير من الحيوية والقوة. بالإضافة إلى ذلك، تتنوّع فوائده العديدة، ينصح الأطباء مرضاهم بأكل الدبس والاستفادة منه، لأنه دواءٌ لعلاج العديد من الأمراض، إذ يحتوي على فيتامين "B" الذي يخفف من نسبة الضغط النفسي. استُهلكَ سابقاً بكثرة بسبب اقتصار الحلويات على ما تعدّه ربة المنزل من مربى التين أو اليقطين وغيرها.



تشتهر بلدة الخرايب في جنوب لبنان بزراعة الخروب منذ أكثر من تسعين عاماً، فتحوي مئات الأشجار التي صارت أحد أبرز معالم البلدة. ولكن في البلدة معصرة دبس واحدة، وهي لا تزال موجودة حتى يومنا هذا. يقوم فلاحو البلدة وأهلها بقطف قرون الخروب في أواخر شهر أيلول / سبتمبر، بعد أن تكون قد أينعت، وبعد ذلك يقومون بأخذها إلى معاصر الدبس الموجودة في البلدة، حيث يلجأ البعض إلى بيعها، وآخرون إلى إيداعها بما يسمّى بالحصة، فيتم تقسيم الدبس بين المعصرة والخروب في الشتاء بعد طبخه.

وتبدأ رحلة الخروب من القطاف إلى المعصرة، بعد أن ينضج ثمره ويتحوّل لونه من الأخضر إلى الأسود، حيث يكون قد قُطف في شهر أيلول، ويتم بعد ذلك تجفيفه تحت أشعة الشمس، ثمّ نقله إلى المصنع، حيث تكون "فرّامة" الخروب بانتظاره. تقطّعه وتفرمه بعد غسله، ليعمل الغربال على تنقية كسر الخروب الصغيرة والكبيرة من شوائبها، ويعرّبها ليذهب الكسر نقياً إلى التخمير. وهناك يتم وضع كسر الخروب الخالي من شوائبه في غرفة معتمة لمدة ستين يوماً ليخمّر، وبعد هذه المدة ينقع في المياه لمدة ثماني ساعات، يتم خلالها استخراج عصارته التي يُمكن تحويلها إلى شراب مفيد لأمراض المعدة. بعد ذلك تكون النار بانتظاره في العصارة، لكي يتمّ طهوه، وتحوّله دبساً بعد رحلة الأربع ساعات من الغليان على البخار، ليصير الدبس جاهزاً للبيع والعرض في الأسواق. أمّا بذور الخروب، فتُشترى من المعاصر، وتُصدّر إلى الخارج كونها تدخل في صناعة بعض الأدوية.

ويقول أحد كبار السن في الجنوب اللبناني: "لا أحد يعرف قيمة هذه الشجرة ولا قيمة ثمارها، فقد كان الأجداد يعتمدون عليها كمصدر للحلو. الخروب ينشّط عمل الخلايا في الجسم، ويساعد على حلّ مشاكل الغازات وعسر الهضم والإمساك. ويُضيف: "يُعتبر دبس الخروب "عسل الفقراء"، نظراً لحلاوته ورخص ثمنه، إذ يبلغ ثمن الكيلو غرام الواحد ما يقارب الستة آلاف ليرة لبنانية أي ما يعادل أربعة دولارات".

وقد ازدهرت زراعة شجر الخروب في جنوبي لبنان، وإقليم الخروب في منطقة الشوف، بشكل كبير، ويلاحظ ذلك بسبب المعاصر الموجودة فيتلك المناطق، حيث يبلغ إنتاج معصرة في إحدى المناطق ما يقارب ثلاثين طناً سنوياً من دبس الخروب الصافي.
المساهمون