أحصى عاملون في القطاع الطبي السوري أكثر من 1560 حالة إصابة بمرض اللشمانيا في مناطق مختلفة من محافظة حماة الخاضعة لسيطرة النظام السوري، والتي تعاني من واقع مترد في مجالات عدة، خصوصا في القطاع الصحي.
ويتفشى الداء المعدي في بلدة "حربنفسه" في الريف الجنوبي لحماة القريبة من بحيرة سد الرستن، وغيرها من البلدات، بحسب محمد الحموي، أحد أبناء البلدة، والذي قال لـ"العربي الجديد"، إنه "عند تراجع مستوى البحيرة في الجهة الغربية للبلدة تنتشر الحشرات بشكل كبير، وتصبح المنطقة على امتداد كيلومتر تقريبا موحلة ومنتنة كون ماء النهر القادم من منطقة الحولة، والذي يصب في بحيرة الرستن، ملوث".
وأضاف: "الأهالي لا يمكنهم فعل شيء حيال هذا، ويساهم العدد الكبير للماشية في البلدة في زيادة انتشار الحشرات والأمراض، فكثير من رعاة المواشي يتنقلون قرب البحيرة. الظروف الطبية في البلدة سيئة، كونها كانت خارجة عن سيطرة النظام، واليوم تتم معاملتنا كخارجين عن النظام، ولا خيارات أمامنا".
وعزت مصادر صحية تابعة للنظام انتشار اللشمانيا في مناطق حماة إلى عوامل عدة، أبرزها تسرب مياه الصرف الصحي نتيجة الأعطال والتمديدات الصحية، فضلا عن انتشار النفايات بشكل كبير، إذ ظهرت الإصابات في أحياء مدينة حماة ومدن وبلدات الأرياف الجنوبية والشمالية، مثل الفيحاء والشهباء وقمحانة وطيبة الإمام والضاهرية وتشرين والمشاعات وجبرين ومزارعها والصواعق وصوران ومعردس وحربنفسه وبعض قرى مصياف وسلمية.
وتغيب التوعية الصحية عن هذه المناطق مثلما تغيب الخدمات التي تعد البلديات مسؤولة بشكل مباشر عنها، ولا تعرف تلك البلدات عمليات الصيانة لشبكات الصرف الصحي، أو رفع النفايات، ويطالب الأهالي باستخدام المبيدات الحشرية للتخلص من ذبابة الرمل باعتبارها الناقل الرئيسي لمرض اللشمانيا.
ويساهم انتشار الكلاب الضالة ومزارع الدواجن بكثرة في المناطق الريفية في تفشي الداء، وخصوصا أنها لا تخضع للشروط الرقابية والصحية.
وقال طبيب الأمراض الجلدية، عامر محمد، لـ"العربي الجديد"، إن "حشرة ذبابة الرمل التي لا يتجاوز حجمها نصف حجم البعوضة، هي الناقل الرئيس للمرض، وهي تنشط بهذه الأجواء، والإصابة تؤدي إلى ندبات قد تكون دائمة في حال لم تعالج باللقاحات المناسبة، ومنها ما يصيب الجلد، وآخر أخطر يصيب الأمعاء والأعضاء الداخلية، مثل الكبد والكلى، ونوع نادر يعرف باللشمانيا المخاطية، والإصابة بها لمرة واحدة تعطي مناعة دائمة ضدها".
وتابع الطبيب: "الأهم من متابعة المصابين هو القضاء على مصدر المرض وناقله، فانتشار ذبابة الرمل سيؤدي لحدوث إصابات جديدة، وحملات التوعية ضرورية للوقاية من المرض، فضلا عن سرعة تلقي العلاج في حال الاصابة".
وفي عام 2018، وثقت منظمة الصحة العالمية أكثر من 58 ألف حالة إصابة بداء اللشمانيا في سورية، ثلثها تقريبا في مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة النظام.