تتزايد في مصر الأزمة الاقتصادية يوماً بعد يوم، ويظل الدعم الحكومي للسلع الغذائية وعلى رأسها الخبز كارثة كل الحكومات كونه، مع الوقود، يستهلك الجانب الأكبر من الموازنة العامة المُتدنية بالأساس، ورغم سوء حالة رغيف الخبز في مصر والفساد الكبير الذي تعاني منه منظومة صنع وتوزيع الخبز إلا أن ملايين المصريين لازالوا يستفيدون من دعم الخبز.
وحاولت الحكومات المصرية المتعاقبة منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات التخلص من عبء دعم رغيف الخبز، الذي يطلق عليه المصريون اسم "العيش" والذي كان أول شعارات الثورة على الرئيس الأسبق حسني مبارك "عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية".
في مصر يموت سنوياً العشرات في "طوابير" الحصول على رغيف الخبز، بينما أعلن وزير التموين المصري خالد حنفي اليوم الأحد أن بلاده، التي تعد أكبر مستورد للقمح في العالم، حددت 150 رغيفاً للمواطن من الخبز المدعم شهرياً بواقع خمسة أرغفة يومياً للمواطن.
ويأتي ذلك مع بدء العمل بمنظومة جديدة لتوزيع الخبز بالبطاقات التموينية الذكية بهدف الحد من تهريب الدقيق المدعم. ويبدأ النظام الجديد لتوزيع الخبز في مدينة بورسعيد اليوم الأحد والأسبوع المقبل في محافظات مدن القناة على أن يعمم في باقي محافظات مصر قبل يوليو/ تموز.
ويستفيد نحو 67 مليون مواطن من بين أكثر من 86 مليون مواطن يعيشون في مصر حالياً من منظومة دعم المواد التموينية من خلال 18 مليون بطاقة تموينية. وسيتمكن غير الحاملين لبطاقات التموين من المصريين من استخراج بطاقات مخصصة لشراء الخبز المدعم الذي يباع بخمسة قروش للرغيف.
وكانت أزمة قد ثارت في عهد الرئيس محمد مرسي الذي ـ انقلب عليه الجيش بالتحالف مع بعض القوى المدنية المعارضة ـ وكان أحد أسبابها هو تحديد عدد "الأرغفة" المخصصة للفرد في مصر، والتي قيل إنها ستكون ثلاثة أرغفة فقط، فيما قال وزير التموين وقتها باسم عودة: إن الأمر مجرد خطة يتم دراستها لتقليص الإهدار المالي على الدعم وتوفير أموال للميزانية المثقلة بالأساس.
وقال حنفي في بيان صحفي: إن وزارته ستشتري "رغيف العيش من المخبز الذي يعمل بالسولار بسعر 33.7 قرش والمخبز الذي يعمل بالغاز الطبيعي بسعر 33.3 قرش، ويحصل صاحب المخبز فوراً (على قيمة مبيعاته) في حسابه بالبنك بمجرد البيع، وفق رويترز.
"هذا النظام يحقق لصاحب المخبز ربحاً صافياً 260 جنيهاً في طن الدقيق الذي ينتجه (خبزاً) وسوف يعاد النظر في هذه الأسعار كل ثلاثة أشهر" بحسب الوزير المصري.
ويتسبب هيكل دعم الخبز الحالي في تهريب الكثير من الدقيق المدعم للسوق الموازية وهو ما يؤدي إلى تضخم فاتورة الدعم دون أن تصل الأموال إلى المستحقين. ويبيع أصحاب المخابز جوال الدقيق المدعم (100 كيلو جرام) الذي يحصلون عليه مقابل 16 جنيهاً للسوق السوداء بسعر يقارب 90 جنيهاً.
ويبلغ متوسط عدد الأرغفة للمواطن يومياً الآن قبل تنفيذ النظام الجديد لتوزيع الخبز نحو 3 أرغفة. ويرى حنفي أن النظام الجديد لبيع الخبز "سيحفظ للمواطن كرامته ويوفر المستحقات المالية فوراً لأصحاب المخابز من بيع العيش ويحافظ على الدعم المخصص للعيش والبالغ 22 مليار جنيه سنوياً من الاهدار والتسرب".
ويشمل النظام الجديد لتوزيع الخبز تحويل ما لم يتم شراؤه من الحصة الشهرية للخبز إلى نقاط مادية يستطيع من خلالها المواطن شراء أي منتجات يحتاجها من خلال البقال التمويني.
ويعتمد المصريون على دعم الغذاء والطاقة وهو ما يشكل ربع إجمالي الإنفاق الحكومي. وترددت الحكومات المتعاقبة في خفض الدعم خشية السخط العام وفي ذاكرتها أحداث الشغب في عام 1977 إبان فترة حكم أنور السادات. وأطلق نقص في الخبز احتجاجات في عام 2008 إبان حكم حسني مبارك.
وقال حنفي في مقابلة في مارس/ آذار: إن منظومة الخبز الجديدة ستوفر 25 بالمئة من الدعم الحالي للخبز ولكن هذا التوفير لن يدخل للدولة بل سيذهب للمواطن لشراء ما يريده من منتجات تموينية وغذائية أخرى.