استطاع خليل نظري وضع اختراع باسم بلاده، وهو يسعى إلى تطوير مشروعه لتستفيد منه إيران أولاً ومناطق ثانية في حاجة إلى تقنيات وتكنولوجيا نظيفة.
منذ صغره، أحبّ خليل نظري الكيمياء وتفاعلاتها فضلاً عمّا يرتبط بالفيزياء، وقد عمل في ذلك الحين في محل متواضع مع والده، الأمر الذي مثّل عاملاً إيجابياً ساعده على اختراع "لاصق استثنائي"، كما يصفه. فذلك اللاصق "قادر على حلّ أبرز مشكلات إيران البيئية، ألا وهي هبوب العواصف الرملية والترابية والتي تضرّ بالنباتات وبصحة المواطنين على حدّ سواء".
ولد خليل نظري في تبريز الإيرانية في عام 1981، وهو يملك اليوم معملاً للصناعات الكيميائية وكذلك علامة مسجلة تحت اسم "هل". فبات ينتج اللاصق الذي حاز على براءة اختراع أجنبية وعلى جائزة أفضل اختراع للعام من إيران.
وكان نظري قد بدأ يعمل مع والده في الخامسة عشرة من عمره في محل لبيع الطلاء ومستلزمات الصيانة، قبل أن ينتسب إلى الجامعة ويدرس الفيزياء. وفي العشرين من عمره، وضع اللبنات الأولى لمعمله وبدأ اختباراته على اللواصق، وفي عام 2005 تمكّن من تصنيع أول المنتجات اللاصقة. بعد خمسة أعوام، في عام 2010، ظهرت باكورة أعماله المختلفة والتي أجرى عليها اختبارات وتجارب بحثية عدّة، وهو اختراعه الذي طوّره على مدى سنوات ليكون منتجه الأول، ويحصل من خلاله على براءة الاختراع. هكذا صار اسم خليل نظري معروفاً لدى كثيرين في إيران.
صنع نظري لاصقه من مواد نباتية طبيعية، الأمر الذي جعله "منتجاً صديقاً للبيئة بامتياز"، بحسب ما يؤكد. وهو يعتمد في تركيبته على نشاء القمح المصنّع بتكنولوجيا وتقنيات متطورة حديثة، فعندما يمزج بالماء يلتصق على سطح الأتربة والرمال الأمر الذي يمنع تطايرها في حال هبوب الرياح.
وعن مصدر فكرته تلك، يقول نظري إنّها خطرت في باله قبل أعوام، "عندما شهدت عاصفة ترابية قوية هبّت في تبريز. وقد لاحظت حينها إلى أيّ درجة تضايق السكان منها وإلى أيّ درجة تترك عاصفة مماثلة آثاراً بيئية سلبية، وخصوصاً أنّ لهذه العواصف منشأ داخلياً وآخر خارجياً. فإيران موجودة في إقليم شبه جاف وتحيط بها بلدان تعاني من المشكلة ذاتها". بالتالي، فكّر في كيفية إيجاد حلّ نسبيّ لعلّه يقلّص من خلاله تبعات تلك العواصف ذات المنشأ الداخلي على أقلّ تقدير، والتي تحمل الغبار والأتربة وتنشرها، لا سيّما في الأقاليم والمناطق الجافة من البلاد.
ويصف نظري الفكرة بـ"البسيطة، إذ هي تعتمد على إلصاق التراب بسطح الأرض وعدم السماح له بالتحرك"، مضيفاً أنّ اللاصق الذي أطلق عليه اسم "هل" يساهم في تحسين التربة الزراعية بسبب المواد المصنّع منها، كذلك فإنّ سعره مناسب ويقاوم الرياح والظروف المناخية الصعبة ولا يتأثر بأشعة الشمس. ويشير إلى أنّ المواد التي يصنّع منها اللاصق إلى جانب النشاء، وهو المكوّن الأساسي، متوفّرة في إيران، وهو ما يعني سهولة تصنيعه وتوفره بكثرة بالإضافة إلى القدرة على بيعه بسعر جيّد. يُذكر أنّه ليس للاصق "هل" الحاصل على جائزة أفضل اختراع، أيّ رائحة أو لون، وهو لا يؤثّر سلباً على البيئة ولا على الحيوانات أو النباتات. كذلك ليست له أيّ تأثيرات كيميائية جانبية، ولا يلوّث المياه الجوفية إذا امتصّه نوع معيّن من التربة، وهو غير قابل للاشتعال.
وعن طريقة استعماله، يقول نظري إنّه من الممكن رشّ هذا اللاصق على التربة مباشرة، إمّا بالطريقة التي ترشّ وتوزّع فيها المواد التي تعبّد بها الطرقات وإمّا باللجوء إلى المروحيات التي تستخدم في إطفاء الحرائق من الجوّ. وبعد ملامسته سطح الأرض، يغيّر لاصق "هل" سماكة الأرض أولاً، ثمّ يلصق الغبار أو التراب وحتى الرمال ذات الحبيبات الصغيرة جداً، فيمنع تحرّكها في حال هبوب العواصف والرياح.
أرسل نظري اختراعه هذا إلى بلدان عدّة وحصل على شهادة "إنبيكس" من الولايات المتحدة الأميركية، وشهادة "تي يو في" من ألمانيا لتُسجَّل براءة اختراعه هناك كذلك، فضلاً عن شهادة "سي إي" من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى جوائز محلية إيرانية. وتواصل مع شركات أجنبية عدّة وأخرى محلية، عالماً أنّ اختراعه سوف يلقى ترحيباً من قبل كثيرين، إذ إنّ "بلداناً عدّة تعاني من تبعات العواصف الرملية والترابية وهي في حاجة إلى منتج من هذا النوع".
وسّع نظري معمله الأول وبنى قاعات خاصة جديدة، فبات لديه أكثر من مكان، الأمر الذي ساعده على تحسين منتجات عدّة، منها لواصق عادية للاستخدام اليومي، وأخرى تُستخدم للمعادن والسيارات، ومنها ما يتمتّع بخواص وجودة عالية كتلك المصنّعة في بلدان متطوّرة، بحسب ما يؤكد. ويحلم نظري اليوم ببناء أكبر معمل للواصق في إيران، ويخطط لذلك على أن يتحوّل إلى مشروع عملي في منطقة هريس الواقعة في محافظة أذربيجان الشرقية، على أن يمتدّ على مساحة ألف و500 هكتار.
إلى جانب المشكلات البيئية، تعاني إيران من مشكلات اجتماعية عدّة، في مقدّمتها البطالة. يلفت نظري في هذا السياق إلى أنّ "توظيف فئات شابة في معملي أولوية بالنسبة إليّ مذ بدأ حلمي يكبر. لعلّني بذلك أتمكّن من المساهمة في حلحلة هذه المشكلة ولو نسبياً". ويرى نظري أنّ "القدرات والكفاءات في إيران متعددة وكثيرة، وثمّة علماء شباب يستطيعون تقديم ما هو مميّز"، قائلاً إنّ كثيرين يشاركون سنوياً في أولمبيادات علميّة تقام في بلدان غربية، وقد حققت إيران بفضل أمثال هؤلاء جوائز ومراتب عدّة. ويؤكد على أنّ "هذه الفئة لا تتلقى أيّ مساعدة أو اهتمام محلي خاص".