ولا يمكن عزل رفض لقاء رئيس البرلمان الألماني للسيسي عن تطورات الأوضاع الداخلية في مصر، منذ تولي الرجل إدارة أمور البلاد، عقب الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، بالإضافة إلى الانتقادات الموجهة للنظام الحالي بشأن أوضاع حقوق الإنسان، وارتفاع معدلات قتل واعتقال وتعذيب المعارضين للنظام الحالي، فضلاً عن تنفيذ أحكام إعدام بحق بعض المتهمين في قضايا سياسية في الأساس.
بيد أن إحالة مرسي إلى المفتي لاستطلاع الرأي بشأنه في قضية "الهروب من السجون" المعروفة إعلامياً بـ"الهروب من وادي النطرون"، فجّرت موجة انتقادات شديدة للنظام الحالي، وسط اتهامات صريحة بأن "المحاكمات غير عادلة وتفتقر إلى الحد الأدنى من ضمانات المحاكمات العادلة".
وجاء رفض رئيس البرلمان الألماني للقاء السيسي، عقب تصريحات من وزير الخارجية، فرانك فالتر شتاينماير، عنيفة تجاه النظام الحالي، إذ قال "بالنسبة لنا في ألمانيا، فإن هذا الحكم شكل من أشكال العقاب الذي نرفضه رفضاً باتاً". وأضاف أن "ألمانيا ترغب في أن يتصرف القضاء وفقاً للحق والقانون، وليس وفقاً للمعايير السياسية".
وذكر لامرت في بيانه، أنه "بعث خطاباً إلى السفارة المصرية في برلين، يشير إلى أنه قرر إلغاء اللقاء مع السيسي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بقرار الإعدام الصادر، يوم السبت، بحقّ (الرئيس المعزول) محمد مرسي".
وأضاف أن "السلطات المصرية لم تحدد الانتخابات النيابية منذ فترة طويلة، وتعتقل عناصر المعارضة من دون اتهامات واضحة، بينهم رئيس البرلمان المصري السابق سعد الكتاتني، كما قررت إعدام عدد كبير من الأشخاص".
اقرأ أيضاً: الزند "الإخواني" يطالب بإعدام رؤوس الثورة المضادة وتطبيق الشريعة
وجاء في بيان البرلمانيين المصريين أنه "خلال الفترة القصيرة لوجود الرئيس مرسي في السلطة تم تعويقه من خلال الجيش والقضاء وحكم الأقلية وطبقات المنتفعين فإنه رغم كل ذلك حافظ على حرية الصحافة والرأي والتعبير في البلاد".
وأضاف البيان أنه "يوجد حالياً في السجون نحو أربعين ألف معارِض، وهناك آلاف من المتظاهرين السلميين تم قتلهم منذ الانقلاب العسكري حتى اليوم، ويتم بانتظام رصد جرائم تعذيب واغتصاب ترتكبها سلطات الانقلاب ضد أولئك الذين يعارضون النظام الانقلابي".
وذكر البيان أنه "في ظل سلطة السيسي، فإن حرية التجمع والتظاهر محظورة بالقانون، الذي صدر في غياب برلمان يمثل الشعب، كما يتم التضييق على حرية التعبير بكافة الوسائل من جانب النظام العسكري". ولفت إلى أن "نحو 1541 من رجال ونساء مصر حصلوا على أحكام بالإعدام في محاكمات غير عادلة تماماً، كان آخرها تلك المتعلقة بمرسي ومائة من مساعديه وأنصاره".
وأفاد البيان بأنه "تمَّ تأييد أحكام الإعدام والتصديق عليها بشكل نهائي لأكثر من 570 شخصاً، سبعة منهم تم إعدامهم بالفعل حتى الآن، وآخر تلك القضايا تلك التي تُعرف إعلامياً باسم قضية عرب شركس، والتي حظيت باهتمام إعلامي متميز نتيجة للأدلة الصارخة التي تثبت براءة المتهمين الذين تم إعدامهم بالفعل، من دون أن يحصلوا على فرصة كافية لإثبات براءتهم".
وتوجّه البرلمانيون إلى ألمانيا الرسمية بالقول "نحن ندرك أن سياسة ألمانيا المبدئية منذ فترة طويلة هي معارضة عقوبة الإعدام في كل الظروف، وأنها تعمل على إلغائها أو على الأقل ضمان تطبيق الحدّ الأدنى للمعايير التي يفرضها الاتحاد الأوروبي في الدول التي لا تزال تطبِّق هذا النمط من العقوبات".
من جهته، أعرب الرئيس الألماني السابق، كريستيان فولف، عن أمله في أن "تتمّ إعادة محاكمة مرسي، بشكل يتلاءم مع المعايير القانونية". وأضاف فولف في تصريحات لوكالة "الأناضول"، في زيارة يقوم بها لتركيا، "نحن على يقين من أن الحكم الصادر بحق مرسي لا يتطابق مع المعايير القانونية". وأمل فولف أن "يتوّحد الشعب المصري، وأن يعمل على تحقيق السلام في بلاده".
اقرأ أيضاً: قراءة في بواعث الإخوان نحو الاستمرار في الصراع الحالي