14 نوفمبر 2024
خلط الأوراق مجدّداً في اليمن
تطرح أحداث عدن أخيرا تساؤلات كثيرة بشأن المرامي الحقيقية للحرب التي يخوضها التحالف السعودي ــ الإماراتي في اليمن، بكل تكلفتها الإنسانية المعلومة. ولعل الصمت الذي قابلت به السعودية انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، وتصريح نائب رئيس المجلس، هاني بن بريك، بشأن استعداد المجلس المذكور لتقديم المساعدة إلى قوات خليفة حفتر في ليبيا، والارتباكَ الحاصل في أداء الرئاسة اليمنية، ذلك كله يُشكّل فصلا جديدا من المؤامرة على الشعب اليمني، وحقه المشروع في الاستقرار والسلم الأهلي والحرية، ويفنّد الاستراتيجية المعلنة بشأن دعم التحالف الحكومة الشرعية التي يُفترض أن الرئيس عبد ربه منصور هادي يمثلها في (إقامته؟) في الرياض.
لا تكتمل صورة ما يحدث في اليمن إلا بوضعه في سياقه الإقليمي، المرتبط بالسيرورة التي أفرزها الربيع العربي بعد 2011. ومنذ اندلاع النسخة اليمنية من هذا الربيع، ممثلةً في ثورة الشباب التي انطلقت في 11 فبراير/شباط 2011، شكّل اليمن تحدّيا جيوسياسيا لمنظومة الخليج، ولكم تكن المبادرة الخليجية إلا محاولةً للالتفاف على الثورة اليمنية، في أفق الحد من زخمها الشعبي، وتأطيرها ضمن استراتيجية إقليمية، بإشراف سعودي وإماراتي، تأبى وجود دولة ديمقراطية ومدنية على الحدود السعودية. ومنذ ذلك الحين، ظلت الأزمة اليمنية، بمختلف فصولها الدرامية، أسيرة الاستقطابات الإقليمية، ودفع الشعب اليمني، ولا يزال، ثمنا باهظا من حياة أبنائه وأمنه واستقراره، لقاء عدم استقرار الفاعلين الذين يقودون هذه الاستقطابات على حلٍّ إقليمي يرفع المعاناة عنه، ويمهّد لإعادة بناء المشروع الوطني اليمني، بمختلف روافده ومكوناته.
صعودُ المجلس الانتقالي الجنوبي إلى واجهة الأحداث في اليمن خلط الأوراق من جديد، وجعل الحالة اليمنية أقرب إلى السيناريو اللبناني، بما يُحيل عليه ذلك من تباين في الأجندات الإقليمية والدولية، وغياب حكومة شرعية تحوز الاعتراف الدولي، وزيادة معاناة اليمنيين، وتدمير السلم الأهلي والوحدة الوطنية. ولعل ما يستدعي هذا السيناريو الصمت المريب الذي قابلت به الرئاسةُ اليمنية انقلاب الانفصاليين في عدن، وهو صمتٌ يبدو أقرب إلى أن يُفسر بعجزٍ واضح، من الرئيس هادي، يعيد إلى الأذهان القصة التي تردّدت، قبل نحو عامين، بشأن احتجاز رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، في الرياض، في ظل سعي الأخيرة إلى التحكم في المعادلة السياسية اللبنانية، على خلفية صراعها مع طهران، وحليفها في لبنان حزب الله.
كان لافتا أيضا تأكيد المجلس الانتقالي الجنوبي على الالتزامِ بشرعية الرئيس هادي، والوقوفِ إلى جانب التحالف العربي الذي تقوده السعودية. وفي الوقت نفسه، شدّد المجلس على رفضه التفاوض تحت التهديد، ما يعني، بما لا يدع مجالا للشك، أن هناك واقعا سياسيا وميدانيا بات يفرض نفسه في ما كان يسمّى ''شطرا جنوبيا'' لليمن، قبل الوحدة التي طالما شكّلت شوكة في خاصرة السعودية منذ عقود.
لا مجازفة في الزعم أن سقوط عدن بيد انفصاليّي الجنوب كشف حقيقة سردية التحالف العربي التي كان ضمن أهدافها، المعلنة على الأقل، استتباب الأمن والاستقرار، وعودة الشرعية بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء. وبصرف النظر عمّا إذا كان انقلاب الانفصاليين في عدن قد جرى بتنسيق سعودي ــ إماراتي، أو عَكَس فصلا جديدا في سياسة الإمارات في اليمن خارج العباءة السعودية، فالأكيد أن صلاحية التحالف في اليمن قد انتهت، واستمرارها لن يعني غير أعباء ثقيلة مكلفة للإقليم على أكثر من صعيد.
وربما لَخّص ما قاله وزير الداخلية اليمني، أحمد الميسري، بشأن أحداث عدن، حقيقة المشهد اليمني، فاتهامُه الرئاسة اليمنية والرياض بالصمت يعني، بشكل أو بآخر، أن الأمر يتعلق بمخطط سعودي وإماراتي لتقسيم خريطة النفوذ والمصالح في اليمن، وهو مخطّط يرتبط بهدفين استراتيجيين، تسعى الرياض وأبو ظبي إلى تحقيقهما؛ أولا عرقلة كل الجهود التي تصب في إعادة بناء الدولة اليمنية على أسس ديمقراطية، تضمن الاستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وهو الأمر الذي لا يتحقق إلا بإحياء النزعات الانفصالية والقبلية والطائفية، وتغذيتها بشتى الوسائل. وثانيا مواجهة النفوذ الإيراني المتغلغل في اليمن، والعمل على اجتثاث كل امتداداته السياسية والمذهبية على المدى البعيد.
لا تكتمل صورة ما يحدث في اليمن إلا بوضعه في سياقه الإقليمي، المرتبط بالسيرورة التي أفرزها الربيع العربي بعد 2011. ومنذ اندلاع النسخة اليمنية من هذا الربيع، ممثلةً في ثورة الشباب التي انطلقت في 11 فبراير/شباط 2011، شكّل اليمن تحدّيا جيوسياسيا لمنظومة الخليج، ولكم تكن المبادرة الخليجية إلا محاولةً للالتفاف على الثورة اليمنية، في أفق الحد من زخمها الشعبي، وتأطيرها ضمن استراتيجية إقليمية، بإشراف سعودي وإماراتي، تأبى وجود دولة ديمقراطية ومدنية على الحدود السعودية. ومنذ ذلك الحين، ظلت الأزمة اليمنية، بمختلف فصولها الدرامية، أسيرة الاستقطابات الإقليمية، ودفع الشعب اليمني، ولا يزال، ثمنا باهظا من حياة أبنائه وأمنه واستقراره، لقاء عدم استقرار الفاعلين الذين يقودون هذه الاستقطابات على حلٍّ إقليمي يرفع المعاناة عنه، ويمهّد لإعادة بناء المشروع الوطني اليمني، بمختلف روافده ومكوناته.
صعودُ المجلس الانتقالي الجنوبي إلى واجهة الأحداث في اليمن خلط الأوراق من جديد، وجعل الحالة اليمنية أقرب إلى السيناريو اللبناني، بما يُحيل عليه ذلك من تباين في الأجندات الإقليمية والدولية، وغياب حكومة شرعية تحوز الاعتراف الدولي، وزيادة معاناة اليمنيين، وتدمير السلم الأهلي والوحدة الوطنية. ولعل ما يستدعي هذا السيناريو الصمت المريب الذي قابلت به الرئاسةُ اليمنية انقلاب الانفصاليين في عدن، وهو صمتٌ يبدو أقرب إلى أن يُفسر بعجزٍ واضح، من الرئيس هادي، يعيد إلى الأذهان القصة التي تردّدت، قبل نحو عامين، بشأن احتجاز رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، في الرياض، في ظل سعي الأخيرة إلى التحكم في المعادلة السياسية اللبنانية، على خلفية صراعها مع طهران، وحليفها في لبنان حزب الله.
كان لافتا أيضا تأكيد المجلس الانتقالي الجنوبي على الالتزامِ بشرعية الرئيس هادي، والوقوفِ إلى جانب التحالف العربي الذي تقوده السعودية. وفي الوقت نفسه، شدّد المجلس على رفضه التفاوض تحت التهديد، ما يعني، بما لا يدع مجالا للشك، أن هناك واقعا سياسيا وميدانيا بات يفرض نفسه في ما كان يسمّى ''شطرا جنوبيا'' لليمن، قبل الوحدة التي طالما شكّلت شوكة في خاصرة السعودية منذ عقود.
لا مجازفة في الزعم أن سقوط عدن بيد انفصاليّي الجنوب كشف حقيقة سردية التحالف العربي التي كان ضمن أهدافها، المعلنة على الأقل، استتباب الأمن والاستقرار، وعودة الشرعية بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء. وبصرف النظر عمّا إذا كان انقلاب الانفصاليين في عدن قد جرى بتنسيق سعودي ــ إماراتي، أو عَكَس فصلا جديدا في سياسة الإمارات في اليمن خارج العباءة السعودية، فالأكيد أن صلاحية التحالف في اليمن قد انتهت، واستمرارها لن يعني غير أعباء ثقيلة مكلفة للإقليم على أكثر من صعيد.
وربما لَخّص ما قاله وزير الداخلية اليمني، أحمد الميسري، بشأن أحداث عدن، حقيقة المشهد اليمني، فاتهامُه الرئاسة اليمنية والرياض بالصمت يعني، بشكل أو بآخر، أن الأمر يتعلق بمخطط سعودي وإماراتي لتقسيم خريطة النفوذ والمصالح في اليمن، وهو مخطّط يرتبط بهدفين استراتيجيين، تسعى الرياض وأبو ظبي إلى تحقيقهما؛ أولا عرقلة كل الجهود التي تصب في إعادة بناء الدولة اليمنية على أسس ديمقراطية، تضمن الاستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وهو الأمر الذي لا يتحقق إلا بإحياء النزعات الانفصالية والقبلية والطائفية، وتغذيتها بشتى الوسائل. وثانيا مواجهة النفوذ الإيراني المتغلغل في اليمن، والعمل على اجتثاث كل امتداداته السياسية والمذهبية على المدى البعيد.