انتقل الخلاف الغربي الروسي بشأن الضربة الثلاثية على مواقع للنظام السوري فجر اليوم السبت، إلى أروقة مجلس الأمن، خلال جلسة طارئة عقدت اليوم بدعوة من موسكو، رفض خلالها أعضاء المجلس مشروع قرار أعدته روسيا للتنديد بالضربة على اعتبارها "انتهاكا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
ولم ينل مشروع القرار سوى تأييد روسيا والصين وبوليفيا، وعارضته ثماني دول فيما امتنعت أربع دول عن التصويت.
وخلال الجلسة اعتبر المندوب الروسي فاسيلي نبينزيا أن الضربات غير قانونية، وتخالف ميثاق الأمم المتحدة، بينما رأت مندوبة واشنطن بالأمم المتحدة نيكي هيلي، أن بلادها تصرفت لردع استخدام مستقبلي من قبل نظام بشار الأسد للأسلحة الكيميائية.
وقال نبينزيا في كلمته "إن روسيا قامت بكل ما في وسعها لإقناع الولايات المتحدة وحلفائها بالامتناع عن تلك الخطوة، وكمبرر لتلك الهجمات تحدثتم عن الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية من دون انتظار النتائج التي ستتوصل إليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".
وأضاف أن على واشنطن أن تعلم أن هذا السلوك في استخدام القوة هو أمر ينظمه ميثاق الأمم المتحدة. "هذا نوع جديد من الاستعمار وليس لديكم إلا الاستخفاف والاحتقار لميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن".
كذلك رأى أن "العدوان يؤدي إلى تقويض العملية السياسية تحت مظلة ورعاية الأمم المتحدة".
في المقابل، قالت هيلي إن واشنطن تصرفت لردع استخدام مستقبلي من قبل نظام الأسد للأسلحة الكيميائية. وأضافت "هناك معلومات واضحة تظهر استخدام الأسلحة وصور الأطفال كانت نتيجة استخدام الأسلحة... نحن لم نمنح الدبلوماسية فرصة واحد وست مرات مارست فيها روسيا حق النقض ضد آلية تحقيق".
كذلك حمّلت روسيا المسؤولية قائلةً إن "الفيتو الروسي كان بمثابة الضوء الأخضر لاستخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية"، لافتةً إلى أن بلادها قامت بالعديد من الخطوات غير العسكرية لمحاربة استخدام أو تسهيل استخدام ونقل الأسلحة الكيميائية.
وأضافت هيلي "عندما يرسم رئيسنا الخط الأحمر فإنه يقوم بتنفيذ ذلك. لقد فشل مجلس الأمن في محاسبة استخدام الأسلحة الكيميائية والسبب الرئيسي هو روسيا"، لافتةً إلى تمكن بلادها من ضرب المنظومة الكيميائية للنظام السوري.
بدورها، أصرت السفيرة البريطانية لمجلس الأمن، كارن بيرس، قبل دخولها قاعة مجلس الأمن، على أن الضربات العسكرية التي وجهتها بلادها بالتعاون مع فرنسا والولايات المتحدة هي "قانونية ولا تتعارض مع القانون الدولي".
وقالت متحدثة للصحافيين "الأسبوع الماضي، في السابع من الشهر، استخدم النظام السوري ضد مدنيين الأسلحة الكيميائية. وتوصلنا إلى هذه النتيجة عن طريق معلومات استخباراتية. المملكة المتحدة تؤمن أن الضربات التي قمنا بها كانت صحيحة وقانونية".
وأضافت أن "الأعمال التي قمنا بها كانت محدودة الأهداف واستهدفت مركزاً للأبحاث ومواقع عسكرية تستخدم لإنتاج الأسلحة الكيميائية. لقد قمنا بهذه الخطوات بعدما استخدمت روسيا الفيتو مرات عديدة ضد مشاريع قرار. لا يمكن أن نسمح بأن يمر استخدام الأسلحة الكيميائية دون عقاب".
وحول السند القانوني للقيام بتلك الهجمات قالت السفيرة البريطانية خلال الجلسة "إن أي دولة وبموجب القانون الدولي، ملتزمة وبشكل استثنائي بأن تتخذ إجراءات للتخفيف من المعاناة الإنسانية العارمة".
وأضافت "إن السند القانوني لاستخدام المملكة المتحدة القوة هو التدخل الإنساني، الذي يتطلب استيفاء شروط، أولها وجود أدلة دامغة تثبت المعاناة الإنسانية، ما يتطلب إغاثة عاجلة وسريعة، وإحاطات الأمم المتحدة تشير إلى ذلك. ثانياً لا بد أن يكون واضحاً أن ما من خيار غير استخدام القوة لإنقاذ الأرواح".
بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الذي افتتح الجلسة، إنه تابع عن كثب إعلان كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي "بدء بلادهم بضربات عسكرية تستهدف قدرات سورية على إنتاج الأسلحة الكيميائية وتردع استخدامها في المستقبل، بحسب ما جاء في إعلان الرئيس ترامب".
وأضاف أنه، بحسب الجانب الأميركي، فإن "الضربات الجوية كانت محدودة، الهدف الأول مركز الأبحاث ومركز مزعوم للأسلحة الكيميائية بجانب حمص ومركز عسكري. أعلنت سورية أنه لم يسقط أي مدنيين ولا يمكن لنا أن نتأكد من أي من تلك المعلومات كأمم متحدة".
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى الاتحاد وتجنب أي أعمال من شأنها تصعيد الموقف، ومفاقمة معاناة الشعب السوري.
وتابع "هناك واجب، عند التعامل مع قضايا متعلقة بالأمن والسلم الدوليين بالتصرف على نحو يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة ومع القانون الدولي بشكل عام. ميثاق الأمم المتحدة واضح جداً بشأن هذه القضايا، إذ يتحمل مجلس الأمن المسؤولية الرئيسية عن صون السلام والأمن الدوليين".
ثم أعرب غوتيريس عن أسفه لعدم توصّل مجلس الأمن إلى اتفاق حول تبني مجلس الأمن قراراً لتشكيل آلية تحدد الجهات المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما.
وخلال الجلسة تقدمت روسيا بمشروع قرار ينص على "إعراب مجلس الأمن عن غضبه من العدوان الأميركي على سورية"، ويعرب عن قلقه العميق من تزامن الهجمات مع بدء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتحقيق وجمع الأدلة حول الهجمات في دوما. ويشير المشروع كذلك إلى أن "العدوان يخرق ميثاق الأمم المتحدة، ويطالب بالامتناع عن أي خروقات مستقبلية لميثاق الأمم المتحدة".