خلافات قاتلة... الخطوط الكويتية تحت رحمة المسؤولين

13 ابريل 2017
الشركة لا تجدد أسطولها الجوي (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
تعيش مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية أزمة حقيقية داخل أروقتها في ظل الخلافات بين الوزراء والقادة المعنيين حول مستقبل وسياسات المؤسسة خلال الفترة المقبلة، ومحاولات كل طرف فرض رؤيته للطريقة التي يجب أن تدار بها الشركة التي تعاني منذ 26 عاماً من خسائر فادحة.
واستقالت مديرة الخطوط الجوية الكويتية رشا الرومي، مطلع الأسبوع الماضي، بعد إبلاغها بعدم التجديد لها من طرف وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية، هند الصبيح، بسبب "خلافات لا يمكن حلها في الرؤية الخاصة بالمؤسسة بين الطرفين".
وقالت الرومي، في بيان استقالتها، إن الحكومة لم تساعدها على الالتزام بالخطة التطويرية للمؤسسة والتي تستهدف توسيع الأسطول وإعادة هيكلة كافة خطوط العمل وعدم سداد الحكومة لبقية رأسمال الشركة وسحب بعض المباني منها وتمكين شركات خطوط جوية كويتية مملوكة لبعض التجار على حساب الناقل الحكومي الوحيد.
وتعود أسباب الخلاف بحسب مراقبين اقتصاديين إلى أن الحكومة الكويتية تحاول التعجيل بقانون عام 2008 والذي ينص على خصخصة جزء كبير من الشركة للتخلص منها، كونها تمثل استنزافاً كبيراً للميزانية العامة للدولة، وخصوصاً أن الحكومة بدأت تعاني فعلاً من العجز نتيجة انخفاض أسعار النفط مصدر الدخل الوحيد للبلاد.
وتشير التكهنات إلى أن الخطوط الجوية المنافسة للخطوط الكويتية، وهي "الجزيرة"، قد بدأت فعلياً بالإعداد للاستحواذ على الجزء المخصص للمستثمرين في مشروع خصخصة الخطوط الكويتية وهو 35% ودمج طيران الجزيرة بطيران الكويتية، وهو التوجه الذي يسعى إليه مجلس الإدارة الجديد المعين من قبل الحكومة برئاسة القيادي النفطي السابق سامي الرشيد ووزيرة الشؤون الاقتصادية هند الصبيح.
غير أن مديرة الخطوط السابقة رشا الرومي كانت ترى أن الطيران الكويتي بإمكانه وبواسطة القليل من الدعم الحكومي والكثير من الوقت أن يصبح وجهة ركوب فخمة تنافس طيرانَي قطر والإمارات، وذلك عبر استئجار وشراء طائرات جديدة وضخ المزيد من السيولة لفتح خطوط سفر لعواصم جديدة ومتنوعة حول العالم.
وتعتبر وجهة النظر هذه أنه من الخطأ أن تقوم الحكومة بتطوير الأسطول ثم بيع المؤسسة على الفور لصالح المستثمرين، فيما يتداول المختصون اتجاهاً ثالثاً داخل المؤسسة يطالب بتحويلها إلى شركة طيران ذات كلفة اقتصادية مخفضة، خصوصاً أن شركات النقل الضخمة والفخمة قد أحكمت قبضتها بشكل كبير على الحصة السوقية في المنطقة ولا مجال لمنافستها بوقت قصير ومنافستها على المدى البعيد تعني المزيد من الاستمرار في نزيف الأموال بالنسبة للحكومة الكويتية ودفعها رواتب العاملين من جيبها الخاص لا من أرباح الشركة كما هو مفترض.
ويقول الخبير الاقتصادي مهند الحمر، لـ "العربي الجديد"، إن الخطوط الجوية الكويتية فوتت الفرصة الذهبية لأن تكون شركة رائدة أثناء نمو قطاع النقل الجوي في المنطقة بسبب الإجراءات الروتينية والبيوقراطية داخلها، إذ إنها اليوم تشبه وزارة حكومية تستلزم إجراءات حجز السفر فيها ساعات انتظار طويلة، وهو أمر لا يمكن القبول به في الأسواق التنافسية العالمية. ويرى الحمر أن "الصراع السياسي والمزايدات الرخيصة في كل مرة يتم فيها طرح مشروع شراء أو استئجار طائرات جديدة في مجلس الأمة، هو ما أدى إلى تعطيل الخطوط الجوية وتكبدها خسائر فادحة جداً، إذ لا يمكن لأعمال البرلمان أن تتداخل مع السياسات العامة لشركة يفترض أنها عالمية". ويعتقد الحمر أن الحل يتمثل في خصخصة هذا القطاع ورفع الحكومة يدها عنه، معللاً رأيه بأن "قطاع الطيران بات مجرد حفرة تبتلع المزيد من الأموال دون نتائج ملموسة".
ويرى أن الخصخصة يجب أن لا تكون وفق قانون 2008 الذي يتضمن قصوراً استثمارياً كبيراً وعبثاً بميزانية الدولة، من وجهة نظره، على اعتبار أن هذا القانون يُلزم الدولة ببناء أسطول نقل كبير وشراء المزيد من الطائرات ثم بيعها للمستثمرين.
وكانت الحكومة الكويتية قد أقرت بالتعاون مع مجلس الأمة في عام 2008 قانوناً يقضي بتحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية المملوكة بالكامل للحكومة، إلى شركة مساهمة يمتلك المستثمرون فيها 35% من الأسهم، وتوزع بقية الأسهم على الحكومة والمواطنين وموظفي المؤسسة.
ونص القانون على ضرورة أن تلتزم المؤسسة بإعادة تحديث وتجديد أسطول الطائرات الذي تعرض للتدمير نتيجة الغزو العراقي للبلاد حيث دُمرت أكثر من 15 طائرة بالإضافة إلى المباني التابعة للمؤسسة، مما أدى إلى تكبدها خسائر سنوية بمعدل 140 مليون دولار نتيجة لفقدان جزء كبير من الحصة السوقية في الخليج، وعدم تحديث الأسطول.
ويدور صراع كبير بين شركتين كويتيتين هما طيران الجزيرة وشركة أجيليتي للخدمات اللوجيستية للاستحواذ على الحصة المقرر طرحها للاستثمار من الحكومة الكويتية والبالغة 35%، وبينما تسعى خطوط طيران الجزيرة إلى تعجيل تطبيق القانون الخاص بخصخصة المؤسسة في أسرع وقت ممكن نظراً لاستعدادها المالي، تحاول شركة أجيليتي تأخير الأمور لحين تسوية مديونياتها العالقة في استثماراتها داخل العراق.
المساهمون