خلافات داخلية تهدد رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تونس

29 مايو 2018
+ الخط -
طفت الخلافات الداخلية داخل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس على السطح من جديد لتهدد استقرار الهيئة الدستورية الوحيدة المنتخبة، إذ بلغت الانقسامات والصراعات حد مطالبة جزء من الهيئة بإقالة رئيسها.

وفوجئ التونسيون والمتابعون بقرار مكتب مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، المنعقد أمس الإثنين، إعفاء رئيسها محمد التليلي المنصري من منصبه الذي لم يمض على انتخابه له سوى 6 أشهر تقريبا.

وقرر أكثر من نصف أعضاء مجلس الهيئة مراسلة البرلمان لطلب التصويت على سحب الثقة من المنصري، بسبب "اختلالات وتجاوزات جسيمة لم يتم الكشف عنها".

وقال مصدر من الهيئة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الأمر يتجاوز خلاف الرئيس مع غالبية أعضاء الهيئة وعدم قدرته على التواصل مع مجلس الهيئة وإدارته، إلى "إشكاليات في التسيير الإداري والمالي، ورفض تنفيذ قرار مجلس الهيئة التدقيق في موزانة 2017، ورفض "التحقيق في شبهات سوء تصرف مالي".

ويحتاج إعفاء المنصري توجيه طلب رسمي من قبل نصف أعضاء مجلس الهيئة على الأقل إلى مجلس النواب، ليتم التصويت عليه في الجلسة العامة للبرلمان بالأغلبية المطلقة، أي 109 أصوات من أصل 217.

في المقابل، أكد رئيس هيئة الانتخابات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذا القرار ليس بغريب ولا مفاجئ"، مشيرا إلى أنه "كرجل قانون مع إنفاذ القانون على الجميع، ومع تكريس احترامه بين الجميع، ليبقى القانون هو الفيصل في أي اختلاف"، معبرا عن استعداده للذهاب إلى مجلس النواب إذا ما دعي، فـ"البرلمان يمثل المؤسسة التي انتخبت الهيئة وأعضاءها ورئيسها، وهي الإطار القانوني والمؤسساتي الذي سيتم داخله كشف حقيقة الخلافات والعراقيل التي تعطل أعمال هيئة الانتخابات".

ويرجح أن يكون تراكم الخلافات وعدم حلها قد عمّق الاحتقان داخل الهيئة، الذي بدأت بوادره تبرز بقوة مباشرة بعد إعلان النتائج الأولية لبلديات 2018، حيث خرج نائب الرئيس السابق، أنور بن حسن، والذي شغل الرئاسة وقتيا بعد استقالة الرئيس السابق شفيق صرصار، كما ترشح ضد الرئيس الحالي المنصري، لاتهام الإدارة التنفيذية للهيئة بالتقصير خلال الانتخابات البلدية، ومؤكدا أن أداءها "كان ضعيفا وباهتا"، مشيرا إلى "عمق الفجوة بين الإدارة المركزية والإدارات الفرعية".

وبين بن حسن، في تصريحات صحافية، أن "مجلس الهيئة كان في مستوى الحدث وأنقذ ما أمكن إنقاذه من المسار الانتخابي للبلاد، ولكن رئيس الهيئة لم يستجب للعديد من القرارات التي أصدرها المجلس، كما أنه لم يعرض بعض القرارات المهمة على المجلس"، مؤكدا أن "منظومة كاملة تم رسمها ولم تنفّذ بالكامل، رغم أن الدولة التونسية وفّرت كل الإمكانيات".

ويرى مراقبون أن سبب الخلافات داخل الهيئة لا يقف عند حرب الزعامات والصراع على الرئاسة، بل يعود أيضا إلى التجاذبات السياسية التي عصفت بها خلال انتخاب أعضائها ورئيسها، والمحاصصة الحزبية والسياسية التي شابت أطوار تجديد تشكيلتها.