رأى صورتها في إحدى الصحف التي وصلت إلى السجن. أعجب بها وأراد التقدم لخطبتها. طلب من أهله زيارتها وطلب يدها. وافقت أماني أبو جلالة فوراً على الارتباط بالأسير محمد أبو جلالة، الذي يبلغ من العمر 45 عاماً، علماً أنه كان قد حكم عليه بالسجن المؤبد عام 1991.
تقول أبو جلالة لـ "العربي الجديد" إنها وافقت على الارتباط بمحمد على الفور. لم تتردد للحظة واحدة لأنها على قناعة أن هذا فخرٌ لها. فكرت أن عليها أن تقدم عمرها هدية لمن ضحى بنفسه من أجل حرية شعبه ووطنه. كانت تدرك صعوبة الأمر، علماً أنه حكم عليه بأربعة أحكام بالسجن المؤبد و20 عاماً، إثر تنفيذه عملية في القدس المحتلة، أدت إلى مقتل أربع مجندات وجرح سبعة آخرين. تشيد بوطنية زوجها قائلة إنه "نموذج للشاب المناضل الوطني الشريف، وقد عاهدت نفسي على انتظاره حتى آخر عمري". لطالما قلت له إن الخروج من السجن ليس مستحيلاً، وفعلاً تحقق الحلم وصار لدينا طفلة.
من جهتها، تقول ريم أبو وهدان: "كنتُ في الخامسة من عمري حين التقيت ابن عمّي آخر مرّة. لكنني رأيته مجدداً داخل الأسر، من خلال صور أرسلتها لي شقيقته. بدوره، رآني من خلال صورة أرسلتها إليه شقيقته إلى السجن".
في 27 يوليو/تموز الماضي، ارتدت ريم (18 عاماً) الفستان الأبيض، فقد تزوجت ابن عمها الأسير محمود (33 عاماً) الذي حكم عليه بثلاثة أحكام بالسجن المؤبد بالإضافة إلى 30 عاماً". تقول: "حين تقدم أهله لخطبتي، لم أتردد أبداً في الموافقة. أنا مؤمنة بحتمية خروجه من السجن". في ذلك اليوم، زارت والدة خطيبها في مخيم بلاطة في مدينة نابلس لإتمام عقد القران، وارتدت الفستان الأبيض. والآن تزوره بناءً على تصريحات يصدرها الجانب الإسرائيلي لأهالي الأسرى.
وتناشد ريم جميع الفصائل الفلسطينية بعقد صفقات تبادل أسرى جديدة لضمان تحرير زوجها الذي اعتقل عام 2002، ويقبع في سجن نفحة الصحراوي.
اقرأ أيضاً: قصائد بسمة الغزيّة
في السياق، يقول المتخصص في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، لـ "العربي الجديد"، إن ارتباط كثير من الفتيات الفلسطينيات بأسرى داخل السجون الإسرائيلية له سلبيات وإيجابيات، وخصوصاً إذا كانت محكومية الأسير طويلة. هذا يعني أن الفتاة قد ترتبط بهذا الشخص إلى ما لا نهاية. مع ذلك، يلفت إلى أن ذلك يعكس مدى تقدير الفتيات للمناضلين، وخصوصاً أنهن مدركات أن الأمر ليس سهلاَ، وقد تطول فترة الخطوبة. لكنهن أصررن على الارتباط بالقضية أكثر من ارتباطهن بالشخص نفسه.
يتابع فروانة أن معظم الزيجات هذه حصلت من دون معرفة مسبقة بين الفتاة والشاب الأسير، لافتاً إلى أن الفتاة غالباً ما تتخذ القرار من دون أي ضغوط، علماً أن هناك بعض الفتيات اللواتي يطالبن بالانفصال عن أزواجهن، يلفت فروانة إلى أن إسرائيل تضع عراقيل كثيرة لزيارة الأسرى، مضيفاً أنها تتعامل مع الفلسطيني كإرهابي. لا تريد لحياة الأسير أن تستمر. على العكس، تعمل على قتل المشاعر الإنسانية والعاطفية، وتحاول عزله عن محيطه الاجتماعي".
من جهتها، تقول الباحثة الاجتماعية فاطمة عبد الله إن هناك حالات لفتيات انتظرن أزواجهن لأكثر من عشرة أو خمسة عشر عاماً. لكن ارتباط فتاة بشاب فلسطيني يقبع داخل الأسر من دون معرفتها بشخصه وعاداته وطباعه هو مغامرة، موضحة أن هذه الفتاة ارتبطت، وهي تدرك أن مصيرها معلق. وتقول إن إقدام الفتيات على خطوة كهذه يعد طبيعياً، نظراً لعمق القضية الفلسطينية، لافتة إلى أن قلة هن النساء اللواتي شاركن في الكفاح المسلح، أو التحقن بأحزاب سياسية. لذلك، فإن سعيهن للارتباط بأسرى هو دليل على احترامهن القضية، ورغبتهن بربط أسمائهن بأسماء مناضلين فلسطينيين قدموا الكثير للقضية.
حالة نفسية صعبة
تتحدث الباحثة الاجتماعية فاطمة عبد الله، عن الحالة النفسية للأسرى في السجون الإسرائيلية. تقول إنه "في بعض الحالات، يخرج الأسرى من السجون، بعد أن يكونوا قد قضوا فيها سنوات طويلة"، لافتة إلى أن حالتهم النفسية تكون صعبة للغاية. تضيف أنه على الرغم من انتمائهم للقضية، إلا أن السجن قاس، ويخطئ من يظن أنه لا يؤثر على صحة المعتقل ومشاعره وسلوكه.
اقرأ أيضاً: زفاف بفساتين مؤجّرة في غزة