خطيئة الأحزاب التونسية

07 سبتمبر 2020
ينتظر التونسيون إبجاد الحلول لمشاكلهم (الأناضول)
+ الخط -

يتفنن السياسيون التونسيون في إهدار الوقت، ليس على أنفسهم أو أحزابهم، وإنما على شعب ينتظر منهم أن ينهوا لعبتهم ويتفرغوا لبحث حلول لمشاكله التي تنتظر منذ سنوات.
عندما انتهت انتخابات العام الماضي، وتشكل مجلس نواب الشعب وجاء الدور على تأليف الحكومة، توقع كثيرون أن تتشكل من حركة النهضة وحزب قلب تونس وائتلاف الكرامة ومستقلين، خصوصاً بعدما أفرز انتخاب راشد الغنوشي في رئاسة المجلس هذا التحالف بشكل واضح. يومها صوتت هذه الأحزاب للغنوشي، بينما رفضته الأخرى، وهو ما حدث أيضاً في محاولة سحب الثقة منه، ليثبت أن هذا التحالف كان الأكثر طبيعية من أي ائتلاف آخر. وعلى الرغم من أن هذا التحالف ليس الأمثل ولا ضمانة لاستمراره ونجاحه، مثل أي تجمع حزبي يتنافس فيه الجميع، وبالخصوص في مشهد البرلمان المتشظي وتصاعد الطموحات الحزبية المتسرعة، لكنه كان التحالف الحكومي الأقرب والأيسر والأكثر موضوعية.
لكن بعض جهابذة "النهضة" بالخصوص نظّروا لغير ذلك، ليدخلوا حزبهم، والبلاد من وراء ذلك، في دوامة صراعات كلّفت البلاد غالياً، وأضاعت عليها أشهراً طويلة في سجالات بلا جدوى. وراحت هذه الأحزاب تبكي كيف خرج قرار تعيين الحكومة من بين يديها وتبحث بكل السبل عن استعادته من الرئيس، المشغول بدوره في برنامجه الخاص.
والمحصلة اليوم بعد سبعة أشهر من المعاناة أن هذه الأحزاب عادت لتتحالف من جديد وكأنها حققت نصراً مبيناً، في حين أنها لم تختر رئيس الحكومة وبقي قياديّوها خارج الوزارات، وضيعت على نفسها وعلينا فرصة تقديم شيء ملموس يحدّ من معاناة الناس المتفاقمة.
والآن، ما الذي سيتغير في حياة التونسيين بعد هذا النصر المبين؟ رئيس الجمهورية قيس سعيد، قال السبت إن 400 طبيب هاجروا العام الماضي في إطار هجرة الكفاءات العلمية إلى الخارج، وذلك خلال إشرافه على موكب الاحتفال بيوم العلم.
وأوضح أن النوابغ من المثقفين والعلماء التونسيين في عدة اختصاصات يهاجرون. وذكّر سعيد بما كان يحدث في ستينيات القرن المنقضي، عندما كان الطلبة التونسيون يهاجرون إلى الغرب بغاية استكمال دراستهم الجامعية، وكانوا يعودون إلى تونس بعد ذلك للعمل قي بلادهم، في حين تشهد تونس حالياً هجرة عدد مهم من كفاءاتها العلمية ممن يختارون الاستقرار بالخارج.
ولم يتحدث سعيد عن الذين يهاجرون في قوارب الموت بحثاً عن أمل واهٍ، بسبب أحزاب لا يهمها إلا مواقعها.

المساهمون