قرر الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، الحسم في قضية بناء أماكن العبادة لمسلمي فرنسا، وقطع الطريق على كل المحاولات، خاصة من رئيس حكومته مانويل فالس، التي كانت تقترح تمويل الدولة الفرنسية لتشييد المساجد في فرنسا.
واعتبر الرئيس، هولاند، استخدام المال العمومي في مسائل تتعلق بالمُعتَقد تتنافى مع قانون 1905 الذي ينظّم العلاقات بين الدولة والأديان في فرنسا.
ويأتي رفض التمويل في نفس اليوم الذي نشر فيه مانويل فالس مقالاً في صحيفة "ليبراسيون"، لم يستبعد فيه اللجوءَ إلى "نوع من التمويل العمومي"، على الرغم من اعترافه أنَّ الأمرَ قد يفجّر نقاشاً سياسياً حاداً في فرنسا.
ولم يكن فرانسوا هولاند وحده من يعارض اقتراح مانويل فالس، فقد هاجمته، أيضاً، أصوات كثيرة من اليمين واليسار.
واقترح الرئيس الفرنسي إعادة تفعيل "المؤسسة من أجل الإسلام في فرنسا"، مهمتها الرئيسة البحث عن مصادر تمويل خاصة لتشييد المساجد في فرنسا. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المؤسسة المجمدة، منذ أكثر من 20 عاماً، أسسها رئيس الوزراء اليميني الفرنسي السابق، دومينيك ديوفيلبان عام 2005، لكنها على غرار جميع الجمعيات التي تتعلق بالشأن الإسلامي، غرقت في مهدها وسط أجواء من التنافس والصراعات الداخلية.
ووعد هولاند، مساء أمس الثلاثاء، بـ"تصليب" هذه المؤسسة. وتذهب المعلومات في اتجاه إقدام الرئيس الفرنسي على تعيين السياسي المتقاعد، جان- بيير شوفينمان، رئيساً لها. ويتمتع شوفينمان، صديق المستشرق الراحل، جاك بيرك، بعلاقات سياسية واجتماعية واسعة، وباطّلاع واسع على الثقافة العربية الإسلامية وعلى الإسلام، إذ سبق له أن كان وزيراً للداخلية والأديان (1997-2000).
والطريف، أيضاً، أن جان بيير شوفنمان، يحظى بموقف متسامح من اليمين، المتطرف والكلاسيكي (الجبهة الوطنية والجمهوريون)، ليس فقط لأن مواقفه من المهاجرين واللاجئين متشددة وصادمة أحياناً، بل لأن كثيراً من مساعديه حطوا الرّحال في هذين الحزبين اليمينيين، وعلى رأسهم هنري غيينو (المستشار السابق للرئيس السابق نيكولا ساركوزي) وفلوريان فيليبو(الرجل الثاني في حزب مارين لوبين، والذي لا يخفي ميوله الديغولية والسيادويّة لشوفينمان).
ويأتي هذا الجدل المتكرر، بعد جريمة ذبح الكاهن الإرهابية، وتعالي أصوات سياسية تطالب بحل نهائي لمسألة تشييد المساجد.
وذهبت السياسية اليمينية، وزيرة البيئة السابقة في حكومة ساركوزي، ناتالي كوسيسكو موريزيه، التي ندّدت، أمس، في تغريدة لها بـ"الاستخدام السياسي الذي يتعرض له مسلمو فرنسا"، ودعت إلى استعادة مقترحاتها السابقة لحل قضية تمويل تشييد المساجد. وتتمثل هذه المقترحات التي أطلقتها في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2015، في زيادة الضريبة التي تفرض على الأسواق الحلال، واستثمارها في اتجاه "وضع حد للتمويل الأجنبي للمؤسسات الإسلامية في فرنسا".