ربطت مصادر أمنية أميركية بين القلق الذي يعتري كبار المسؤولين في البيت الأبيض جرّاء عجز الشرطة السرية الأميركية عن القيام بأبسط مهامها في حمايتهم، وبين البرنامج الجديد الذي أعلن عنه تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، ويتضمن خططاً لتشجيع الأعمال الإرهابية الانفرادية لاستهداف رجال سياسة واقتصاد في الولايات المتحدة، وليس مهاجمة المرافق العامة فقط؛ وهو تطور سيكون نوعيا إذا تمكّن التنظيم من تنفيذه داخل الأراضي الأميركية، حسب تقدير تلك المصادر.
وأكدت مصادر في وزارة الأمن الداخلي الأميركية فضلت عدم نشر اسمها، لـ "العربي الجديد"، أنّ الأجهزة الأمنية ودوائر التحليل التابعة لها تأخذ على محمل الجدّ كافة التهديدات والتلميحات التي وردت في العدد الأخير من مجلة "إنسباير" التي يصدرها باللغة الإنجليزية تنظيم "القاعدة".
وفي سياق ذي صلة، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" في عددها الصادر أمس عن مسؤولين أميركيين، إعرابهم عن القلق من تقارير أفادت بأن جهاز الشرطة السرية الأميركي المسؤول عن حماية الشخصيات أصبح عاجزاً عن أداء أبسط المهام المكلف بها منذ أن أعيدت هيكلته بعد هجمات سبتمبر/أيلول 2001، لربطه مباشرة بوزارة الأمن الداخلي، وهي الوزارة التي جرى استحداثها في بدايات عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش.
وكشف المسؤولون للصحيفة عن أنّ نظام التقاعد المبكر الذي اعتمده جهاز الشرطة السرّية خلال السنوات الأخيرة أفقد الجهاز كفاءات عديدة مدربة وذات خبرة، جرى استبدالها بعناصر جديدة لم تكن بالمستوى المأمول. وأشار المسؤولون إلى أن توسع مهام الشرطة السرية وتحولها من جهاز لحماية الشخصيات والمرافق الرئيسية التابعة للحكومة الفدرالية إلى وكالة استخبارية كغيرها من الوكالات، أصاب الشرطة السرية بالترهل، مثلما أنهكتها الصراعات البيروقراطية واستقطاعات الموازنة المخصصة لها.
وتضمن العدد الثالث عشر من مجلة "إنسباير" الفصلية الصادرة عن مؤسسة "الملاحم" الذراع الإعلامية لتنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، وصفاً دقيقاً لكيفية صنع قنبلة لا تكتشفها أجهزة الفحص الموجودة في المطارات على نمط تلك القنبلة التي ضبط النيجيري عمر الفاروق متلبساً عند محاولته تفجيرها على طائرة متوجهة إلى ديترويت عام 2009. واتضح من التحقيقات حينها أن الفاروق أخفى مكونات القنبلة في ملابسه الداخلية ولم تكتشفها أجهزة الإنذار.
وتعكف الأجهزة الأمنية الأميركية حالياً على تحليل مضامين العدد الأخير من المجلة التي جاء موضوعها الرئيسي تحت عنوان "نيوروتميسيس" (تمزيق الأعصاب وفصل الرأس)، من إعداد قسم العمليات الخارجية في تنظيم "القاعدة". ويدور الموضوع حول استراتيجية التنظيم في محاربة الولايات المتحدة اعتماداً على استهداف مفاصلها الاقتصادية. ويتضمن العدد لقاءً حصرياً مع "طباخ القاعدة"، بالإضافة إلى شرح تفصيلي مدعّم بالصور لطريقة تصنيع القنبلة الخفية التي لا يمكن لأجهزة كشف المتفجرات في المطارات رصدها. وتعترف أجهزة الاستخبارات الغربية والأميركية بخطورة الرسائل الإعلامية والدعائية لتنظيم "القاعدة" المركزي والفروع التابعة له ذات الأذرع الإعلامية المتعددة.
ومن المضامين اللافتة للعدد نصائح مقدمة للعازمين على تنفيذ عمليات إرهابية منفردة بمعزل عن خطط تنظيم "القاعدة". وتتناول إحدى النصائح الإشارة إلى أنّ مهاجمة أي صراف آلي داخل الولايات المتحدة قد يؤدي إلى خسائر للاقتصاد الأميركي لن تتجاوز بأي حال من الأحوال مليون دولار هي الأوراق المالية التي يقدر تنظيم "القاعدة" وجودها في أي صراف آلي. لكن مهاجمة الأجهزة المسؤولة عن حماية المرافق الاقتصادية يؤدي إلى خسائر غير مباشرة أكثر فداحة بسبب الموازنات الهائلة التي تصرف على هذه الأجهزة. وحدد تنظيم "القاعدة" في العدد المشار إليه أولويات الأهداف بأنها تلك الموجودة داخل الولايات المتحدة، فإن لم يتم التمكن منها، تأتي بريطانيا كخيار ثان، وإن صعب الأمر، فإن فرنسا هي الخيار الثالث.
الشرطة السرية الأميركية
وجهاز الشرطة السرية الأميركي هو من أقدم الأجهزة التابعة للحكومة الفدرالية، إذ تأسّس عام 1865 في العاصمة الأميركية واشنطن، كجزء من وزارة الخزانة لمكافحة جرائم تزييف العملة. وكان من مهام الجهاز حماية مرافق طباعة الدولار الأميركي ومبنى وزارة المالية المجاور للبيت الأبيض، ثم توسعت مهامه لتوفير الحماية للبيت الأبيض والرؤساء الأميركيين. وكانت البداية مع الرئيس جروفر كليفلاند عام 1894. وفي عام 1901، كلف الكونغرس الأميركي الشرطة السرية بحماية ساكن البيت الأبيض رسمياً بعد اغتيال الرئيس وليام ماكينلي. وفي العام التالي انتدب عنصران من الشرطة السرية لحراسة الرئيس الأميركي طوال الوقت.
وبدأت الشرطة السرية الأميركية تنخرط تدريجياً في مهام استخبارية منذ عام 1915 عندما كلفها الرئيس وودرو ويلسون بالتحقيق في أعمال التجسس ضدّ الولايات المتحدة.
وبعد اغتيال الرئيس جون كنيدي عام 1963، أجاز الكونغرس الأميركي للشرطة السرية توفير الحماية لأرملته وأطفاله لمدة سنتين، قبل أن يتحول الأمر إلى حماية دائمة للرؤساء السابقين وأسرهم بقانون أصدره الكونغرس في عام 1965. وفي عام 1971، توسّعت المهام لتشمل حماية الرؤساء الأجانب والشخصيات المهمة التي تزور الولايات المتحدة. وفي منتصف الثمانينيات، صدر قانون بتكليف الشرطة السرية متابعة جرائم الاحتيال المرتبطة ببطاقات الائتمان، وهو الأمر الذي أرهقها، وشتت اهتمامها بقضايا كثيرة بدلاً عن التركيز على الأولويات الأكثر أهمية. ورغم انتقال ارتباط الشرطة السرّية من وزارة الخزانة إلى وزارة الأمن الداخلي، إلا أنّ مهامها لا تزال تتوسع في الجانب المالي والاقتصادي، خصوصاً في السنوات الأخيرة التي تولت فيها هذه الشرطة التحقيق والمتابعة في الجرائم المالية عبر الإنترنت وجرائم تزييف العملة.
وأكدت مصادر في وزارة الأمن الداخلي الأميركية فضلت عدم نشر اسمها، لـ "العربي الجديد"، أنّ الأجهزة الأمنية ودوائر التحليل التابعة لها تأخذ على محمل الجدّ كافة التهديدات والتلميحات التي وردت في العدد الأخير من مجلة "إنسباير" التي يصدرها باللغة الإنجليزية تنظيم "القاعدة".
وفي سياق ذي صلة، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" في عددها الصادر أمس عن مسؤولين أميركيين، إعرابهم عن القلق من تقارير أفادت بأن جهاز الشرطة السرية الأميركي المسؤول عن حماية الشخصيات أصبح عاجزاً عن أداء أبسط المهام المكلف بها منذ أن أعيدت هيكلته بعد هجمات سبتمبر/أيلول 2001، لربطه مباشرة بوزارة الأمن الداخلي، وهي الوزارة التي جرى استحداثها في بدايات عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش.
وكشف المسؤولون للصحيفة عن أنّ نظام التقاعد المبكر الذي اعتمده جهاز الشرطة السرّية خلال السنوات الأخيرة أفقد الجهاز كفاءات عديدة مدربة وذات خبرة، جرى استبدالها بعناصر جديدة لم تكن بالمستوى المأمول. وأشار المسؤولون إلى أن توسع مهام الشرطة السرية وتحولها من جهاز لحماية الشخصيات والمرافق الرئيسية التابعة للحكومة الفدرالية إلى وكالة استخبارية كغيرها من الوكالات، أصاب الشرطة السرية بالترهل، مثلما أنهكتها الصراعات البيروقراطية واستقطاعات الموازنة المخصصة لها.
وتضمن العدد الثالث عشر من مجلة "إنسباير" الفصلية الصادرة عن مؤسسة "الملاحم" الذراع الإعلامية لتنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، وصفاً دقيقاً لكيفية صنع قنبلة لا تكتشفها أجهزة الفحص الموجودة في المطارات على نمط تلك القنبلة التي ضبط النيجيري عمر الفاروق متلبساً عند محاولته تفجيرها على طائرة متوجهة إلى ديترويت عام 2009. واتضح من التحقيقات حينها أن الفاروق أخفى مكونات القنبلة في ملابسه الداخلية ولم تكتشفها أجهزة الإنذار.
وتعكف الأجهزة الأمنية الأميركية حالياً على تحليل مضامين العدد الأخير من المجلة التي جاء موضوعها الرئيسي تحت عنوان "نيوروتميسيس" (تمزيق الأعصاب وفصل الرأس)، من إعداد قسم العمليات الخارجية في تنظيم "القاعدة". ويدور الموضوع حول استراتيجية التنظيم في محاربة الولايات المتحدة اعتماداً على استهداف مفاصلها الاقتصادية. ويتضمن العدد لقاءً حصرياً مع "طباخ القاعدة"، بالإضافة إلى شرح تفصيلي مدعّم بالصور لطريقة تصنيع القنبلة الخفية التي لا يمكن لأجهزة كشف المتفجرات في المطارات رصدها. وتعترف أجهزة الاستخبارات الغربية والأميركية بخطورة الرسائل الإعلامية والدعائية لتنظيم "القاعدة" المركزي والفروع التابعة له ذات الأذرع الإعلامية المتعددة.
ومن المضامين اللافتة للعدد نصائح مقدمة للعازمين على تنفيذ عمليات إرهابية منفردة بمعزل عن خطط تنظيم "القاعدة". وتتناول إحدى النصائح الإشارة إلى أنّ مهاجمة أي صراف آلي داخل الولايات المتحدة قد يؤدي إلى خسائر للاقتصاد الأميركي لن تتجاوز بأي حال من الأحوال مليون دولار هي الأوراق المالية التي يقدر تنظيم "القاعدة" وجودها في أي صراف آلي. لكن مهاجمة الأجهزة المسؤولة عن حماية المرافق الاقتصادية يؤدي إلى خسائر غير مباشرة أكثر فداحة بسبب الموازنات الهائلة التي تصرف على هذه الأجهزة. وحدد تنظيم "القاعدة" في العدد المشار إليه أولويات الأهداف بأنها تلك الموجودة داخل الولايات المتحدة، فإن لم يتم التمكن منها، تأتي بريطانيا كخيار ثان، وإن صعب الأمر، فإن فرنسا هي الخيار الثالث.
الشرطة السرية الأميركية
وجهاز الشرطة السرية الأميركي هو من أقدم الأجهزة التابعة للحكومة الفدرالية، إذ تأسّس عام 1865 في العاصمة الأميركية واشنطن، كجزء من وزارة الخزانة لمكافحة جرائم تزييف العملة. وكان من مهام الجهاز حماية مرافق طباعة الدولار الأميركي ومبنى وزارة المالية المجاور للبيت الأبيض، ثم توسعت مهامه لتوفير الحماية للبيت الأبيض والرؤساء الأميركيين. وكانت البداية مع الرئيس جروفر كليفلاند عام 1894. وفي عام 1901، كلف الكونغرس الأميركي الشرطة السرية بحماية ساكن البيت الأبيض رسمياً بعد اغتيال الرئيس وليام ماكينلي. وفي العام التالي انتدب عنصران من الشرطة السرية لحراسة الرئيس الأميركي طوال الوقت.
وبدأت الشرطة السرية الأميركية تنخرط تدريجياً في مهام استخبارية منذ عام 1915 عندما كلفها الرئيس وودرو ويلسون بالتحقيق في أعمال التجسس ضدّ الولايات المتحدة.
وبعد اغتيال الرئيس جون كنيدي عام 1963، أجاز الكونغرس الأميركي للشرطة السرية توفير الحماية لأرملته وأطفاله لمدة سنتين، قبل أن يتحول الأمر إلى حماية دائمة للرؤساء السابقين وأسرهم بقانون أصدره الكونغرس في عام 1965. وفي عام 1971، توسّعت المهام لتشمل حماية الرؤساء الأجانب والشخصيات المهمة التي تزور الولايات المتحدة. وفي منتصف الثمانينيات، صدر قانون بتكليف الشرطة السرية متابعة جرائم الاحتيال المرتبطة ببطاقات الائتمان، وهو الأمر الذي أرهقها، وشتت اهتمامها بقضايا كثيرة بدلاً عن التركيز على الأولويات الأكثر أهمية. ورغم انتقال ارتباط الشرطة السرّية من وزارة الخزانة إلى وزارة الأمن الداخلي، إلا أنّ مهامها لا تزال تتوسع في الجانب المالي والاقتصادي، خصوصاً في السنوات الأخيرة التي تولت فيها هذه الشرطة التحقيق والمتابعة في الجرائم المالية عبر الإنترنت وجرائم تزييف العملة.