خطر نازيي ألمانيا يكبر: مخططات لحرب أهلية وإسقاط النظام

17 فبراير 2020
يتزايد الحراك العلني للمجموعات المتطرفة (Getty)
+ الخط -
شهدت السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في أعداد المتشددين اليمينيين في ألمانيا، وباتت تحركات هؤلاء علنية، حتى أن بعضهم توجّه لاستخدام القوة في اعتداءات عنصرية وهجمات قاتلة. آخر فصول هذا المشهد، تمثّل بالكشف، يوم الأحد الماضي، عن اعتقال مجموعة جديدة من المتطرفين الألمان كانت تخطط لهجمات إرهابية ضد سياسيين ومسلمين وطالبي لجوء بهدف "إسقاط النظام السياسي في البلد"، كما نقلت صحيفة "فيلت أم سونتاغ"، الأحد، عن الادعاء الألماني.

وتم الكشف عن المعلومات بعد عمليات اعتقال في 6 من مقاطعات البلد، يوم الجمعة الماضي، انتهت إلى اعتقال 12 رجلاً من حركة "النواة الصلبة" النازية، تراوح أعمارهم بين 20 و50 عاماً. وأعلن المدعي العام أن 4 من هؤلاء قاموا بتأسيس المجموعة المتطرفة "النواة الصلبة" في سبتمبر/ أيلول الماضي، وأن الثمانية الباقيين قدّموا التمويل المالي لتنفيذ العمليات. وتعرّف هؤلاء إلى بعضهم من خلال "واتساب" ووُضعوا تحت مراقبة الأجهزة الأمنية منذ نهاية صيف العام الماضي.

وتزامناً مع هذه الحملة الأمنية لاعتقال المشتبه بهم، الجمعة الماضي، ضبطت السلطات أسلحة نارية جرى تعديلها لتشبه تلك التي استخدمها شخص متطرف في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في الهجوم على معبد يهودي في مدينة هاله (شرق ألمانيا)، حيث قتل شخصان. ووفقاً لصحيفة "كولنر شتات-انزيغر"، تم ضبط قنابل يدوية ورموز نازية أيضاً.

وذهب محلل قضايا الإرهاب في قناة "آي آر دي" (ARD) هولغر شميت، للقول "يبدو أن المقبوض عليهم وضعوا مخططاً محدداً في أذهانهم. وقامت الشرطة بضبط أسلحة وقنابل مصنعة محلياً وسكاكين (خناجر) للطعن من أنواع عدة، بالإضافة إلى أقواس نشاب". ووفقاً للمحطة، ففي سبتمبر/ أيلول الماضي التقى بعض الرجال من كل ألمانيا "لإقامة حفلة شواء والحديث عن الكفاح ضد الديمقراطية. ومعظمهم لم يكونوا قد التقوا بعضهم سابقاً، بل تواصلوا عبر الرسائل الإلكترونية وواتساب، وتبادلوا الآراء السياسية وبحثوا مخططهم الظلامي وسيناريوهات التنفيذ". ونقلت القناة عن الشرطة الألمانية في بادن فورتمبيرغ أن اجتماع هؤلاء "كان لتأسيس جماعة إرهابية يمينية متطرفة". وأردفت المحطة أن بعض الرجال المجتمعين والمخططين "هم من النازيين الجدد المعروفين للاستخبارات الداخلية الألمانية، وبعضهم مصنف أمنياً على أنه جاهز للتنفيذ (أي القيام بعمل إرهابي)"، وتصنيف "جاهز" استخدمه الأمن "في بيئة المتطرفين المسلمين، وحدد 48 شخصاً فيها"، وفقاً للقناة الألمانية.

وكشفت وسائل إعلام محلية أن مخطط المعتقلين، الذين جرى عرضهم السبت أمام قاضي التحقيق، وفقاً للائحة التهم التي عرضها المدعي العام، هو "زعزعة النظام الحكومي والاجتماعي في جمهورية ألمانيا الاتحادية والسيطرة عليه في نهاية المطاف". ولتنفيذ المخطط، كانت المجموعة الإرهابية تخطط لاستهداف سياسيين وطالبي لجوء ومسلمين، وهو "ما كان سيؤدي إلى وضع شبيه بحرب أهلية"، وفقاً لما نقلته محطة "آي آر دي" عن الادعاء. وأضاف المدعي العام أنه "كانت هناك مخططات محددة للهجوم على مساجد في مدن صغيرة، وجرى التخطيط لها لأشهر من قِبل قائد مجموعة النواة الصلبة النازية".


وتُقدّر السلطات الأمنية والسياسية الألمانية وجود نحو 12 ألف يميني متطرف في عموم البلاد. وشهدت البلاد في السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في الاعتداءات والهجمات التي ينفذها هؤلاء. وأكبر قضية عرفتها ألمانيا كانت بين عامي 2000 و2011 على يد مجموعة نازية تسمى "إن إس يو" (الحركة النازية تحت الأرض)، قامت بالعديد من عمليات التفجير وقتل نحو 12 شخصاً، معظمهم من الألمان الأتراك وشرطية ألمانية، وكانت آخر محاكمات لهؤلاء قد جرت في صيف 2018 لامرأة من هذه المجموعة أدينت بسبب دورها في قتل تسعة أشخاص بخلفية عرقية غير ألمانية.

وتشهد بعض المدن الألمانية بين فترة وأخرى تحركات لمجموعات نازية بشكل علني، آخرها تظاهرة في دريسدن بمناسبة الذكرى الـ75 لقصف المدينة أثناء الحرب العالمية الثانية بمشاركة نحو ألف نازي ومتطرف من أنحاء أوروبا، وفقاً لـ"دير شبيغل" الألمانية.
وكانت هذه المجموعات النازية قد مارست العنف والقتل وتصاعد نشاطها خلال السنوات الماضية، وفقاً لخبراء أوروبيين وألمان، بعد أن أصبحت الساحة الألمانية تشهد تقدماً لأحزاب يمينية متطرفة، مثل حزب "البديل لأجل ألمانيا"، الذي اتُهم بعض ساسته بأنهم ينسقون مع الحركة القومية المتطرفة والنازيين الجدد.

وشهدت ألمانيا تشديداً في مراقبة هذه الجماعات العنفية، بعدما ظل التركيز لسنوات على بيئة المسلمين، إثر عملية اغتيال رئيس حكومة محلي في كاسل، هو فالتر لوبيكه، صيف العام 2019. وانطلق أيضاً من مدينة هاله، في شرق ألمانيا، منفذ هجوم المعبد اليهودي في أكتوبر الماضي، مع استهدافات بين فترة وأخرى لمساجد وطالبي لجوء.
على المستوى الاتحادي، تسعى الاستخبارات الألمانية، أو سلطة حماية الدستور بحسب ما يطلق عليها، إلى تشديد الرقابة على هذه البيئة المتطرفة في عموم البلاد. وقامت الحكومة الألمانية بعيد مقتل لوبيكه بتعزيز عمل الجهاز الأمني، وأجهزة أخرى، ودعمه للقيام بمراقبة أقوى لبيئة التطرف اليميني. وزاد عدد من صنفتهم الأجهزة الأمنية بالخطيرين، من غير المتشددين الإسلاميين، واضطر وزير الداخلية هورست زيهوفر في يناير/ كانون الثاني الماضي إلى حظر مجموعة نازية تسمى "كومبات 18". واستحدث جهاز الأمن الألماني مكتباً خاصاً بالحركات والأشخاص في معسكر النازيين الجدد، وقامت الشرطة الألمانية في دوائر مختلفة في الولايات بحملات تثقيف بين رجال الشرطة عن المجموعات النازية وخطرها على مجتمع ألمانيا التعددي.