حذّر خبراء ومسؤولون عراقيون من انخفاض منسوب المياه في منطقة الأهوار جنوب العراق، بسبب نقص كميات المياه الواردة من نهري دجلة والفرات، وشح الأمطار في الموسم الماضي.
وتعد منطقة الأهوار جنوب العراق، أكبر نظام بيئي للمسطحات المائية في الشرق الأوسط، وتبلغ مساحة إجمالي الأهوار نحو 20 ألف كيلومتر، تغمرها المياه كلها، وتقع ضمن ثلاث محافظات جنوب البلاد، ميسان، وذي قار، والبصرة، وتتميز بتنوعها الإحيائي والبيولوجي.
وأعلنت لجنة حماية الأهوار العراقية في محافظة ذي قار، جنوب العراق، عن انخفاض نسبة الإغمار في أهوار المحافظة، يصل إلى 20 في المائة، بسبب قلة الانطلاقات المائية بنهر الفرات، محذرة من كارثة صحية وإنسانية.
وذكر رئيس اللجنة، عبد الرحمن الطائي، في تصريحٍ صحافي "بإن كميات المياه الواصلة إلى أهوار المحافظة قليلة جداً، بعد انخفاض نسبة الإغمار فيها من 80 إلى 20 في المائة"، محذّراً من "كارثة صحية وإنسانية جراء استمرار انخفاض مناسيب المياه".
يذكر بأنّ كمية المياه المطلوبة لإرجاع أهوار ذي قار، على عمق متر واحد هي 2.6 مليار متر مكعب، بينما تحتاج الأهوار إلى أكثر من 5.3 مليارات متر مكعب ليكون العمق فيها مترين، علماً أنّ مساحة الأهوار المجففة والتي لم تعد إلى طبيعتها تبلغ 2619 كيلومتراً مربعاً، أي ما يعادل 1047600 دونماً، بحسب المصادر الحكومية المختصة.
الخبير العراقي في المياه والسدود، المهندس عوني ذياب عبدالله، أوضح لـ"العربي الجديد"، أن العراق الآن يعاني فعلاً من حالة جفاف، متوقعاً حدوث كارثة بيئية في حال استمرت الواردات المائية المتدنية على هذا النحو لنهري دجلة والفرات.
وأشار إلى أن أسباب تدني الواردات المائية كثيرة، بينها طبيعية من حيث ظاهرة الاحتباس الحراري وقلة الإمطار والثلوج، ومنها غير طبيعية مثل بناء السدود والتوسع في استهلاك المياه ومشاريع إصلاح الأراضي العملاقة في تركيا وسورية وإيران، خصوصاً أن 98 في المائة من واردات الفرات تأتي من خارج أراضينا من تركيا في حدود 92 في المائة، ومن سورية بين 7 و8 في المائة، لكن الحال أفضل مع نهر دجلة، فنسبة 45 في المائة من مياهه تأتي من داخل أراضينا والبقية من إيران وتركيا.
وسبق أن قررت الحكومة العراقية إحالة أهوار العراق للاستثمار الأجنبي، بعد أن تقدمت شركات إيطالية وأوروبية للحصول عليها وتحويلها إلى حدائق طبيعية سياحية، وإنشاء فنادق حديثة وإيصال الخدمات لها.
وهناك عدة مسطحات مائية وهي (الحَمار بمساحة 3000 كلم مربع يقع في البصرة، وهور الحويزة في ميسان بمساحة 3000 كلم مربع، يقع جزء منه داخل الأراضي الإيرانية، وهور السناف في ميسان أيضاً، وهور الجبايش والأهوار المركزية أو الدلمج، وتبلغ مساحة جميع المسطحات أكثر من 19 ألف كلم مربع.
وسبق أنّ اعتبرت الأمم المتحدة الأهوار بأنها من أهم مراكز التنوع الإحيائي في العالم، وتحوي أيضاً ثروات نفطية هائلة، كما تعد الأهوار التي يغذيها نهرا دجلة والفرات، موطن أنواع من الطيور النادرة، مثل طائر أبو منجل المقدس، وتعتبر نقطة راحة لآلاف الطيور المهاجرة بين سيبيريا وأفريقيا.
وقد انكمشت منطقة الأهوار الثرية بالحياة البرية إلى 760 كيلومتراً مربعاً في عام 2002، ويقول خبراء، إنّ الأهوار قد تضيع تماماً خلال خمس سنوات، إذا لم تتخذ بشأنها خطة تحرك سريعة، وذلك بعدما كانت تتألف من مجموعة بحيرات وأراض طينية، وأراض مستنقعيه متصلة ببعضها بعضاً، في الجزء الأدنى من حوض دجلة والفرات، وتمتد على مساحة أكثر من 20 ألف كيلومتر مربع بين العراق وإيران.
وقد سبـّب إنشاء السدود العالية انخفاضاً في انسياب المياه، وأوقف التدفقات التي كانت تغذي أراضي الأهوار في الحوض الأسفل، ما زاد في تركيز التلوث.
وتوصل خبراء المياه في العراق، بعد دراسة معطيات تتعلق بتناقص واردات نهري دجلة والفرات، وقطع إيران للأنهر التي تصب في العراق والجفاف وقلة الإمطار، إلى نتيجة تتعلق بجفاف نهري دجلة والفرات في عام 2040، ويمكن تجاوز هذه الفترة في حال نجح العراق في إقناع تركيا بتوقيع اتفاقية رسمية حول تحديد الحصص المائية.
وكان العراق والاتحاد الأوروبي، وقعا اتفاقية تعاون عام 2012 هدفها "تحسين قدرات إدارة المياه في العراق" بقيمة 14 مليار دينار عراقي، إلا أنّ الاتفاقية لم تنفذ بعد. ويمتلك العراق أكثر من سبعة سدود عملاقة، و25 سداً صغيراً و35 سداً آخر قيد التنفيذ. ويؤكد الخبراء أن مجموع كميات المياه المتاحة في العراق ستصل عام 2025 إلى مليارين و162 متراً مكعباً، بعد أن كانت خمسة مليارات و531 متراً مكعباً عام 1990.
ويعيش سكان الأهوار في جزر صغيرة طبيعية أو مصنعة في الأهوار، ويستخدمون نوعاً من الزوارق يسمى بالمشحوف في نقلهم وترحالهم، وتشير كثير من البحوث، إلى أن أهوار العراق، موجودة منذ نهاية العصر الجليدي الأخير. وكانت هذه المستنقعات المائية تمد العراق بحوالي 60 في المائة من الثروة السمكية، كما كانت موطن محاصيل الأرز وقصب السكر وتعمل كأنظمة معالجة لمياه دجلة والفرات، قبل أن تصب في الخليج العربي.
اقرأ أيضاً: الـتلوث.. خطر يهدد حاضر العراق ومستقبله