كشف وزير عراقي بارز عن تفاصيل خطة إعادة إعمار المدن المحررة التي أقرتها الحكومة العراقية في وقت سابق من أغسطس/ آب الجاري، والتي تتضمن تعويضات سريعة للمنازل المدمرة بشكل كلي أو جزئي وإعادة توطين النازحين، فضلا عن إعمار البنى التحتية المدمرة، كالطرق والجسور وشبكات الصرف الصحي.
وقال لـ"العربي الجديد"، إن كلفة الخطة التي تمتد لعشر سنوات وتنفذ على مرحلتين تصل إلى 100 مليار دولار، سيتم توفيرها من خلال عدة مصادر محلية ودولية، مثل المنح والقروض والمقايضة بالنفط الخام ومن الموازنة العامة للبلاد.
وأوضح أن المرحلة الأولى ستشمل تعويضات سريعة للمنازل المدمرة، والتي يقدر عددها بأكثر من ربع مليون منزل وشقة سكنية بين دمار كامل وجزئي وحرق، بعد تشكيل لجان في كل مدينة لتقييم أضرار كل منزل ومنح قيمة الضرر للمواطن من خلال مصرفي الرافدين أو الرشيد الحكوميين حصراً، على أن يتعهد المواطن المتضرر بتعمير منزله والسكن فيه خلال فترة لا تتجاوز عاماً واحداً.
كما تشمل هذه المرحلة التي تمتد بين 2018 و2022، تأهيل وإعمار البنى التحتية ذات التماس المباشر بحياة السكان، مثل المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس وخطوط الكهرباء ومحطات ضخ المياه للأحياء السكنية.
وتتركز المرحلة الثانية، بين الأعوام 2023 و2028، على إعمار البنى التحتية المدمرة، كالطرق والجسور وشبكات الصرف الصحي، وفق الوزير العراقي.
وبلغ عدد المدن العراقية والبلدات التي تم تحريرها من قبضة تنظيم داعش إلى الآن نحو 23 قضاء (مدينة كبيرة) و139 ناحية (بلدات) و6400 قرية وبلدة صغيرة في محافظات الأنبار (غرب)، وديالى (شرق)، وصلاح الدين وكركوك ونينوى (شمال)، وبابل (جنوب)، فضلا عن مناطق حزام بغداد، بما يشكل نحو 49% من مساحة العراق الإجمالية.
ويقطن هذه المناطق أكثر من 8 ملايين نسمة، هجر أكثر من نصفهم منازلهم إلى المخيمات ومعسكرات النزوح داخل أو خارج العراق، بينما لا يجد نحو مليونين منهم فرصة للعودة رغم تحرير مدنهم، بسبب تدمير منازلهم وانعدام الخدمات فيها وانتشار الأمراض وانعدام المستشفيات والمدارس، فيما سجلت حركة نزوح عكسية جديدة من المدن المحررة بعد عودة العوائل إليها للسبب السابق نفسه.
ووفق الوزير العراقي، فإن "خطة إعادة الإعمار تحتاج إلى مساعدة دولية تشبه برنامج مارشال الذي تبنى إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية" قبل نحو 80 عاماً.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة ستتولى دوراً رقابياً على تنفيذ الخطة، وسيدار الملف من خلال تحالف يضم عدة وزارات خدمية مع صندوق إعادة إعمار المدن المحررة، الذي تم تأسيسه أخيرا ويتبع للأمانة العامة لمجلس الوزراء، بهدف منع استغلال الملف سياسياً من قبل الأحزاب في أي عملية انتخابية مقبلة.
وأضاف أن "العراق لا يملك حتى الآن في صندوق إعادة الإعمار أكثر من 450 مليون دولار، وهي لا تكفي لتأهيل مدينة واحدة من المدن المحررة".
وتابع: "سيتم تأمين المبلغ من خلال عدة نوافذ، أبرزها تخصيص 10% من موازنة الأعوام المقبلة لصندوق إعادة الإعمار، ونعول على مؤتمر المانحين المقرر عقده مطلع العام المقبل في الكويت، للحصول على نحو 20 مليار دولار".
وقال: "تم أيضا البدء في جولة مفاوضات مع شركات تركية ومصرية وإيرانية وأردنية وصينية وألمانية ويونانية للعمل بالعراق بطريقة الدفع بنظام الآجل أو مقابل النفط، ووافقت شركات من مصر والصين واليونان والأردن على ذلك مبدئيا، وهذه الشركات مملوكة للدولة أو جزء منها يتبع للدولة (مختلط)".
وأضاف أن "قطر والكويت وتركيا والسعودية والإمارات ودول إقليمية أخرى تعهدت بمساعدة العراق بشكل مفتوح، وهذا سبب تفاؤلنا بالقدرة على تنفيذ الخطة".
وبحسب نائب رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي، حارث الحارثي، فإن الحكومة قد تعلن عن الخطة خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن الأهم توطين السكان بمدنهم، لأن حجم الدمار الذي لحق بالمدن التي شهدت عمليات عسكرية بعد أن سيطر عليها تنظيم داعش، كبير جداً.
وقال الحارثي في تصريح لوكالة أنباء عراقية محلية، يوم الخميس الماضي، إن "عملية إعادة الإعمار ستتطلب أموالا هائلة لا تتوافق مع الوضع الاقتصادي العام للعراق، مع انخفاض أسعار النفط ودخول العراق في حلقة الديون جراء الحرب الطاحنة بالسنوات الثلاث الماضية"، لافتا إلى أن الأرقام التي تقدر كلفة الإعمار تقريبية، لأن الكثير من المدن لم يتم الكشف عن دمارها بشكل تخصصي أو عن قرب.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قد دعا في يناير/ كانون الثاني الماضي، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا، إلى مساندة العراق في عمليات إعادة إعمار المدن التي تعرضت لهجمات داعش، مؤكدا عدم مقدرة بغداد على القيام بالمهمة بمفردها.
وعقد في واشنطن، العام الماضي، مؤتمر المانحين لدعم العراق، بمشاركة دولية كبيرة. وتمكن المؤتمر من جمع أكثر من ملياري دولار كاستجابة للأزمة الإنسانية التي تمر بها البلاد.
لكن المبلغ خُصص لأربعة مجالات فقط، هي المساعدات الإنسانية، ونزع الألغام، وصندوق دعم الاستقرار المباشر، وصندوق دعم الاستقرار على المدى الطويل، وهو ما يجعل من مسألة إعمار المدن والمباني المدمرة خارج دائرة تلك التخصيصات.
وقال طالب العلي، عضو لجنة الإعمار في محافظة الأنبار، لـ"العربي الجديد"، إن "الكثير من الشركات أعربت عن استعدادها للعمل وفق طريقة الدفع الآجل، لكنها تطالب بضمانات حماية لفرقها ومقراتها وآلياتها خلال العمل".
وأضاف: "حالياً نقوم بالتركيز على المشروعت الأكثر أهمية بالاعتماد على منظمات ومساعدات دولية أو جهود ذاتية، لكن هذه المشروعات لا تدخل ضمن خطة الإعمار، التي يجب أن تعيد مدن الأنبار إلى سابق عهدها قبل دخول داعش على أقل تقدير".
وفي هذا السياق، قال خالد محمد، المدير التنفيذي لشركة الصواري العامة للإعمار، المملوكة لعدد من رجال الأعمال في العراق، إن "عشر سنوات كافية لإعادة إعمار المدن، وطي صفحة الخراب فيها في حال توفر المبالغ المالية".
وأشار إلى أن مسألة منح المواطنين تعويضات مالية ستكون مكلفة، ويمكن استبدال ذلك بتكفل الحكومة بإعمار المنازل عبر شركات تقوم بالتعاقد معها، كون الكلفة المالية ستكون أقل، كما أن ذلك سيجنب السوق ارتفاعاً متوقعاً في أسعار السلع الإنشائية حال بدء التعويض والإعمار من قبل المواطنين لمنازلهم.
وأضاف أنه بالإمكان اختصار الزمن المقدر لإعادة الإعمار إلى النصف، في حال توفرت الأموال اللازمة، التي يمكن أن تساهم أيضا في الاستقرار الأمني، حيث ستكون كفيلة بتشغيل عشرات الآلاف من سكان المناطق المحررة.
وتجاوز التدمير في بعض المدن أكثر من 80%، حسب شهادات الأهالي والمراقبين، وفي المقابل تعثرت الحكومة في إطلاق حملات إعادة الإعمار أو توزيع منح على السكان الذين عادوا من مخيمات النزوح، ما فاقم أوضاعهم المعيشية.
اقــرأ أيضاً
وقال لـ"العربي الجديد"، إن كلفة الخطة التي تمتد لعشر سنوات وتنفذ على مرحلتين تصل إلى 100 مليار دولار، سيتم توفيرها من خلال عدة مصادر محلية ودولية، مثل المنح والقروض والمقايضة بالنفط الخام ومن الموازنة العامة للبلاد.
وأوضح أن المرحلة الأولى ستشمل تعويضات سريعة للمنازل المدمرة، والتي يقدر عددها بأكثر من ربع مليون منزل وشقة سكنية بين دمار كامل وجزئي وحرق، بعد تشكيل لجان في كل مدينة لتقييم أضرار كل منزل ومنح قيمة الضرر للمواطن من خلال مصرفي الرافدين أو الرشيد الحكوميين حصراً، على أن يتعهد المواطن المتضرر بتعمير منزله والسكن فيه خلال فترة لا تتجاوز عاماً واحداً.
كما تشمل هذه المرحلة التي تمتد بين 2018 و2022، تأهيل وإعمار البنى التحتية ذات التماس المباشر بحياة السكان، مثل المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس وخطوط الكهرباء ومحطات ضخ المياه للأحياء السكنية.
وتتركز المرحلة الثانية، بين الأعوام 2023 و2028، على إعمار البنى التحتية المدمرة، كالطرق والجسور وشبكات الصرف الصحي، وفق الوزير العراقي.
وبلغ عدد المدن العراقية والبلدات التي تم تحريرها من قبضة تنظيم داعش إلى الآن نحو 23 قضاء (مدينة كبيرة) و139 ناحية (بلدات) و6400 قرية وبلدة صغيرة في محافظات الأنبار (غرب)، وديالى (شرق)، وصلاح الدين وكركوك ونينوى (شمال)، وبابل (جنوب)، فضلا عن مناطق حزام بغداد، بما يشكل نحو 49% من مساحة العراق الإجمالية.
ويقطن هذه المناطق أكثر من 8 ملايين نسمة، هجر أكثر من نصفهم منازلهم إلى المخيمات ومعسكرات النزوح داخل أو خارج العراق، بينما لا يجد نحو مليونين منهم فرصة للعودة رغم تحرير مدنهم، بسبب تدمير منازلهم وانعدام الخدمات فيها وانتشار الأمراض وانعدام المستشفيات والمدارس، فيما سجلت حركة نزوح عكسية جديدة من المدن المحررة بعد عودة العوائل إليها للسبب السابق نفسه.
ووفق الوزير العراقي، فإن "خطة إعادة الإعمار تحتاج إلى مساعدة دولية تشبه برنامج مارشال الذي تبنى إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية" قبل نحو 80 عاماً.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة ستتولى دوراً رقابياً على تنفيذ الخطة، وسيدار الملف من خلال تحالف يضم عدة وزارات خدمية مع صندوق إعادة إعمار المدن المحررة، الذي تم تأسيسه أخيرا ويتبع للأمانة العامة لمجلس الوزراء، بهدف منع استغلال الملف سياسياً من قبل الأحزاب في أي عملية انتخابية مقبلة.
وأضاف أن "العراق لا يملك حتى الآن في صندوق إعادة الإعمار أكثر من 450 مليون دولار، وهي لا تكفي لتأهيل مدينة واحدة من المدن المحررة".
وتابع: "سيتم تأمين المبلغ من خلال عدة نوافذ، أبرزها تخصيص 10% من موازنة الأعوام المقبلة لصندوق إعادة الإعمار، ونعول على مؤتمر المانحين المقرر عقده مطلع العام المقبل في الكويت، للحصول على نحو 20 مليار دولار".
وقال: "تم أيضا البدء في جولة مفاوضات مع شركات تركية ومصرية وإيرانية وأردنية وصينية وألمانية ويونانية للعمل بالعراق بطريقة الدفع بنظام الآجل أو مقابل النفط، ووافقت شركات من مصر والصين واليونان والأردن على ذلك مبدئيا، وهذه الشركات مملوكة للدولة أو جزء منها يتبع للدولة (مختلط)".
وأضاف أن "قطر والكويت وتركيا والسعودية والإمارات ودول إقليمية أخرى تعهدت بمساعدة العراق بشكل مفتوح، وهذا سبب تفاؤلنا بالقدرة على تنفيذ الخطة".
وبحسب نائب رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي، حارث الحارثي، فإن الحكومة قد تعلن عن الخطة خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن الأهم توطين السكان بمدنهم، لأن حجم الدمار الذي لحق بالمدن التي شهدت عمليات عسكرية بعد أن سيطر عليها تنظيم داعش، كبير جداً.
وقال الحارثي في تصريح لوكالة أنباء عراقية محلية، يوم الخميس الماضي، إن "عملية إعادة الإعمار ستتطلب أموالا هائلة لا تتوافق مع الوضع الاقتصادي العام للعراق، مع انخفاض أسعار النفط ودخول العراق في حلقة الديون جراء الحرب الطاحنة بالسنوات الثلاث الماضية"، لافتا إلى أن الأرقام التي تقدر كلفة الإعمار تقريبية، لأن الكثير من المدن لم يتم الكشف عن دمارها بشكل تخصصي أو عن قرب.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قد دعا في يناير/ كانون الثاني الماضي، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا، إلى مساندة العراق في عمليات إعادة إعمار المدن التي تعرضت لهجمات داعش، مؤكدا عدم مقدرة بغداد على القيام بالمهمة بمفردها.
وعقد في واشنطن، العام الماضي، مؤتمر المانحين لدعم العراق، بمشاركة دولية كبيرة. وتمكن المؤتمر من جمع أكثر من ملياري دولار كاستجابة للأزمة الإنسانية التي تمر بها البلاد.
لكن المبلغ خُصص لأربعة مجالات فقط، هي المساعدات الإنسانية، ونزع الألغام، وصندوق دعم الاستقرار المباشر، وصندوق دعم الاستقرار على المدى الطويل، وهو ما يجعل من مسألة إعمار المدن والمباني المدمرة خارج دائرة تلك التخصيصات.
وقال طالب العلي، عضو لجنة الإعمار في محافظة الأنبار، لـ"العربي الجديد"، إن "الكثير من الشركات أعربت عن استعدادها للعمل وفق طريقة الدفع الآجل، لكنها تطالب بضمانات حماية لفرقها ومقراتها وآلياتها خلال العمل".
وأضاف: "حالياً نقوم بالتركيز على المشروعت الأكثر أهمية بالاعتماد على منظمات ومساعدات دولية أو جهود ذاتية، لكن هذه المشروعات لا تدخل ضمن خطة الإعمار، التي يجب أن تعيد مدن الأنبار إلى سابق عهدها قبل دخول داعش على أقل تقدير".
وفي هذا السياق، قال خالد محمد، المدير التنفيذي لشركة الصواري العامة للإعمار، المملوكة لعدد من رجال الأعمال في العراق، إن "عشر سنوات كافية لإعادة إعمار المدن، وطي صفحة الخراب فيها في حال توفر المبالغ المالية".
وأشار إلى أن مسألة منح المواطنين تعويضات مالية ستكون مكلفة، ويمكن استبدال ذلك بتكفل الحكومة بإعمار المنازل عبر شركات تقوم بالتعاقد معها، كون الكلفة المالية ستكون أقل، كما أن ذلك سيجنب السوق ارتفاعاً متوقعاً في أسعار السلع الإنشائية حال بدء التعويض والإعمار من قبل المواطنين لمنازلهم.
وأضاف أنه بالإمكان اختصار الزمن المقدر لإعادة الإعمار إلى النصف، في حال توفرت الأموال اللازمة، التي يمكن أن تساهم أيضا في الاستقرار الأمني، حيث ستكون كفيلة بتشغيل عشرات الآلاف من سكان المناطق المحررة.
وتجاوز التدمير في بعض المدن أكثر من 80%، حسب شهادات الأهالي والمراقبين، وفي المقابل تعثرت الحكومة في إطلاق حملات إعادة الإعمار أو توزيع منح على السكان الذين عادوا من مخيمات النزوح، ما فاقم أوضاعهم المعيشية.