وتروّج وسائل الإعلام الرسميّة والمقرّبة من النظام للاتفاق. حتّى أنّ صحيفة "الوطن"، التي يملكها ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، رامي مخلوف، قالت إن "دي مستورا غادر دمشق، وقد بدت عليه علامات الارتياح نظراً لطبيعة الردّ السوري الإيجابيّ على مبادرته".
وبحسب الصحيفة المحليّة، وصف دي مستورا لقاءاته مع الأسد بأنّها "مفيدة". وأوضح بعد لقائه وزير الخارجيّة وليد المعلّم، أنّ مبادرته "ركّزت على خطة عمل وليست خطة سلام، وهي ترتكز على التهديد الحقيقي المتمثّل بالإرهاب، وأن نقلّل ونقلّص من العنف قدر الإمكان، لنستخدم ذلك من أجل التوصّل إلى حلّ شامل في البلاد". ولفت، خلال مؤتمر صحافي، إلى أنّ "كلّ الأطراف اتّفقت على أنّ الحلّ يجب أن يكون سياسياً ولا يوجد حل عسكري، ولذلك ركزنا على نموذج واحد هو حلب".
وتضع صحيفة الوطن إعلان 14 فصيلاً معارضاً في حلب تشكيل "مجلس ثوار حلب"، في إطار "التحضير لبحث مبادرة دي مستورا، وفقاً لصفحات معارضة على الإنترنت".
في المقابل، يؤكّد عضو مجلس "ثوار صلاح الدين"، أحد المجالس المنضوية في الكيان الجديد، أبو محيو الكردي، لـ "العربي الجديد"، أنّ "أهداف المجلس ثوريّة سياسيّة، بالدرجة الأولى"، نافياً أن "يكون المجلس محاولة لشقّ الصف، كما أشيع، لأن من شكّل هذا المجلس هم مجالس أثبتت وجودها على أرض المدينة". ويوضح أنّ "فكرة تشكيل المجلس موجودة لدى هذه المجالس مسبقاً، لكنّه تأخّر الإعلان عنها بسبب الظروف الميدانيّة، والتي حالت من دون تشكيله سابقاً".
من جهته، يشرح عضو اللجنة القانونيّة في الائتلاف السوري المعارض، هشام مروة لـ "العربي الجديد"، أنّ "خطة دي مستورا عبارة عن جزر آمنة، بحيث يتمّ تحديد منطقة آمنة في كل منطقة يجري اختيارها، تخلو من العنف وينشأ فيها حكم محلي للأفراد، على غرار ما حدث في البوسنة والهرسك". ويضيف: "ستكون هناك مناطق محمية لا تتعرّض لأيّ قصف، أو عمل عسكري من أي من الطرفين، ولا تدخل في وسط الصراع"، على أن "يبدأ دي مستورا بتطبيقها في حلب، ويحاول نقلها إلى أماكن أخرى".
ولم يتضح، وفق مروة، من أين يمكن أن "يبدأ التطبيق بالتحديد، ذلك أن دي مستورا يبحث وضع حلب ككل، عبر وقف إطلاق النار أولاً". ويرى، تعليقاً على ما سيكون عليه موقف التنظيمات المسلّحة لناحية تحييد المناطق الآمنة، أنّ "الجهات الموقّعة على الائتلاف هي من ستلتزم به"، متابعاً: "جهات مثل "النصرة" أو "داعش" هي غير ملتزمة". ويقول إنّه "من هنا تأتي ملاحظات المعارضة، بإعطاء النظام الأمان في المناطق التي يسيطر عليها، في حين أنّه يمكن للنظام أن يحرّك خلاياه النائمة، في المناطق الخاضعة للمعارضة".
ويعرب مروة عن اعتقاده بأنّ من شأن الخطة أن "تعطي النظام نوعاً من استراحة المحارب، كما سبق للتحالف الدولي أن منحها، إذ تمكّن من ترتيب أوراقه بناء على ذلك". ويشير إلى أنّ "المعارضة ترفض حتى الآن خطة المبعوث الدولي، أو وضعت شروطاً تعجيزيّة من الصعب تحقيقها، كتلك التي قدّمها رئيس المجلس العسكري في حلب العميد زاهر الساكت".
ويشترط الأخير، وفق ما يوضحه مروة، "تسليم مجرمي الحرب الذين استخدموا الكيماوي على السكان المدنيين، وخروج المليشيات الطائفية من سورية، وإيقاف براميل الموت والطائرات، وأخيراً الإفراج عن المعتقلين"، موضحاً أنّ "هذه الشروط غير قادر على تطبيقها دي مستورا ولا النظام السوري، الذي يبدي مرونة ولا يجيب بالرفض على أي مبادرة، علماً أنّه المستفيد الأكبر، من مبادرات مماثلة".
ويبحث النظام السوري، بشكل أو بآخر، وفق ما يقوله مروة "تطوير مشروع الهدن الذي يقوم بتطبيقه في الداخل، لذلك طلب من دي مستورا أن يذهب إلى حمص ويلتقي بأهالي حيّ الوعر، وليقول له بالتالي إن هذا النموذج قائم". ويوضح أنّ "دي مستورا يضع في حسبانه أكثر من ذلك، يتكلّم عن وقف إطلاق نار، لكنّ النظام يحاول تطبيق حلّ يعجبه في الوعر، بإخراج المسلحين من المدينة، على غرار ما حدث قبل ستة أشهر، عندما تمّ التوصل إلى اتفاق بين قوات النظام وقوات المعارضة بإشراف الأمم المتحدة، قضى بخروج المسلحين إلى ريف حمص الشمالي، مقابل فكّ الحصار عن بلدتي نبل والزهراء، في ريف حلب الشمالي".
ويشدّد مروة على ضرورة أن "يكون هناك حلّ شامل، لأنّه إذا جاءت العمليّة السياسيّة بعد التهدئة العسكريّة، فسيكون وقف إطلاق النار هشاً في هذه الحالة، لأن العمليّة السياسيّة يجب أن تكون متكاملة، فجزء منها عسكري وجزء آخر سياسي، حتى يتم التوصّل إلى هيئة حكم انتقالي متوافق عليها، كما نص بيان جنيف واحد".
ويذهب مروة إلى حدّ القول، إنّ المعارضة ترى في خطة دي مستورا تراجعاً عن خطة كلّ من سلفيه كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي، وهي عمليّة سياسيّة يأتي من خلالها موضوع العنف والتهدئة والإرهاب، لكنّ دي مستورا، يبدأ من أعمال صغيرة، وهذا يعني أن نفسه طويل جداً".