24 فبراير 2017
خطة تحرك لمواجهة الحلف الإيراني الروسي
لا تقترب المنطقة من حلّ لأزمتها الممتدة، فقد بات التصعيد أقرب الاحتمالات، على الرغم من أن كل شيء منوط بالسياسة السعودية. ويبدو أن الحلف الذي لاحقته السعودية، طوال السنوات الماضية، أصبح قاب قوسين أو أدنى.
لم يعد في وسع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أن يمنّي نفسه بحلف مع إيران أو تقارب أو حتى تفاهم. قطع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، طريق واشنطن طهران في المحطة السورية، وقلب المرشد علي خامنئي ظهر المجن للرئيس حسن روحاني. تفاهم إيراني تركي حول شمال سورية لم يعد متاحاً أيضاً. بات العامل الروسي راجحاً في الشمال، انطلاقاً من حماة واللاذقية. لن تستطيع تركيا وحدها الرد على التحدي الروسي. حتى الدول الأوروبية قد تخرج من المعادلة السورية، ومن معادلات الهلال الخصيب عامةً، وقد يترك لها التحالف الروسي الإيراني الراجح في سورية أدواراً هامشية، ربما إنسانية، أو في مرحلة إعادة الإعمار.
وقع الجميع في المأزق، وغدت السعودية محور أي تحرك مضاد، لكن الورطة اليمنية تحد من قدراتها. إذاً لا بديل عن تقوية الحلف السعودي القطري التركي، لمواجهة الترتيبات الروسية الإيرانية، في سورية خصوصاً وفي الهلال الخصيب. ولا شك في أن دعم واشنطن الحاسم مظلة في مواجهة قوة كبرى تدّعي لنفسها الأحقية في وراثة القوة العظمى الآفلة، والمنسحبة باتجاه الشرق الأقصى.
أما لماذا الرياض، فلأنها القوة الجغرافية المتماسّة مع جميع ساحات الصراع، ولأنها الأشد تهديداً من المدحلة الروسية الإيرانية، إذ تحتل السعودية موقعاً راسخاً في جغرافية المنطقة. من الغرب باتجاه الشرق: وادي النيل، شبه الجزيرة العربية، الصحراء الشامية، الهضبة الأناضولية، ما بين النهرين، الهضبة الإيرانية. لا تخلو هذه التقسيمات من ظواهر جغرافية فرعية، كهضبة حلب التي تشرف على الصحراء الشامية، وتصل جغرافيا آسيا الوسطى بالهلال الخصيب، أو الهضبة النجدية وسط شبه الجزيرة العربية، وتشرف على الصحراء الشامية والخليج العربي وخليج العقبة، وبحر العرب والبحر الأحمر. وفي الوضع الراهن، تزداد أهمية الجغرافية السعودية، وينبع ذلك من تفجر الصراعات في اليمن والعراق وسورية ومصر، وهي دول تجاور السعودية.
خلال العقد الماضي، تعاونت سياسات جورج بوش قصيرة النظر، وإيران الانتهازية والطامحة للهيمنة على العالم العربي، وانقلاب بشار الأسد على سياسات أبيه الإقليمية، على إدخال المنطقة في أتون فوضى لا ترحم. وبمواجهة هذه الفوضى، ارتبكت السياسة السعودية، ولم تستطع اجتراح سياسة متماسكة، لوقف تداعي منظومة الأمن القومي العربي. فقد أدت ثورات الربيع العربي المترافقة مع إعادة تشكيل أوباما موقف بلاده في الشرق الأوسط، ومساعي إيران وتركيا لاستغلال هذين التطورين من أجل ملء فراغ القوة في المنطقة، والناجم عن الانسحاب الأميركي والاضطرابات العربية، إلى أن تحسم الرياض موقفها، وتتخذ قراراً بالاعتماد على نفسها في مواجهة التحديات الإقليمية.
أعادت السعودية، وحلفاؤها القطريون والإماراتيون، الأمن والاستقرار إلى البحرين في
2011، واجترحت مع دول مجلس التعاون الخليجي، في العام نفسه، حلاً للأزمة اليمنية، كما دعمت الثورة السورية، على الأقل منذ تحول بشار الأسد النهائي إلى الحل العسكري لمواجهة الاحتجاجات المطالبة بتنحيه عن السلطة. وبكلفة باهظة على الصعد السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، دعمت السعودية حكم عبد الفتاح السيسي في مصر، منذ منتصف 2013. وما إن احتل تنظيم داعش الموصل في العراق في يونيو/حزيران 2014، حتى انضمت الرياض إلى التحالف الذي شكلته واشنطن لمواجهة "داعش" في سورية.
بلغ هذا المسار الجديد للسياسة السعودية ذروة جديدة، عندما شكل الملك سلمان تحالفاً جوياً، رداً على نسف الحوثيين وعلي عبد الله صالح المبادرة الخليجية، باحتلالهم العاصمة اليمنية صنعاء، وتطويرهم هجوماً باتجاه مدينة عدن الاستراتيجية. وبإرسال التحالف العربي أكثر من عشرة آلاف عسكري إلى اليمن، أكدت السعودية عزمها على المضي في استراتيجيتها اليمنية المستندة إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2216. واتفق الملك سلمان مع الرئيس التركي أردوغان على مواجهة الاندفاعة الإيرانية في سورية، بالترافق مع تغطية أنقرة "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" في اليمن. وهذه السياسة السعودية النشطة معرّضة لانتكاسات كبيرة، جرّاء تصميم التحالف الروسي الإيراني على إضعاف الرياض، ودحر مواقعها الإقليمية.
للتمويه على التدخل الذي اختمرت فكرته في ذهن بوتين منذ أشهر، نفذت موسكو مناورات تكتيكية ناجحة؛ فقد استهل بوتين تدخله في سورية بعرض وساطة من شعبتين. الأولى بين النظام ومعارضيه. الثانية بين النظام وأعدائه الإقليميين، وخصوصاً السعودية. وأوحى أنه يقترب من الرياض، من دون أن يذكر أي دور لإيران، في ما يتعلق برؤيته تشكيل حلف دولي لمواجهة الإرهاب، يستند على الجيشين السوري والعراقي والبيشمركة. وتشير هذه المناورات السياسية والدبلوماسية التي مهدت موسكو، من خلالها، لتدخلها في سورية، إلى وجود نيات لدى بوتين، لكي ينسف، بالتعاون مع خامنئي ومندوبه السامي لشؤون الهلال الخصيب، قاسم سليماني، النفوذ السعودي في سورية والهلال الخصيب، أو هزيمته قبل احتوائه، ضمن تصميم روسي جديد للمنطقة.
وفي البداية، حرصت موسكو على جذب حلفاء الرياض المترددين (مصر، الأردن، الإمارات) بعيداً عنها. ولاحقاً، صلّب الوجود الروسي مواقف هؤلاء الحلفاء الرافضة استراتيجية السعودية في سورية أو اليمن، أو انفتاحها على تركيا وجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة. وهكذا كان بوتين عاملاً رئيسياً في إضعاف التماسك الإقليمي من حول السعودية.
وإذا كان خامنئي قد رأى أن موازين القوى الإقليمية تحركت ضد إيران، بعد التحالف بين السعودية وتركيا اللتين تمكنتا من قلب الطاولة في وجه طهران على امتداد المنطقة، بالترافق مع محاولات بغداد التفلت من القبضة الإيرانية شديدة الوطأة، فإنه قرّر الاستعانة ببوتين لوقف الانهيار الشامل للموقف الإيراني في الشرق الأوسط، والثمن توحيد السياسات الإيرانية والروسية عبر المنطقة.
ويبدو أن إيران وروسيا متفقتان على توزيع أدوار في سورية والعراق. ففي الأولى، تلعب القوات الروسية الدور الأكبر، براً وجواً، بالتعاون مع قوات إيرانية، ومع الحشد الشعبي وحزب الله، في مقابل تعهد إيران بتهيئة البيئة لتغلغل النفوذ الروسي في العراق، بدايةً من صفقات السلاح، وصولاً إلى تأسيس مركز بغداد للتنسيق العسكري والأمني، وربما الضغط على الحكومة العراقية، من أجل طلب تدخل روسي "جوي".
وربما كان من بنود التحالف الإيراني الروسي في المنطقة، إطلاق موسكو يد طهران لكبح جماح السعودية وحلفائها في اليمن، مع توافق العاصمتين على تعويم وساطة مصرية، لإنهاء الحرب في الخاصرة السعودية سياسياً. وهكذا ستجد السعودية وتركيا أن روسيا وإيران تعملان على تطويقهما وإضعافهما، وبالتالي، لا بد من اجتراح خطة للتحرك.
وبشأن خطة التحرك، داخل سورية، لا بد من تزخيم التدخل الجوي العربي التركي تحت غطاء التحالف الدولي. وسيحد ذلك من قدرات الروس على الطيران في الأجواء السورية، والدعم الأميركي حاسم للمضي في خطوة كهذه. وبالترافق مع فرض المنطقة المطهرة من تنظيم داعش في شمال حلب، ولو رفضتها روسيا، لا بد من تكثيف الضغط على الأكراد، لتحديد اتجاههم النهائي. ويبدو رفع بعض الخطوط الحمر بالنسبة للعمل ضد بيئة النظام منطقياً بكل تأكيد.
على الصعيد الإقليمي، يجب أن ترفع السعودية القيد عن التحالف الكامل مع التجمع اليمني للإصلاح، ولو كان الثمن مراجعة مصر والإمارات موقفيهما من التحالف العربي في اليمن، فمن دون دور "التجمع" الكامل، ستأخذ عملية تحرير صنعاء وشمال اليمن وقتاً أطول من اللازم، وتغدو حرب اليمن استنزافاً للسعودية عن بقية قضايا المنطقة المتفجرة. إعلان نهاية محاصرة الإخوان في المنطقة. زيادة حدة التناقضات داخل العراق. السهر على فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية المقبلة. تطوير العلاقات الخليجية مع دول أوروبا الشرقية والبلقان الخائفة من النهوض الروسي.
ولا بد من اتخاذ خطوات حيال الكرملين وداخل روسيا، منها استصدار قرارات من منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، تدعو روسيا إلى تلمس خطورة خطوتها، بما تستدعيه من إرث الحرب الأفغانية. عقد اتصالات دبلوماسية مع المسؤولين الروس في أراضيهم، بهدف مخاطبة الرأي العام الروسي، بالترافق مع تنظيم حملات من الدبلوماسية العامة الموجهة إلى المواطنين الروس، لشرح مخاطر سياسة بوتين الجديدة، وعقمها، واستغلال الطبيعة الحساسة للرأي العام في روسيا.
لم يعد في وسع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أن يمنّي نفسه بحلف مع إيران أو تقارب أو حتى تفاهم. قطع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، طريق واشنطن طهران في المحطة السورية، وقلب المرشد علي خامنئي ظهر المجن للرئيس حسن روحاني. تفاهم إيراني تركي حول شمال سورية لم يعد متاحاً أيضاً. بات العامل الروسي راجحاً في الشمال، انطلاقاً من حماة واللاذقية. لن تستطيع تركيا وحدها الرد على التحدي الروسي. حتى الدول الأوروبية قد تخرج من المعادلة السورية، ومن معادلات الهلال الخصيب عامةً، وقد يترك لها التحالف الروسي الإيراني الراجح في سورية أدواراً هامشية، ربما إنسانية، أو في مرحلة إعادة الإعمار.
وقع الجميع في المأزق، وغدت السعودية محور أي تحرك مضاد، لكن الورطة اليمنية تحد من قدراتها. إذاً لا بديل عن تقوية الحلف السعودي القطري التركي، لمواجهة الترتيبات الروسية الإيرانية، في سورية خصوصاً وفي الهلال الخصيب. ولا شك في أن دعم واشنطن الحاسم مظلة في مواجهة قوة كبرى تدّعي لنفسها الأحقية في وراثة القوة العظمى الآفلة، والمنسحبة باتجاه الشرق الأقصى.
أما لماذا الرياض، فلأنها القوة الجغرافية المتماسّة مع جميع ساحات الصراع، ولأنها الأشد تهديداً من المدحلة الروسية الإيرانية، إذ تحتل السعودية موقعاً راسخاً في جغرافية المنطقة. من الغرب باتجاه الشرق: وادي النيل، شبه الجزيرة العربية، الصحراء الشامية، الهضبة الأناضولية، ما بين النهرين، الهضبة الإيرانية. لا تخلو هذه التقسيمات من ظواهر جغرافية فرعية، كهضبة حلب التي تشرف على الصحراء الشامية، وتصل جغرافيا آسيا الوسطى بالهلال الخصيب، أو الهضبة النجدية وسط شبه الجزيرة العربية، وتشرف على الصحراء الشامية والخليج العربي وخليج العقبة، وبحر العرب والبحر الأحمر. وفي الوضع الراهن، تزداد أهمية الجغرافية السعودية، وينبع ذلك من تفجر الصراعات في اليمن والعراق وسورية ومصر، وهي دول تجاور السعودية.
خلال العقد الماضي، تعاونت سياسات جورج بوش قصيرة النظر، وإيران الانتهازية والطامحة للهيمنة على العالم العربي، وانقلاب بشار الأسد على سياسات أبيه الإقليمية، على إدخال المنطقة في أتون فوضى لا ترحم. وبمواجهة هذه الفوضى، ارتبكت السياسة السعودية، ولم تستطع اجتراح سياسة متماسكة، لوقف تداعي منظومة الأمن القومي العربي. فقد أدت ثورات الربيع العربي المترافقة مع إعادة تشكيل أوباما موقف بلاده في الشرق الأوسط، ومساعي إيران وتركيا لاستغلال هذين التطورين من أجل ملء فراغ القوة في المنطقة، والناجم عن الانسحاب الأميركي والاضطرابات العربية، إلى أن تحسم الرياض موقفها، وتتخذ قراراً بالاعتماد على نفسها في مواجهة التحديات الإقليمية.
أعادت السعودية، وحلفاؤها القطريون والإماراتيون، الأمن والاستقرار إلى البحرين في
بلغ هذا المسار الجديد للسياسة السعودية ذروة جديدة، عندما شكل الملك سلمان تحالفاً جوياً، رداً على نسف الحوثيين وعلي عبد الله صالح المبادرة الخليجية، باحتلالهم العاصمة اليمنية صنعاء، وتطويرهم هجوماً باتجاه مدينة عدن الاستراتيجية. وبإرسال التحالف العربي أكثر من عشرة آلاف عسكري إلى اليمن، أكدت السعودية عزمها على المضي في استراتيجيتها اليمنية المستندة إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2216. واتفق الملك سلمان مع الرئيس التركي أردوغان على مواجهة الاندفاعة الإيرانية في سورية، بالترافق مع تغطية أنقرة "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" في اليمن. وهذه السياسة السعودية النشطة معرّضة لانتكاسات كبيرة، جرّاء تصميم التحالف الروسي الإيراني على إضعاف الرياض، ودحر مواقعها الإقليمية.
للتمويه على التدخل الذي اختمرت فكرته في ذهن بوتين منذ أشهر، نفذت موسكو مناورات تكتيكية ناجحة؛ فقد استهل بوتين تدخله في سورية بعرض وساطة من شعبتين. الأولى بين النظام ومعارضيه. الثانية بين النظام وأعدائه الإقليميين، وخصوصاً السعودية. وأوحى أنه يقترب من الرياض، من دون أن يذكر أي دور لإيران، في ما يتعلق برؤيته تشكيل حلف دولي لمواجهة الإرهاب، يستند على الجيشين السوري والعراقي والبيشمركة. وتشير هذه المناورات السياسية والدبلوماسية التي مهدت موسكو، من خلالها، لتدخلها في سورية، إلى وجود نيات لدى بوتين، لكي ينسف، بالتعاون مع خامنئي ومندوبه السامي لشؤون الهلال الخصيب، قاسم سليماني، النفوذ السعودي في سورية والهلال الخصيب، أو هزيمته قبل احتوائه، ضمن تصميم روسي جديد للمنطقة.
وفي البداية، حرصت موسكو على جذب حلفاء الرياض المترددين (مصر، الأردن، الإمارات) بعيداً عنها. ولاحقاً، صلّب الوجود الروسي مواقف هؤلاء الحلفاء الرافضة استراتيجية السعودية في سورية أو اليمن، أو انفتاحها على تركيا وجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة. وهكذا كان بوتين عاملاً رئيسياً في إضعاف التماسك الإقليمي من حول السعودية.
وإذا كان خامنئي قد رأى أن موازين القوى الإقليمية تحركت ضد إيران، بعد التحالف بين السعودية وتركيا اللتين تمكنتا من قلب الطاولة في وجه طهران على امتداد المنطقة، بالترافق مع محاولات بغداد التفلت من القبضة الإيرانية شديدة الوطأة، فإنه قرّر الاستعانة ببوتين لوقف الانهيار الشامل للموقف الإيراني في الشرق الأوسط، والثمن توحيد السياسات الإيرانية والروسية عبر المنطقة.
ويبدو أن إيران وروسيا متفقتان على توزيع أدوار في سورية والعراق. ففي الأولى، تلعب القوات الروسية الدور الأكبر، براً وجواً، بالتعاون مع قوات إيرانية، ومع الحشد الشعبي وحزب الله، في مقابل تعهد إيران بتهيئة البيئة لتغلغل النفوذ الروسي في العراق، بدايةً من صفقات السلاح، وصولاً إلى تأسيس مركز بغداد للتنسيق العسكري والأمني، وربما الضغط على الحكومة العراقية، من أجل طلب تدخل روسي "جوي".
وربما كان من بنود التحالف الإيراني الروسي في المنطقة، إطلاق موسكو يد طهران لكبح جماح السعودية وحلفائها في اليمن، مع توافق العاصمتين على تعويم وساطة مصرية، لإنهاء الحرب في الخاصرة السعودية سياسياً. وهكذا ستجد السعودية وتركيا أن روسيا وإيران تعملان على تطويقهما وإضعافهما، وبالتالي، لا بد من اجتراح خطة للتحرك.
وبشأن خطة التحرك، داخل سورية، لا بد من تزخيم التدخل الجوي العربي التركي تحت غطاء التحالف الدولي. وسيحد ذلك من قدرات الروس على الطيران في الأجواء السورية، والدعم الأميركي حاسم للمضي في خطوة كهذه. وبالترافق مع فرض المنطقة المطهرة من تنظيم داعش في شمال حلب، ولو رفضتها روسيا، لا بد من تكثيف الضغط على الأكراد، لتحديد اتجاههم النهائي. ويبدو رفع بعض الخطوط الحمر بالنسبة للعمل ضد بيئة النظام منطقياً بكل تأكيد.
على الصعيد الإقليمي، يجب أن ترفع السعودية القيد عن التحالف الكامل مع التجمع اليمني للإصلاح، ولو كان الثمن مراجعة مصر والإمارات موقفيهما من التحالف العربي في اليمن، فمن دون دور "التجمع" الكامل، ستأخذ عملية تحرير صنعاء وشمال اليمن وقتاً أطول من اللازم، وتغدو حرب اليمن استنزافاً للسعودية عن بقية قضايا المنطقة المتفجرة. إعلان نهاية محاصرة الإخوان في المنطقة. زيادة حدة التناقضات داخل العراق. السهر على فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية المقبلة. تطوير العلاقات الخليجية مع دول أوروبا الشرقية والبلقان الخائفة من النهوض الروسي.
ولا بد من اتخاذ خطوات حيال الكرملين وداخل روسيا، منها استصدار قرارات من منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، تدعو روسيا إلى تلمس خطورة خطوتها، بما تستدعيه من إرث الحرب الأفغانية. عقد اتصالات دبلوماسية مع المسؤولين الروس في أراضيهم، بهدف مخاطبة الرأي العام الروسي، بالترافق مع تنظيم حملات من الدبلوماسية العامة الموجهة إلى المواطنين الروس، لشرح مخاطر سياسة بوتين الجديدة، وعقمها، واستغلال الطبيعة الحساسة للرأي العام في روسيا.