خطة الحكومة العراقية لتطويق المعارضة: الاستمالة أو شق الصف

22 يوليو 2019
حشد "الحكمة" لتظاهرات في الشارع أقلق الحكومة(حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
تحاول الحكومة العراقية تطويق المعارضة السياسية التي تشكّلت أخيراً في البلاد ككتلة برلمانية عراقية، بعد موقف "تيار الحكمة" الذي يتزعمه عمار الحكيم بالانضمام إلى المعارضة والتوجّه نحو الشارع وتنظيم تظاهرات لتأييدها. ولم يُخفِ رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، قلقه من توجّه "الحكمة" نحو المعارضة، ووجّه رسالة يوم الجمعة إلى عمار الحكيم، عقب التظاهرات الشعبية التي قام بها تياره، محذّراً إياه من الدمج بين مبدأ "الموالاة والمعارضة"، معرباً عن مخاوفه من أن يجر ذلك العراق إلى أخطاء خطيرة يجب التنّبه لها.

استراتيجية الحكومة للتعامل مع التطور السريع في عمل المعارضة، تركّز على محاولات السيطرة عليها، من خلال فتح حوار معها لاستمالتها من جانب، والسعي من جانب آخر لكسب أطراف وقيادات بارزة تابعة للتيار المعارض، لتضعها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما العودة عن المعارضة، أو الانقسام، خصوصاً مع وجود مغريات ومناصب تُقدّم لقيادات على أمل أن تنشق لتكون إلى جانب الحكومة، كما تكشف مصادر لـ"العربي الجديد".

وقال مسؤول سياسي مطلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة قلقة من ملف المعارضة، خصوصاً أنّه بدأ يأخذ مسار تحشيد الشارع، ما قد يصعّب تعاملها معه"، موضحاً أنّ "الحكومة بدأت بفتح منافذ للحوار مع التيار المعارض، وهو أساساً غير رافض للحوار، وجرت عدّة اتصالات مع رئيس التيار عمار الحكيم، الذي أكد التزامه بمبدأ المعارضة وعدم خروجه عنها".
واستدرك أنّ "الحوار الحكومي مع المعارضة بدأ يتبلور نحو اتجاهين اثنين، الأول مع الكتلة وقياداتها الرئيسية بشكل مباشر، وهذا الجانب تسعى الحكومة من خلاله إلى استمالة المعارضة من جديد، من خلال عرض بعض المناصب عليها لأجل استمالتها، أما الاتجاه الثاني فهو حراك منفصل نحو قادة معينين في تيار المعارضة لأجل شقهم عن الكتلة".

وأوضح المسؤول نفسه أنّ "محوري الحوار يجريان وفق ترتيب مسبق وتحركات مدروسة، وكلاهما يصبّان في صالح الحكومة التي لا تريد أن ينمو تيار المعارضة في البلاد، وألا تكون تجربة تجذب أطرافاً وأحزاباً أخرى"، مشيراً إلى أنّ "الضغط حالياً يجري باتجاه كسب قيادات معينة من التيار المعارض، وفي حال تراجعت بعض تلك القيادات البارزة في الكتلة عن موقفها المعارض، فالحكومة ستحصل تلقائياً على غايتها من إفشال التجربة وتطويقها". وأكد أنّ "هناك مناصب عديدة تُعرض على قادة الكتلة، وقد ينشق بعضهم وينضم إلى التوجّه الحكومي".


ويحاول "تيار الحكمة" المعارض إظهار تماسكه خلال هذه الفترة، نافياً وجود أي انشقاق بين صفوفه. وقال عضو المؤتمر العام للتيار، حيدر السلطان، إنّ "القيادي في التيار عبد الحسين عبطان (وزير الشباب في حكومة حيدر العبادي)، ما زال ضمن تيارنا وهو عضو مجلس سياسي في الحكمة، ولم ينشق عنه". وأكد أنّ "الحديث عن انشقاق عبطان محاولة لضرب التظاهرات الشعبية التي يقودها التيار وإضعافها"، نافياً "الحديث عن عرض منصب أمين بغداد على عبطان"، موضحاً أن "تيارنا لم يدفع أي اسم لأي منصب من مناصب الهيئات المستقلة".

قلق عبد المهدي من المعارضة يأتي بسبب توجّهات التيار المعارض ومحاولاته إسقاط الحكومة. وقال القيادي في التيار المعارض، النائب السابق صلاح العرباوي، في تصريح تلفزيوني، "إنّنا متى ما حصلنا على الأغلبية السياسية المؤهلة لإيجاد حكومة بديلة لحكومة عبد المهدي، فسيتم تغييرها"، مؤكداً أن "الحكومة الحالية غير قادرة على الالتزام والوفاء ببرنامجها الحكومي". وشدّد على أنّ "ذهابنا نحو المعارضة كان لاستشراف الأداء الحكومي، وقد ثبت أنّ الحكومة الحالية نسخة للحكومات السابقة، وهي وليدة معادلة سياسية مختلة".

في السياق، يرى مراقبون أنّ قلق الحكومة يتأتى بسبب نزول المعارضة إلى الشارع وتحشيدها ضدّها. وقال الخبير السياسي هاشم عبد الله الربيعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة تخشى من مسارات عدّة لتحالف المعارضة الذي يوجّه لإعاقة عمل الحكومة بكل جهده، من خلال إثارة ومتابعة ملفات الوزراء، وقضايا الاستجواب لهم، ومن ثم تحشيد الشارع، وهو أخطر تلك المسارات". ورأى أن الحكومة "لا تملك حلاً اليوم، خصوصاً أنّها تخشى اتّساع رقعة المعارضة والشارع، لذا ستكون محاولة استمالتها أو بعض أطرافها هو الحل الوحيد"، مؤكداً أنّ "محاولات كسب الحكومة لبعض القيادات البارزة في التيار المعارض وشقها عنه أصبح أمراً وارداً، وفي حال نجحت الحكومة بهذا الأمر ستكون قد وجّهت ضربة بالصميم للمعارضة".
يشار إلى أنّ التيار المعارض ما زال يعمل على تحشيد الشارع، لتنظيم تظاهرات أخرى، محاولاً إظهار ثقله في الشارع العراقي، ومدى قوته شعبياً كورقة ضغط على الحكومة.

المساهمون