خطاب "حاسم" لماكرون بعد سبت أقل عنفاً... و"السترات الصفراء" تستعد لجولة خامسة

باريس

محمد المزديوي

avata
محمد المزديوي
09 ديسمبر 2018
16EF582F-B183-4BBE-A1B2-31B91938C9C1
+ الخط -
انتهت الجولة الرابعة التي أطلقتها حركة "السترات الصفراء" بفرنسا، بحصيلة قاسية، رغم البلاء الذي وصف بـ"الحسن" الذي أدته مختلف القوى الأمنية في محاصرة مثيري الشغب وفي الحد من عمليات النهب والتخريب.

وشكر رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، أداء الأجهزة الأمنية، في الوقت الذي ذهبت فيه أوساط إعلامية إلى أن الفائز الأكبر يوم أمس، كان القوى الأمنية، بحيوتها ومهنيتها، رغم ارتفاع عدد الموقوفين (1082 في باريس لوحدها) وعمليات التخريب التي استهدفت ممتلكات في باريس والمحافظات وسقوط جرحى.

وعلى الرغم من التنويه بالدور الأمني في منع وقوع كارثة، قد تنفذها عصابات منظمة من أقصى اليسار واليمين، كان الجميع يتوقعها ويحذر منها من رئيس الجمهورية إلى كل وزرائه، إلا أن الواقع، في الحقيقة، لم يتغير. فما زالت السترات الصفراء موجودة، وما زالت مطالبها، التي ترى أغلبية الفرنسيين أنها شرعية واستعجالية، تنتظر التنفيذ، أو تنفيذ بعضها على الأقل.

وبعد أن استيقظ الجميع، من تظاهرة أمس، اكتشفوا أن الأهمّ لا يزال ينتظر التنفيذ، علما أن السترات الصفراء أعلنت، دونما تأخير، عن الجولة الخامسة في حراكها، التي لم تتضح بعد تفاصيلها، وإن كانت اتخذت اسم "جولة خامسة-لنهاجم الحكومة جميعا"، وهو ينتشر في شبكات التواصل الاجتماعي، مع اقتراح تظاهرة قادمة في باريس.

وفي هذا الصدد كشف استطلاع جديد للرأي أن حركة السترات الصفراء، على الرغم من طابعها العابر للأحزاب، يمكنها الحصول على 12 في المائة، لو فكرت في خوض الانتخابات الأوروبية. وهو ما يعني أن مشاركتها قد تؤثر سلبا على حزب "التجمع الوطني"، و"فرنسا غير الخاضعة"، وهو ما يكشف مدى انخراط المتعاطفين مع هذين الحزبين في الحراك الاجتماعي الجاري.

تنازلات حكومية قاسية

لا يعيش الرئيس في عزلة، فهو يتابع ما يجري، وقد اعترف المقربون منه، بأنه لم يشأ أن يتحدث، من قبل، لأنه لم يكن يريد إذكاء النار، خصوصا أن اسمه كان يتعرض للشتم والاحتقار من قبل متظاهرين كثيرين.

ويورد بعض المنتخبين ومنهم كارل أوليف، عمدة مدينة بواسي، أن ماكرون اعترف بارتكابه بعض الحماقات، مثل تخفيف السرعة في الطرق الوطنية من 90 إلى 80 كيلومترا في الساعة، وأيضا فرض 5 يورو على المساعدة من أجل السكن، وهو ما تضرر منه العديد من الطلبة.  كما اعترف ماكرون بأنه توجد في فرنسا ضرائب كثيرة، من مختلف الأنواع.

لا مناص إذن من تنازلات مؤلمة، وتتوالى النصائح للحكومة بالتسريع بها، اليوم، قبل الغد، وإلا ارتفع سقف المطالب، وتحول الأمر إلى "عصيان مدني"، كما يبشر ميلانشون. فألان جوبيه، حليف ماكرون، في الظل، والأب الروحي لرئيس الحكومة، يرى أنه "يتوجب على الرئيس أن يتحدث. وسريعا. وأن يوضح موقفه في لغة مفهومة من قبل كل الفرنسيين"، وأن "يعلن عن إجراءات قوية". وهو نفس موقف سيغولين روايال، المرشحة السابقة لرئاسة الجمهورية، التي طالبت الرئيس بـ"إعادة فرض الضريبة على الثروة" و"بزيادة جوهرية في المرتبات".

وترى صحيفة لوجورنال دي ديمانش، أن حركة السترات الصفراء ستكلف الحكومة غاليا. وتضيف أن عمليات وقف السير والتظاهرات العنيفة وضعت حدّا للنموّ، وساهمت في إلغاء الكثير من السياح لحجوزاتهم.

وترى أنه يجب على الحكومة العثور على ما بين 12 و15 مليار يورو، للتعويض عن كل الخسائر ومنها إلغاء الضريبة على المحروقات، وأيضا تعزيز القدرة الشرائية للسترات الصفراء، وأيضا الرفع من "مساعدة الحركة"، لسبعة من كل عشرة فرنسيين يستخدمون سياراتهم للتوجه للشغل. 

وتتساءل الحكومة عن طرق العثور على هذه الأموال، ولا ترى بديلا عن تسليط الضوء على 130 مليار يورو في الملاجئ الضريبية للشركات، وأيضا المساعدات الاجتماعية التي تبتلع 100 مليار.

وليس الهاجس الاقتصادي وحده هو الأهم، فالحكومة تخشى تصاعد الاحتجاجات الطلابية، المصحوبة بعنف متزايد، وليست الصور المهينة لاعتقالهم، هي من سيوقف حراكهم.

كما أن الشرطة الجمهورية التي قامت بما يجب عليها، للحفاظ على الأمن، خلال أربعة أسابيع منهكة، مقدمة تضحيات جسيمة، تتفهم مطالب السترات الصفراء، كما أكدت، صراحة، بعض نقاباتهم، وأصبحت تعاني من إرهاق قد يؤثر على فعاليتها ومهنيتها.     

إذن، الكرة في ملعب الرئيس ماكرون الذي قد يتحدث إلى الفرنسيين الاثنين أو الثلاثاء، وكشف المتحدث باسم الحكومة الفرنسية بنجامين جريفو، اليوم أن ماكرون سيعلن عدداً من الإجراءات المهمة في الأيام المقبلة.

ولا مناص لماكرون من اقتراح إجراءات جوهرية مقبولة من طرف قطاع كبير من الفرنسيين، تسحب البساط من مزايدات شرائح متطرفة في السترات الصفراء، تريد رأس ماكرون.

إجراءات تأتي لتعزز القدرة الشرائية للفرنسيين، الأكثر هشاشة، وتعيد البسمة للتجار وخاصة تجار العاصمة، الذين أرهقتهم التظاهرات، وأبعدت عنهم السياح، في فترات حاسمة من السنة.

إجراءات مقبولة، تمسح من الأذهان صُوَر مصفحات الدرك وهي تنزل إلى جادة الشانزيليزيه من ساحة النصر، وتشارك قوات الأمن رشّ المتظاهرين العنيدين بالغازات المسيلة للدموع.       ​

 

 

ذات صلة

الصورة
معرض يورونيفال في فرنسا، 27 أكتوبر 2008 (Getty)

سياسة

بعد منع فرنسا مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض الأسلحة يوروساتوري، ها هي تمنع الآن أيضاً مشاركة إسرائيل في معرض يورونافال.
الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
الصورة
ماكرون يلقي خطابًا متلفزًا يعلن فيه حل البرلمان، 9 يونيو 2024 (فرانس برس)

سياسة

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد، حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية.
الصورة
تنظيم داعش/فرنسا

سياسة

رفعت فرنسا، أول من أمس الأحد، مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك في أعقاب هجوم موسكو الدموي الذي تبناه تنظيم "داعش"، مستعيدة تهديدات عدة للتنظيم.