شهدت ألمانيا، مساء السبت، صدامات بين ناشطي اليمين المتطرف والشرطة الألمانية على خلفية الاحتجاج ضد افتتاح معسكري لجوء بعد احتجاجات عنيفة يوم الجمعة الماضي حيث أصيب عدد من الأشخاص في تلك المصادمات.
الحزب الوطني الديمقراطي (NPD)، وهو حزب يميني قومي متطرف يشبهه بعضهم بالحركة النازية الجديدة، حشد في منطقة بالقرب من درسدن أكثر من ألفي شخص للاحتجاج على ما يتوقع من استقدام بضعة مئات من طالبي اللجوء للإقامة في المعسكرين.
وفي محاولة الشرطة الألمانية فض تلك التظاهرة، والتي تخللتها عبارات عنصرية ضد المهاجرين واللاجئين جرى استخدام القنابل المسيلة للدموع بعد أن أغلق أنصار الحزب والمتظاهرون الطريق المؤدي إلى مكان إقامة المعسكرين في مخزن بضائع كبير جرى تجهيزه ليضم نحو 600 طالب لجوء وتم محاصرة 300 من الواصلين إلى واحد من المعسكرين.
المتظاهرون لم يكتفوا بالهتافات العنصرية هذه المرة بل ذهبوا نحو استخدام الزجاجات والألعاب النارية والحجارة لضربها ضد الشرطة التي وقفت بينهم وبين الاقتراب أكثر من طالبي اللجوء. وكان قد أصيب نحو 30 شرطياً، أحدهم جروحه متوسطة، بحسب ما ذكرت الشرطة في بيان خاص بحوادث أمس، من دون معرفة أعداد المصابين من المتظاهرين مساء أمس.
وبحسب ما قال حسن مسعود من درسدن لـ"العربي الجديد" فإن "تواجد الشرطة والحراسات أمام المعسكرين يمكن مشاهدته بكثافة اليوم الأحد، ويخشى طالبو اللجوء من جنسيات عدة أن تصبح الاعتداءات أكثر عنفاً بعد تصاعد جرأة العنصريين في التهجم الجسدي على اللاجئين ومعسكراتهم مؤخراً".
في شرق ألمانيا، والتي تعاني بالأصل بعد سنوات طويلة على إعادة الوحدة الألمانية، من مشاكل في السكن والاقتصاد عموماً، وتجد حركات اليمين بيئة خصبة كما وجدت حركة "بيغيدا" العنصرية قبل أشهر حين انطلقت للاحتجاج على تواجد اللاجئين في مدن شرق ألمانيا.
تظاهرة السبت لم تمر أيضا من دون صدامات بعد أن قام ألمان مناهضون للنازية وللحزب الوطني بمحاولة لصد أكثر من 200 متطرف يعترضون على زيادة أعداد طالبي اللجوء في ألمانيا.
وعلى الرغم من أن وزير العدل الألماني، هَيكو موس، دان تلك الهجمات والاحتجاجات العنيفة التي وقعت مساء الجمعة، وذلك في تغريدة على صفحته في توتير وسماها بالاحتجاجات العنصرية، فإن ذلك لم يمنع من تكرارها يوم السبت وتحذير السلطات الألمانية من تصاعد الهجمات مستقبلاً على اللاجئين في الأراضي الألمانية.
المشكلة الألمانية، كما يراها مراقبون في شؤون الهجرة واللجوء، تكمن في أن ألمانيا استقبلت تقريباً 40 بالمائة من المهاجرين نحو دول الاتحاد الأوروبي، ويوم الخميس الماضي أعلنت الداخلية الألمانية عن توقعاتها بأن يرتفع عدد طالبي اللجوء من 350 ألفاً حضروا إلى ألمانيا إلى 800 ألف مع نهاية العام الحالي.
ويترافق هذا التزايد في أعداد طالبي اللجوء نحو ألمانيا مع أزمة في التمويل وإيجاد المساكن لتلك الأعداد حيث يتوقع أن تتحمل المقاطعات الألمانية ما يقارب 10 مليارات يورو خلال العام القادم لاحتواء كل تلك الأعداد، وهي أرقام تُثير بعض الأطراف الألمانية من اليمين ويمين الوسط.
وكانت انتقادات عدة قد وجهت في ألمانيا ومن الأمم المتحدة إلى بقية دول الاتحاد الأوروبي بسبب "التقاعس عن تحمل المسؤولية مع ألمانيا والسويد"، وهو ما حمله ضمنياً تصريح المفوض الأممي لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "ديفلت" يوم 18 أغسطس/ آب.
اقرأ أيضاً: حرب لوبان... نهاية حقبة في تاريخ اليمين الفرنسي المتطرف