كشفت عمليات المسح الأولية للأضرار الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت، عن خسائر فادحة وكارثية طاولت مختلف القطاعات العقارية والتجارية والممتلكات الخاصة والعامة والسيارات، بل وامتدت لتصل إلى المباني التراثية. ويأتي ذلك في الوقت الذي بدأت تسعى فيه الجهات المختصة إلى الإسراع في مسح الخسائر من أجل تعويض المتضررين.
وأكد الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، اللواء محمد خير، أن "انفجار مرفأ بيروت كارثة ونكبة، في ظلّ الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون"، مشيراً إلى أنهم سيعملون على مسح الأضرار كافة بالسرعة الممكنة وبالآليات المتوافرة لحصرها وإحصائها، وذلك وفقاً لخطة كشف ميداني تقني هندسي".
وأوضح خير، في مؤتمر صحافي، أن "الهيئة" تعمل على آلية شفافة لتوزيع المساعدات على المتضررين، وذلك بالتعاون مع الأجهزة الرسمية والمعنية كالجيش وبلدية بيروت والبلديات المجاورة، والمجتمع المدني المحلي والمنظمات الدولية".
والهيئة العليا للإغاثة، تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، وتختص بالعمليات الإغاثية ورصد الأضرار وتعويض المستحقين مع شرط توافر المستندات المطلوبة.
ويشمل المسح الذي تقوم به الهيئة، الكشف على الأضرار الإنشائية والمباني القديمة والأثرية، التي لها قيمة تراثية، وجميع الأبنية والمؤسسات من منطقة الدمار شماليّ المنطقة البحرية، وصولاً إلى المنازل التي تساقطت فيها واجهات الزجاج، وتقسيم المنطقة إلى عدة مناطق بحسب الضرر الذي وقع فيها. وأكد خير أن التعويض للمتضررين سيكون بالليرة اللبنانية، لأن الهيئة تتعامل بالليرة.
في المقابل، أبدى لبنانيون ما زالوا يجلسون وسط الحطام بعد مرور أكثر من أسبوع على الكارثة، شعورهم بالإحباط إزاء الدولة التي يرون أنها تخلت عنهم في مساعيهم اليائسة للملمة جراحهم وإعادة بناء بيوتهم وممتلكاتهم أو ترميمها. ويتّهم خبراء اقتصاد ولبنانيون الطبقة الحاكمة بالفساد والعجز والسرقة وتفضيل مصالحها الشخصية على مصلحة البلد الذي يسكنه نحو ستة ملايين شخص، ما دفع المواطنين إلى أزمات معيشية واقتصادية خانقة فاقمها الانفجار. وكانت تقديرات سابقة قد أكدت ان إجمالي خسائر الانفجار يصل إلى 15 مليار دولار في مختلف القطاعات، ومنها مرفأ بيروت والعقارات والمنشآت والسيارات وغيرها.
وكشفت الهيئة العليا للإغاثة في وقت سابق، عن تضرر نحو 70 ألف منزل من جراء انفجار بيروت. وحسب محافظ بيروت، القاضي مروان عبود، سبّب انفجار مرفأ بيروت تضرر نصف مباني المدينة تقريباً. وأجرت المديرية العامة لقوى الأمن، حسب بيان لها، أمس، مسحاً لأضرار الأبنية والسيّارات التي قُدّرت حتى الآن بـ3972 مبنى و4214 آلية، وما زال العمل مستمراً حتى مسح جميع الأضرار.
وطاولت الخسائر المباني الأثرية، إذ تواردت معلومات عن إقدام بعض التجار على شراء الأبنية التراثية المهدمة، بأبخس الأسعار، ما دفع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، إلى إجراء اتصال بوزيري المالية والثقافة في حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني وعباس مرتضى، طالباً اتخاذ القرارات والإجراءات والتدابير اللازمة، لمنع أي عملية رهن أو بيع أو وضع إشارة في السجل العقاري، لأي عقار أو مبنى من المباني المصنفة تراثية أو ثقافية أو تاريخية، طوال فترة المسح القائم، وفي أثناء عملية إعادة الإعمار. وأكد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال، عباس مرتضى، عدم التهاون مع أي شخص يحاول المتاجرة بالأبنية التراثية في بيروت، وقال: "سنحافظ على النسيج الاجتماعي والعمراني والثقافي للمنطقة، مؤكداً أن 70 مبنى تراثياً مهدداً بالانهيار".