واستبعد الناشط الإعلامي، رامي السيد، لـ "العربي الجديد"، أن "يكون النظام أخرج هذا العدد من أهالي مخيم اليرموك"، مستنداً إلى معلومات من جهات معنية داخل المخيم. وأوضح السيد أنه "مع توتر الأوضاع داخل المخيم، عمد النظام إلى استغلال الأحداث، وقام بالتقدم، ما جعله يسيطر على بعض الأبنية السكنية، التي كان يقطن بها عدد من العائلات، إضافة إلى أن بعض الخارجين هم عبارة عن حالات خاصة تمّ إخراجها عبر قرية ببيلا، ولا يتجاوز عددها بضع عشرات من الأشخاص". وأوضح أن "النازحين من مخيم اليرموك، موجودون في بعض المدارس في يلدا وببيلا وفي شوارعها دون مأوى، ويعانون من أوضاع إنسانية سيئة للغاية".
من جانبه، قال شاهد عيان من مركز الإيواء، الذي خصصه النظام للخارجين من المخيم، لـ "العربي الجديد"، إن "عدد العائلات في المركز، الذي دعا النظام جميع وسائل الإعلام لمشاهدتهم من أجل توثيق إنجازه، لا يتجاوز عددها الـ34 عائلة".
وتحدث ناشطون لـ "العربي الجديد" عن تسويق النظام نفسه على أنه "منقذ المدنيين"، قائلين "نحن محاصرون منذ نهاية عام 2012 إلى اليوم، والنظام منع طوال هذه المدة، أي انسان من الخروج، وما يقوم به هو مجرّد حملات إعلامية وهمية".
اقرأ أيضاً: هجوم مضاد لنصرة مخيم اليرموك
ولفتوا إلى أن "من يدّعي أنه حامي المدنيين، يمنع دخول المواد الإنسانية إلى المخيم، الذي يسكنه اليوم نحو 18 ألف مدني، بينهم الكثير من الأطفال والنساء وكبار السن". وذكروا أنه "سبق أنه تمّ توثيق مقتل نحو 167 شخصاً جوعاً، واليوم حياة كثير منهم مهددة بسبب سوء التغذية، فالمحاصر في المخيم، إن كان محظوظاً، يتناول وجبة واحدة يومياً غير مشبعة، وقد تحتوي على القليل من البرغل أو العدس أو الحشائش، وفي كثير من أيام الحصار احتوت على القليل من الملح فقط".
وحول ما يقوله النظام عن منع المسلحين دخول المواد الغذائية والطبية إلى المخيم، اعتبر الناشطون أن "هذا الكلام غير منطقي، فهل يمكن لإنسان محاصر أن يرفض دخول ما يخفف عنه وعن عائلته وأطفاله ألم الجوع؟ وإذا افترضنا أنهم لم يأخذوا شيئاً منها، إلا أنها ستساهم بتخفيض الأسعار الخيالية".
وكشفوا أن "النظام كان يستغل فرصة توزيع بعض المساعدات الغذائية، ليعتقل ويقنص من يذهب لتسلّمها وفي معظمهم من النساء والأطفال"، معتبرين أن "ما يؤكد زيف ادعاء النظام هو عدم إدخاله المواد الغذائية والطبية إلى المناطق الموقعة معه هدنة، كببيلا وبيت سحم ويلدا، وإن أدخل شيء يُدخله بحدّه الأدنى، كما ما زال يفرض عليها الحصار ويمنع أهلها من الدخول والخروج".
ورأوا أنه "لو كان النظام صادقاً في ما يدعيه من حماية المدنيين، لكان سمح لهم بالخروج منذ زمن طويل، فهناك العديد من الأشخاص الذين حاولوا الخروج، إلا أنه منعهم ومنهم من قتله على الحواجز، واليوم لو أنه يسمح للمدنيين بالخروج وبضمان عدم اعتقالهم، سترى آلاف المدنيين يخرجون، فالناس مُنهكة من الحصار والجوع والقصف".
وفي السياق، أفادت مصادر مطلعة من داخل مخيم اليرموك، لـ "العربي الجديد"، أن "هناك احتمالا كبيرا أن ينسحب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من مخيم اليرموك خلال الأيام القليلة المقبلة، عائداً إلى الحجر الأسود، مُسلّماً المناطق التي سيطر عليها لجبهة النصرة وأحرار الشام، وفقاً لقيادات من داخل المخيم".
واعتبرت المصادر أن "هناك من عمل على تضخيم دخول داعش إلى المخيم، فالتنظيم دخل لمناطق محدودة كانت تُسيطر عليها كتائب أكناف بيت المقدس، التي تُشكّل نحو 25 في المائة من المساحة التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في المخيم، في حين تسيطر حركة أحرار الشام على نحو 25 في المائة أيضاً، وجبهة النصرة على باقي المساحة".
وأوضحت المصادر أن "النصرة منعت دخول الفصائل التي أعلنت عزمها مقاتلة داعش، لأن بينهم لواء شام الرسول، الذي قاتلها منذ وقت قريب في بيت سحم، بعد أن اشترط النظام إخراج النصرة من البلدة في مقابل السماح بإدخال المواد الغذائية، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى من الطرفين في حينه. كما تصف النصرة لواء شام الرسول بجيش المصالحات، كناية عن قبوله عقد ما يسمى مصالحات مع النظام. وقد طرحت عليهم إن أرادوا مقاتلة داعش أن يدخلوا عليه من الحجر الأسود معقله الأساسي".
وعلى الجانب الأخر، استنفر النظام كل إمكاناته، للحديث عن خطر "داعش" وإبراز صورته الوحشية، ناقلاً عن أمين سر فصائل تحالف القوى الفلسطينية، خالد عبد المجيد، قوله إن "إرهابيي داعش وجبهة النصرة، ارتكبوا مجزرة سقط ضحيتها تسعة أشخاص على الأقلّ داخل المخيم، واختطفوا العشرات من أهالي المخيم المحاصرين". وضخّ النظام شائعات عن عزم قواته دخول المخيم، إلا أن كل ما قام به حتى اليوم هو زيادة تحصيناته.
يشار إلى أن أهالي دمشق يعيشون منذ دخول "داعش" إلى مخيم اليرموك حالة من القلق والترقب، فالمخيم الذي لم تستطع القوات النظامية دخوله في سنتين، دخله التنظيم بيومين، بمواكبة الغارات الجوية التي تسمعها معظم أرجاء دمشق.
اقرأ أيضاً: فاجعة فلسطين في "اليرموك"