خبراء مصريون: تعديل قانون الجنسية "باطل" و"غير دستوري" ويستهدف المعارضة وفلسطينيي الشتات
أثارت موافقة الحكومة المصرية على تعديل بعض بنود قانون الجنسية المصرية رقم 26 لسنة 1975، يوم 20 سبتمبر/أيلول الجاري ردود فعل غاضبة، كونها تسمح بالتوسع في "سحب الجنسية من المعارضين للنظام الحالي"، وتستهدف فلسطينيي الشتات لإجبارهم على القبول بوطن بديل.
ويتضمن التعديل توسيع حالات سحب الجنسية المصرية، لتشمل "كل من اكتسبها عن طريق الغش، أو بناء على أقوال كاذبة، أو صدر بحقه حكم قضائي يثبت انضمامه إلى أي جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أي كيان، أيًا كانت طبيعته أو شكله القانوني أو الفعلي، سواء كان مقرها داخل البلاد أو خارجها، وتهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة، أو بأية وسيلة من الوسائل غير المشروعة".
كما يشمل التعديل إضافة حالة جديدة لحالات إسقاط الجنسية، تتعلق بـ"صدور حكم بالإدانة في جريمة مضرّة بأمن الدولة من جهة بالخارج أو الداخل".
كما ينص التعديل على "زيادة المدة التي يجوز خلالها سحب الجنسية المصرية من الأجنبي، الذي اكتسبها بالتجنس أو بالزواج، لتكون عشر سنوات بدلا من خمس سنوات، وزيادة المدة التي يكتسب بعدها الأجنبي الجنسية المصرية تبعا لوالدته لتكون سنتين بدلا من سنة، وحذف اكتساب الأولاد البالغين للجنسية تبعا لذلك، والاكتفاء بالأبناء القصر".
ومن المقرر مناقشة التعديل القانوني المقترح مع بدء دور انعقاد البرلمان المصري في مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وفي حال إقراره يُرسل إلى رئيس الجمهورية ليصدق عليه، ثم يُنشر في الجريدة الرسمية ليصبح بعدها ساري التنفيذ.
واعتبر الخبير القانوني، إبراهيم يسري، تعديلات قانون إسقاط الجنسية "باطلة"، وقال "المبدأ المستقر في الفقه والنصوص الدستورية في العالم، أن المولود على أرض وطنه من أب وأم من ذات الوطن قد اكتسب الجنسية من القانون الطبيعي، وهو أسمى من كل الدساتير والقوانين، لذلك لا تملك السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية لنزع جنسيته، ولكن يمكن معاقبته بأقسى العقوبات لو ارتكب جرمًا".
وأوضح يسري أنه "في حالة اكتسابه جنسية أخرى يمكن سحب وثيقة جنسيته وله الحق في استردادها، وهناك دول تسمح لمواطنها بحمل جنسية أخرى فيصبح مزدوج الجنسية".
كما اعتبر أن "ما يصدره البرلمان في مصر أصبح غريبًا على الفقه الدستوري والقانوني، إذ اعتمد قانونا للغيبة يخالف أحكام قانون الأحوال الشخصية والشريعة الإسلامية، وهو اعتبار الغائب لأكثر من 30 يوما منعدمًا ولا وجود له، وهذه بدعة تشريعية غير مقبولة لأن القصد من ورائها أمني فقط، ليجبر المختفين خشية القمع أو التجنيد بلا أوراق ولا حقوق".
وأضاف يسري "إن على نوابنا الأفاضل أن يحدّوا من إصدار قوانين أمنية يعتريها البطلان ولا أساس لها من صحيح القانون، فهل يستطيعون ذلك؟ هذا ما ننبه إليه ونتمناه".
كما علق الخبير الدستوري، نور فرحات على التعديلات قائلًا "إما أن يكون الأمر جهلاً من المستشارين القانونيين للحكومة الذين أعدّوا مشروع تعديل قانون الجنسية، وأجازوا إسقاط الجنسية الأصلية (من أبوين مصريين) على خلاف المادة السادسة من الدستور، وإما أن يكون نتيجة عدم اكتراث بمطالعة الدستور، أصلا، وإما أنه تنفيذا لتعليمات وهذا هو الأرجح".
وأرجع فرحات أصل التعديلات لخمس نقاط، وهي "أن دستور 1971 كان يترك تنظيم أمر الجنسية برمته للقانون. (م 6: الجنسية المصرية ينظمها القانون)، وأن المادتين 15 و16 من القانون رقم 26 لسنة 1975 أجازت سحب الجنسية المكتسبة وإسقاط الجنسية الأصلية في حالات محددة، ولم يكن في هذا تعارض مع دستور 1971، كما أن المادة 6 من دستور 2014 جاءت بحكم جديد أن: الجنسية حق لكل من يولد لأب مصري أو أم مصرية... ويحدد القانون شروط اكتساب الجنسية".
وتابع "إن المشرع الدستوري لم يمنح المشرع العادي إلا سلطة تنظيم الجنسية المكتسبة (التجنس) وليست الجنسية الأصيلة أي جنسية الدم".
سبب آخر لعدم دستورية التعديلات، بحسب فرحات "أنها منحت الإدارة سلطة إسقاط الجنسية وفقاً لمعايير مرنة فضفاضة تُمكنها من إسقاط الجنسية عن المعارضين، وهذا ما قضت المحكمة الدستورية العليا مرارًا بعدم دستوريته في مجال التجريم".
كما أشار إلى أنه "رفقاً بالمصريين وحرياتهم ودستورهم. الجنسية ليست منحة من أحد بل الهوية، ويقيني أن مجلس الدولة عندما يؤخذ رأيه في هذا المشروع سينتهي إلى عدم دستورية مواد إسقاط الجنسية. هل سيلتزم برلماننا الموقر؟ لا أظن إن كانت هناك تعليمات مخالفة".
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي ومؤسس موسوعة المعرفة، نائل الشافعي، إن "النظام المصري ليس ساذجًا ولن يقدِم على مصادرة جنسية المعارضين لأن منظمات حقوق الإنسان والدول الغربية ستهاجمه بلا هوادة".
واعتبر الشافعي، أن طرح فكرة إسقاط الجنسية في هذا الوقت تحديدًا بعد لقاءات نيويورك، هو في الأغلب "طرح تمهيدي لأحد أساليب إجبار فلسطينيي الشتات على القبول بالوطن البديل، فبعد أن تُسقط مصر وباقي الدول العربية الجنسيات والإقامات ووثائق السفر الممنوحة للفلسطينيين، لن يصبح أمامهم سوى جنسية الوطن البديل الذي سيشترط توقيعهم على تنازل فردي عن حق العودة. وسيجري التضييق عليهم في العيش لإجبارهم على القبول بجنسية الوطن البديل. وبعد ذلك سيمكن لهؤلاء البقاء حيث هم أو الانتقال للوطن البديل أو أخذ مبلغ نقدي. لو هذا السيناريو هو الدافع وراء الفكرة، فسنرى نفس الفكرة تـُطرح في دول الخليج كذلك حول إنهاء الإقامات الممنوحة للفلسطينيين، سواء المولودين في فلسطين أو خارجها".
وأكد الشافعي "يوجد مليون ونصف فلسطيني يحملون وثيقة السفر المصرية الزرقاء. وهناك أعداد مماثلة تحمل وثائق سفر زرقاء من سورية ولبنان والعراق".
وأضاف "هناك فكرة خاطئة شائعة مفادها أن الوطن البديل هو لأهل غزة، وهذا غير صحيح. الوطن البديل هو أساسًا لفلسطينيي الشتات، وجزء منهم سكان المخيمات في لبنان والأردن وسورية والضفة والقطاع، بالإضافة للفلسطينيين في مصر والخليج وغيرهم".