أطلق أمنيون ومبدعون وعدد من مكونات المجتمع المدني التونسي، خطة وطنية لتحصين الشباب ضد الإرهاب، بعد تفاقم ظاهرة انخراط الشباب التونسي في التنظيمات الإرهابية، إذ تشير تقارير دولية إلى أنّ العدد يناهز 6 آلاف شاب، بينهم 600 فتاة.
وقال رئيس جمعية آفاق للأمن الداخلي، سيف الله الهيشري، لـ"العربي الجديد" إنه "لا بدّ من رؤية استراتيجية، ومخطط لمقاومة الإرهاب"، معتبرا أنه حان الوقت لتوعية الشباب من أخطار التيارات الإرهابية التي تهدد هويته الثقافية وانتماءه لوطنه.
وأشار الهيشري إلى أنّه لا بد من الحوار، وإشراك المجتمع المدني في مناقشة الشباب حتى لا يتم استغلالهم، مبينا أنّ هؤلاء لا يجدون حاضنة اجتماعية ودولة تدعم مشكلاتهم. "الشباب لا يجدون لغة للتعبير عن أفكارهم وأرائهم ومناقشتها من خلال المؤسسات التربوية ومنظمات المجتمع المدني، لا بد من ملء الفراغ لديهم بما يفيد من خلال الأنشطة الشبابية والندوات الفكرية والمناظرات الثقافية، بما يكفل تعزيز القيم لديهم، ويحقق المحافظة على هويتهم وانتمائهم".
وأكد رئيس جمعية آفاق، أنّ الإغراءات المادية ساهمت بنسبة كبيرة في استقطاب الشباب العاطل عن العمل، والباحث عن الأمل. "داعش على بعد 70 كلم من الحدود التونسية الليبية، وعلى الدولة أن تحمي مواطنيها لأن الشعب في حماية الدولة، الوضع في ليبيا متأزم، ولا بد من الحذر".
وقال المتخصص في علم النفس، عماد الرقيق، إنّه لا بد من بدائل للنشاط وللفكر الذي ينشره الإرهابيون، معتبرا أن رجال الدين والثقافة وعلماء النفس والاجتماع عليهم ملء الفراغ الذي أدى إلى انتشار الارهاب وانخراط الشباب التونسي في "داعش".
وأوضح أن شعور الشباب التونسي بالإقصاء والوحدة وغياب الروابط الاجتماعية، من أهم أسباب انخراطهم في الإرهاب، معتبرا أن العديد من الشباب يشعرون بالإقصاء وأنهم غير محظوظين في الحياة، وأن الدولة لا تهتم بهم، وبالتالي ينبذون الآخر وتتعمق نقمتهم على الدولة.
كما أشار إلى أنه حان الوقت لاستراتيجية وطنية مشتركة تنطلق في العديد من الجهات وتكون من بين الحلول التي تتخذها تونس لتحصين الشباب.
بدوره، رأى نائب رئيس شبكة القطب المدني للتنمية وحقوق الإنسان، فوزي بن هلال، أن العمل الاستراتيجي ينطلق من تشخيص سليم للواقع، ثم تحديد الأهداف لبعث خطة وطنية تحمي الشباب.
وقال بن هلال لـ"العربي الجديد" إن تحديد استراتيجية يقتضي عدم إقصاء أي تيار فكري لبلورة مشروع مجتمعي مشترك، يساند الدولة ويعالج الأخطار التي نخشاها.
وأوضح أن تهميش الشباب اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وحتى تعليميا، أدى إلى انخراط عدد كبير منهم ضمن التيارات الإرهابية، معتبرا أن الشباب في حالة عطب كامل، بعضهم لا يملك المال، وآخرون بلا مستقبل وبالتالي هم ناقمون على الدولة.
كما لفت إلى أن الارهابيين يدغدغون مشاعر الشباب، ويستعملون الدين ليقدموا لهم تبريرات تشرع للانتحار وتقود إلى قتل غيرهم.
وذكر أن الفراغ الموجود كبير، وبما أن الطبيعة تأبى الفراغ، فإن نسبة هامة من الشباب انخرطت في التنظيمات الإرهابية، وإن لم تسارع الدولة بوضع استراتيجية وقائية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فإن الصورة ستكون قاتمة.
اقرأ أيضا:سوسة ضحيّة طالب "من دون سوابق": النموذج التونسي مستهدف