وجاء قرار خامني بعد يوم من افتتاح البرلمان الإيراني الجديد ومغادرة لاريجاني منصب رئاسة البرلمان بعد 12 عاماً، حيث سجل باسمه أطول فترة رئاسة له منذ 4 عقود.
لاريجاني، البالغ من العمر 62 عاماً، يحمل شهادة الدكتوراه في الفلسفة الغربية من جامعة طهران، وقد أصبح يقترب، منذ سنوات، من الإصلاحيين والمعتدلين (تيار الرئيس حسن روحاني)، رغم أنه ما زال يحسب على التيار المحافظ، لكنه يعتبر شخصية معتدلة وسط التيار.
هذه "الاستدارة" أزعجت أطيافاً كثيرة بين المحافظين، ما جعله عرضة لانتقادات حادة، وصلت أحياناً إلى حد مقاطعة محاضراته، وحتى مهاجمته في 2013 في مدينة قم، حيث معقله الانتخابي.
ورفض لاريجاني، صهر منظر الثورة الإسلامية والعالم الديني مرتضى مطهري، الذي اغتيل في العام 1980 على يد مجموعة "فرقان" المعارضة، الترشح للانتخابات التشريعية الأخيرة التي أجريت يوم 21 فبراير/ شباط الماضي.
وراجت أخيراً توقعات متضاربة بشأن مستقبله السياسي، بين من يرى أنه سيكون بين مرشحي الانتخابات الرئاسية المقبلة، المزمع عقدها خلال مايو/ أيار 2021، وبين من يطرح احتمال تعيينه بمنصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي من قبل الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلفاً لعلي شمخاني، وذلك لمدة عام، وهي الفترة المتبقية لولاية روحاني، إلا أن لاريجاني قال إنه سيعود إلى مهنة التدريس في الجامعة.
قد يكون مرد امتناع لاريجاني عن الترشح للانتخابات التشريعية، أفول نجم عائلة لاريجاني في عالم السياسة الإيرانية، بعد عقود من الوجود في الواجهة، إذ لم يسبق أن سجّل تاريخ البلاد السياسي حضور عائلة متنفذة مثلها، ليتولى اثنان من أبنائها رئاسة سلطتين من السلطات الثلاث في الدولة في آن واحد، ولعشر سنوات، أي التشريعية التي أمسك زمامها علي لاريجاني لـ12 عاماً، والقضائية التي ترأسها شقيقه العالم الديني صادق لاريجاني لعشر سنوات، قبل أن يغادر هذا المنصب في ديسمبر/ كانون الأول 2018، ليتم تعيينه من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي على رأس مجمع تشخيص مصلحة النظام.
وبالإضافة إلى الشقيقين لاريجاني، تولى ثلاثة أشخاص من العائلة، وهم فاضل وباقر ومحمد جواد، مناصب ومسؤوليات متعددة في إيران، والخمسة هم أبناء المرجع الديني ميرزا هاشم آملي لاريجاني.
وبدأ نجم العائلة يتراجع منذ الولاية الثانية للرئيس محمود أحمدي نجاد في عام 2009، الذي شن هجوماً عليها، وسط اتهامات لبعض أبنائها بالفساد.
واتهم الرئيس السابق، من داخل قاعة البرلمان، في فبراير/ شباط 2013، فاضل لاريجاني بالفساد، ثم واصل هجومه على العائلة بعد مغادرته المنصب، ليوجه انتقادات لاذعة لرئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، بعد اعتقالات ومحاكمات تعرض لها مقربون من نجاد.
كما أن الخلافات الحادة التي برزت بين المحافظ صادق لاريجاني وزميله في التيار نفسه والرئيس الأسبق للسلطة القضائية محمد يزدي، في أغسطس/ آب الماضي، وتبادلهما رسائل حادة واتهامات بالفساد، كان لها أثر في إضعاف موقع عائلة لاريجاني، رغم جلسة مصالحة عقدت بين الرجلين داخل أروقة مجلس صيانة الدستور، باعتبارهما عضوين من الأعضاء الستة الفقهاء فيه.