خال محمد في بيت من طين

13 أكتوبر 2017
الفقر الشديد أفضل من العودة إلى أفغانستان (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يترك خال محمد (49 عاماً)، بلاده خلال الاحتلال السوفييتي لأفغانستان والفترة التي تلتها، والتي شهدت حروباً داخلية. قبل تسعة أعوام فقط، اضطرّ وعائلته إلى المغادرة، بعدما اشتدت الحرب بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية، ونشبت خلافات بينه وبين أقاربه بسبب التجاذبات الحزبية.

حين وصل إلى باكستان، لم يكن من خيار أمامه سوى العيش في قرية من الطين في ضواحي مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية إسلام أباد، وفي بيت لم يكن فيه أبسط الاحتياجات الأساسية، من مياه وكهرباء وغاز. يقول: "تركنا منزلاً وأرضاً وحديقة. كنا نعمل في الحقول، وكانت حياتنا تسير بشكل مقبول. إلّا أنّنا تركنا كل شيء وجئنا لنعيش في بيت صغير في باكستان لا يمكن للأطفال التحرّك فيه. كنا في حالة صعبة جداً، ولم يكن من خيار أمامنا إلا الصبر. اليوم، اعتدنا العيش فيه".

يحضر محمد وأفراد أسرته المياه من مكان بعيد سيراً على الأقدام، وهو أقسى عمل بالنسبة إليهم. أحياناً، يتناوب خال محمد هو وابناه على إحضار المياه، إضافة إلى العمل في سوق الخضار، في وقت تبقى زوجته وبناته الأربع طيلة النهار في المنزل الصغير، لافتاً إلى أنهن يخشين أن يسقط المنزل فوق رؤوسهن. يقول: "قبل أن أخرج من البيت، تقول زوجتي إن جدران المنزل تكاد تسقط، من دون أن أكون قادراً على فعل شيء. كل ما أكسبه في النهار أصرفه في اليوم نفسه".

كان محمد يحلم بإلحاق أولاده في المدارس، وكان حلمه قابلاً للتحقّق في أفغانستان، إلا أنه أصبح شبه مستحيل في باكستان. في الوقت الحالي، يساعده ولداه في العمل. أما بناته الأربع، فيبقين في المنزل طوال النهار، ويساعدن والدتهن في الأعمال المنزلية. يقول: "كنت أحلم بأن يدرس أولادي كلهم، لكن ما باليد حيلة. يعمل الصبيان معي طيلة النهار علماً أنهما صغيران، وأجد نفسي مضطراً إلى ذلك حتى نتمكن من العيش. بصعوبة فائقة، أتمكن من توفير ما تحتاج إليه أسرتي".

على الرغم من الصعوبات المعيشية، وكلّ ما يواجهه، إلا أنّه يفضل البقاء في باكستان، لأنّ العيش في أفغانستان بات مستحيلاً، خصوصاً في ظل المشاكل مع أقاربه، ما قد يهدّد حياته، على حد قوله.

المشكلة الأساسيّة بالنسبة إليه في باكستان هي تعامل الشرطة الباكستانية، "تلاحقنا الشرطة في كل مكان وتطلب من القاطنين في البيوت الطينية المال". أحياناً، تزجّ بهم الشرطة في مراكز التحقيق بدعوى أنهم لاجئون أفغان يعيشون بصورة غير شرعية، رغم أن لديهم بطاقات لاجئين.

المساهمون