يقرأ مراقبون هذا الحدث، في إطار رغبة الدوائر الأمنية للنظام، التي توجّه أنشطة موسى، في "قرص أذن" خالد يوسف، الذي رفض الانضمام إلى تحالف الأكثرية المسمّى حتى الآن بـ"تحالف دعم الدولة"، والذي يديره مسؤولو قائمة "في حب مصر الانتخابية". ويشمل هذا التحالف أحزاباً مؤيدة لنظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي ومجموعة كبيرة من المستقلّين، معظمهم كانوا قيادات في الحزب الوطني المنحلّ أو ينحدرون من خلفيات العسكر والشرطة.
وأدلى يوسف قبل 24 ساعة فقط من بثّ المقاطع المنسوبة إليه، والتي نفى صحتها، لاحقاً، بتصريحات صحافية، مهاجماً تسمية تحالف الأكثرية بـ"دعم الدولة"، باعتباره يتعارض مع وظيفة مجلس النواب الأساسية وهي الرقابة على أعمال الحكومة. ووصف "دعم الدولة"، بـ"المُرْبك"، نظراً لجمعه عدداً من الأحزاب والمستقلّين غير الموحّدين على خلفية سياسية معيّنة.
كما أعلن يوسف، قبل أيام، رفضه اتجاه تحالف الأكثرية لطرح تعديل بعض المواد الدستورية، وفي مقدّمتها مدّ فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، وهو ما بشّر به أكثر من مرة، مسؤول قائمة "في حب مصر"، النائب سامح سيف اليزل. وجدّد يوسف معارضته للمساس بالدستور، محذراً من أنّ "هذا سيؤثر سلباً على تحالف دولة 30 يونيو/حزيران 2013"، نسبة لكونه عضواً في الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الحالي، سابقاً.
وعمدت الدوائر الأمنية والمخابراتية، خلال الأشهر الماضية، إلى استغلال المنابر الإعلامية التابعة لها، مثل برنامجَي الإعلاميَّين أحمد موسى والنائب عبدالرحيم علي، عبر بثّ محادثات هاتفية تمّ تسجيلها خارج الإطار القانوني لعدد من النشطاء السياسيين والمعارضين بقصد الإساءة إليهم وإثارة اللغط حولهم.
اقرأ أيضاً: السيسي غاضب من الإعلاميين: للإطاحة بالطاقم القديم
خالد يوسف ليس الأوّل ممن شاركوا في إنجاح نظام السيسي، ثمّ انقلبت عليه دوائره الأمنية. فقد تعرض الأكاديمي عمرو الشوبكي، أحد أبرز من شاركوا في إعداد دستور 2014، ومهّدوا إعلامياً لتولّي السيسي الحكم، لحرب إعلامية وأمنية أفشلت حملته للفوز بعضوية مجلس النواب لمصلحة عبدالرحيم علي، وأحمد مرتضى منصور نجل رئيس نادي الزمالك. كما تعرّض أعضاء ما كان يُسمّى بـ"الجناح الديمقراطي للنظام"، والذين ساهموا في تشكيل حكومة حازم الببلاوي الأولى بعد سقوط "الإخوان المسلمين"، لحرب إعلامية وأمنيّة، أدت إلى استقالتهم جميعاً وخروجهم من المشهد السياسي تدريجياً، ومنهم؛ حسام عيسى، وزياد بهاء الدين، وأحمد البرعي، ومنير فخري عبدالنور.
ومثل البقية، لم يشفع لخالد يوسف أنّه كان شخصاً فاعلاً في تحالف الإطاحة بجماعة "الإخوان" من الحكم منتصف 2013، إذ كان المسؤول الفني عن إخراج مقاطع الفيديو الخاصة بالمتظاهرين في ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية، وكذلك بعض الوقائع التي تلت التظاهرات. ويُعرف يوسف بأفكاره الناصرية التي تنضح بها أفلامه. كما كان قيادياً طلابياً ناصرياً في الثمانينيات، لكنّه لم يدعم صديقه القيادي الناصري حمدين صباحي في انتخابات الرئاسة ضد السيسي في ربيع 2014، بل أعلن تأييده للأخير وانضم إلى الهيئة الاستشارية لحملته الانتخابية.
وبعد تولي السيسي الرئاسة، بدأ المخرج السينمائي بتوجيه انتقادات لبعض السياسات والتشريعات، أبرزها قانون التظاهر. وفي أحد مؤتمراته الانتخابية في دائرته كفر شكر في محافظة القليوبية، اعترف يوسف بأنّ "شعبية السيسي تراجعت بسبب استخدامه أدوات نظام مبارك". لكنه على الرغم من ذلك، أعلن معارضته التظاهر ضد سياسات السيسي في ذكرى الثورة 25 يناير/ كانون الثاني المقبل، واتهم المخططين لهذه التظاهرات بـ"شقّ الصف".
وقبل مساعدته للسيسي في الصعود إلى سدّة الحكم، تزعّم يوسف حملة منع وزير الثقافة في عهد "الإخوان"، علاء عبدالعزيز، من دخول مكتبه في الوزارة، واعتصم هو وآخرون أمامها بحجة أنه "وزير إخواني"، مطالبين بإسناد الوزارة لشخص من ذوي الاتجاهات اليسارية. كما انضم لجبهة الإنقاذ ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، على الرغم من أنّه أيّده في جولة الإعادة الانتخابية ضد المرشح الرئاسي الخاسر، أحمد شفيق.
اقرأ أيضاً: صراعات الأحزاب المصرية برعاية الأجهزة الأمنية