تؤيّد معظم القوى السياسية في لبنان حماية الطفلات والأطفال من الزواج المبكّر. إلا أن هذه الصورة الجميلة لا تترجم إلى الواقع، والسبب هو الواقع نفسه
لم يكن من المفترض بالنائب في البرلمان اللبناني عن "كتلة الوفاء للمقاومة"، نواف الموسوي، أن يكون الحدث خلال المؤتمر التشاوري الوطني حول تزويج الطفلات والأطفال في لبنان، الذي نظمه التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني (RDFL) والأمانة العامة لمجلس النواب، والتحالف الوطني لحماية الأطفال من التزويج المبكر، في المجلس النيابي أمس، بهدف إنهاء تزويج الطفلات والأطفال في لبنان. لكنّه بكى، وهذه فرصة لأي إعلامي. مجرّد القول إن نائباً بكى هو سبقٌ يتوقّع أن يجذب الكثير من القراء. لكنّ فعل البكاء لم يكن السبق في حدّ ذاته، بل قوله إنّه كنائب، لم يستطع حماية ابنته ومساعدتها على رؤية أطفالها إلا من خلال القاضي. أما هو، فقد مضت ستة أشهر من دون أن يرى حفيدته.
الموسوي، الذي وجّه الحضور معظم أسئلتهم إليه، بعدما بدا أنّه المعرقل من بين النوّاب أو ممثلّيهم لإقرار قانون يحدّد سن الزواج للطفلات بـ 18 عاماً، أشهر عجزاً. فهو كنائب، ليس لديه صلاحيات، بعيداً عن موقفه الشخصيّ من هذا القانون أم غيره، وإن أعلن أن الأمر عائد للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
اقــرأ أيضاً
وإن كان موضوع المؤتمر محصوراً بالزواج المبكر، إلا أن إحدى "الناجيات" من هذا الزواج، كما يُطلق عليهن، أثارت مسألة معاناة النساء مع المحاكم الجعفرية في لبنان، فهذا كان ردّه. إذاً هو يعاني أيضاً من الجهة نفسها!
جنى (20 عاماً) هي من بين الناجيات، وقد تزوجت حين كانت في 15 من عمرها. هذه الفتاة/ المرأة تشعر بالرغبة في الدخول إلى كل بيت لتطلب من الفتيات عدم الزواج قبل بلوغ 18 عاماً. "حين يسألني أحد عن عمري، أفكّر تلقائياً بأنني ما زلت في 15، وكأن الزمن توقف لحظة زواجي". جنى وفوزية وفضّة وفاديا وأخريات يُصنّفن ناجيات. هنّ قبلن واقعهن وصار همهنّ حماية بناتهنّ، وإن كان معظمهن قد عُنّفن ولم يعشن حياتهن وتألّمن وحاولن الانتحار. روضة حاولت الانتحار مرتين. في المرة الثانية، تذكر أنّ ابنتها أمسكت بيدها وطلبت منها ألّا تموت، ثم استفاقت في المستشفى، و"قرّرت العيش لحمايتهن".
في هذا السياق، تقول رئيسة التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني ليلى مروة إن النضال اليوم سيتركّز على الضغط لإقرار قانون يحدّد سن الزواج بـ 18 عاماً مكتملة للذكر والأنثى، وإسقاط الاستثناءات (استثناء 16 عاماً). تضيف أن الطفل أو القاصر هو أي شخص لم يكمل عامه 18. لذلك، فإن أي استثناء سواء في عمر 17 أو 16 عاماً لا يلغي حقيقة أننا ما زلنا نبيح تزويج الطفلات، طالما أن الفتاة لا تستطيع القيام بأي تصرف قانوني خاص بها، كالحصول على دفتر قيادة مثلاً.
مثل هذا التفصيل تطرّقت إليه مجموعة من المشاركين والمتحدثين، منهم رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون. وتساءلت: "كيف يمكن لطفلة قاصر وأمّ أن تأخذ طفلها إلى الطبيب علماً أنه لا يمكنها قيادة السيارة؟ هذا في حال عرفت أن طفلها مريض؟".
وكان لافتاً عدم اعتراض المقرّرة الخاصة حول العنف ضد النساء في الأمم المتحدة دبرافكا سيمونوفيك على الاستثناء على غرار عدد من الدول، على أن يُجرّم في الحالات الأخرى. وردّاً على المعترضين، ركزت على أن الفرق يكمن في اعتبار الأمر جرماً أم لا.
إلى ذلك، بيّن استطلاع للرأي أعده التجمع النسائي الديمقراطي بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة "إنقاذ الطفولة"، أن 97 في المائة من اللبنانيين/اللبنانيات يعتقدون أن أفضل عمر للزواج عند الإناث هو 18 عاماً وما فوق. ويرى 79 في المائة من المستطلعة آراؤهم أن الطفلات، دون سن 18 عاماً، غير مستعدات لتحمل المسؤوليات المرتبطة بالزواج، بما في ذلك تربية الأطفال. كما أيّد 64 في المائة إقرار قانون يحدد سن الزواج في لبنان بثماني عشرة عاماً مكتملة للذكور والإناث.
اقــرأ أيضاً
أكثر من 200 ناجية من التزويج المبكر والمستفيدات من مراكز الدعم المناطقية للتجمع النسائي الديمقراطي، بعثن رسالة إلى النواب لإقرار القانون من دون استثناءات، لأن "التزويج المبكر يعرض الطفلات إلى الاستغلال الاقتصادي والجنسي، ويمثّل عقبة في طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تشمل القضاء على ظاهرة تزويج الطفلات والأطفال، ويحرم الطفلات من حقوقهن في الحصول على التعليم الذي غالباً ما يسبب العزلة، ويؤثّر على فرصهن في العثور على وظائف مناسبة في المستقبل، ويعرّض الطفلات للإصابة بأمراض نفسية وذهنية بسبب تعرضهن للعنف الأسري، ويعيق تمكين الطفلات، ما يعني أنهن غير قادرات على الحصول على فرص للوصول إلى الموارد، وأخذ القرار ما يجعلهن أقل قدرة على الدفاع عن أنفسهن. كما يهدد صحة وحياة الطفلة بسبب المضاعفات المتعلقة بالحمل والولادة".
خلال المؤتمر، بدا الجميع مؤيدين للقانون، حتى الأحزاب السياسية. وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغسبيان كان قد جال على رجال الدين وخلص إلى أنه ما من اعتراض. إذا الجميع مؤيد. فلماذا لا يقرّ القانون؟
الموسوي، الذي وجّه الحضور معظم أسئلتهم إليه، بعدما بدا أنّه المعرقل من بين النوّاب أو ممثلّيهم لإقرار قانون يحدّد سن الزواج للطفلات بـ 18 عاماً، أشهر عجزاً. فهو كنائب، ليس لديه صلاحيات، بعيداً عن موقفه الشخصيّ من هذا القانون أم غيره، وإن أعلن أن الأمر عائد للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
وإن كان موضوع المؤتمر محصوراً بالزواج المبكر، إلا أن إحدى "الناجيات" من هذا الزواج، كما يُطلق عليهن، أثارت مسألة معاناة النساء مع المحاكم الجعفرية في لبنان، فهذا كان ردّه. إذاً هو يعاني أيضاً من الجهة نفسها!
جنى (20 عاماً) هي من بين الناجيات، وقد تزوجت حين كانت في 15 من عمرها. هذه الفتاة/ المرأة تشعر بالرغبة في الدخول إلى كل بيت لتطلب من الفتيات عدم الزواج قبل بلوغ 18 عاماً. "حين يسألني أحد عن عمري، أفكّر تلقائياً بأنني ما زلت في 15، وكأن الزمن توقف لحظة زواجي". جنى وفوزية وفضّة وفاديا وأخريات يُصنّفن ناجيات. هنّ قبلن واقعهن وصار همهنّ حماية بناتهنّ، وإن كان معظمهن قد عُنّفن ولم يعشن حياتهن وتألّمن وحاولن الانتحار. روضة حاولت الانتحار مرتين. في المرة الثانية، تذكر أنّ ابنتها أمسكت بيدها وطلبت منها ألّا تموت، ثم استفاقت في المستشفى، و"قرّرت العيش لحمايتهن".
في هذا السياق، تقول رئيسة التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني ليلى مروة إن النضال اليوم سيتركّز على الضغط لإقرار قانون يحدّد سن الزواج بـ 18 عاماً مكتملة للذكر والأنثى، وإسقاط الاستثناءات (استثناء 16 عاماً). تضيف أن الطفل أو القاصر هو أي شخص لم يكمل عامه 18. لذلك، فإن أي استثناء سواء في عمر 17 أو 16 عاماً لا يلغي حقيقة أننا ما زلنا نبيح تزويج الطفلات، طالما أن الفتاة لا تستطيع القيام بأي تصرف قانوني خاص بها، كالحصول على دفتر قيادة مثلاً.
مثل هذا التفصيل تطرّقت إليه مجموعة من المشاركين والمتحدثين، منهم رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون. وتساءلت: "كيف يمكن لطفلة قاصر وأمّ أن تأخذ طفلها إلى الطبيب علماً أنه لا يمكنها قيادة السيارة؟ هذا في حال عرفت أن طفلها مريض؟".
وكان لافتاً عدم اعتراض المقرّرة الخاصة حول العنف ضد النساء في الأمم المتحدة دبرافكا سيمونوفيك على الاستثناء على غرار عدد من الدول، على أن يُجرّم في الحالات الأخرى. وردّاً على المعترضين، ركزت على أن الفرق يكمن في اعتبار الأمر جرماً أم لا.
إلى ذلك، بيّن استطلاع للرأي أعده التجمع النسائي الديمقراطي بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة "إنقاذ الطفولة"، أن 97 في المائة من اللبنانيين/اللبنانيات يعتقدون أن أفضل عمر للزواج عند الإناث هو 18 عاماً وما فوق. ويرى 79 في المائة من المستطلعة آراؤهم أن الطفلات، دون سن 18 عاماً، غير مستعدات لتحمل المسؤوليات المرتبطة بالزواج، بما في ذلك تربية الأطفال. كما أيّد 64 في المائة إقرار قانون يحدد سن الزواج في لبنان بثماني عشرة عاماً مكتملة للذكور والإناث.
أكثر من 200 ناجية من التزويج المبكر والمستفيدات من مراكز الدعم المناطقية للتجمع النسائي الديمقراطي، بعثن رسالة إلى النواب لإقرار القانون من دون استثناءات، لأن "التزويج المبكر يعرض الطفلات إلى الاستغلال الاقتصادي والجنسي، ويمثّل عقبة في طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تشمل القضاء على ظاهرة تزويج الطفلات والأطفال، ويحرم الطفلات من حقوقهن في الحصول على التعليم الذي غالباً ما يسبب العزلة، ويؤثّر على فرصهن في العثور على وظائف مناسبة في المستقبل، ويعرّض الطفلات للإصابة بأمراض نفسية وذهنية بسبب تعرضهن للعنف الأسري، ويعيق تمكين الطفلات، ما يعني أنهن غير قادرات على الحصول على فرص للوصول إلى الموارد، وأخذ القرار ما يجعلهن أقل قدرة على الدفاع عن أنفسهن. كما يهدد صحة وحياة الطفلة بسبب المضاعفات المتعلقة بالحمل والولادة".
خلال المؤتمر، بدا الجميع مؤيدين للقانون، حتى الأحزاب السياسية. وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغسبيان كان قد جال على رجال الدين وخلص إلى أنه ما من اعتراض. إذا الجميع مؤيد. فلماذا لا يقرّ القانون؟