حيلتا النظام السوري بدرعا: هجوم معاكس ونقل مركز نصيب

29 نوفمبر 2014
انتصارات للمعارضة في ريف درعا (فادي الحلبي/فرانس برس)
+ الخط -

وضعت انتصارات المعارضة السورية في ريف درعا، على مدار الأسابيع الماضية، النظام السوري في موقف حرج، خصوصاً مع انهيار خط الدفاع الأول لقوات النظام المتمثل في "أزرع-الشيخ مسكين-نوى"، والذي كانت تُطلق عليه هذه القوات "طوق حوران".

هذا الخط كان المانع الرئيسي أمام تقدّم المعارضة باتجاه الشرق نحو أزرع، وشمالاً باتجاه العاصمة دمشق، والاقتراب من قطع الطريق الدولي، إضافة إلى التهديد بالسيطرة على معبر نصيب على الحدود السورية الأردنية، في ظل ضمان حواجز رئيسية كأم المياذن والكازية والمعصرة، ولهذا لم تجد قيادة النظام بداً من استخدام حيلتين للتخلص من هذا المأزق، أولاهما جاءت سريعاً لكن بنتائج محدودة حتى الآن، والثانية بتخطيط تراكمي، تسعى من خلاله إلى تحقيق نتائج مثمرة.

ومنذ شعر جيش النظام بانهيار دفاعاته أمام هجوم "الجيش الحر" المدعوم بكتائب إسلامية، بعد إطلاق الأخير عدداً من المعارك بأهداف مختلفة متكاملة، أوعز النظام إلى قياداته المنتشرة في مدينة نوى للانسحاب إلى مدينة الصنمين، أعتى المعاقل العسكرية له في درعا، لتشنّ القوات النظامية بعد نحو أسبوع هجوماً معاكساً تحاول من خلاله إيقاف تقدّم المعارضة باتجاه دمشق، وتمكنت عبره من استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة من مدينة الشيخ مسكين حتى الآن.

أما الخيار الثاني للنظام والذي يبدو أنه خطط له منذ أشهر، فستكون له تداعيات كبيرة على المستويين المحلي والإقليمي، ولم تروّج له قوات النظام عبر وسائل إعلامها، بما يشير إلى أنها لا تريد أن تحدث ضجة حول ذلك، سوى أن صحيفة "الوطن" المملوكة لرامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، ذكرت أن "محافظ السويداء عاطف نداف أشار في افتتاح مجلس المحافظة إلى أنه بناء على استثناء من الرئيس الأسد، جرى تحويل الأمانة الجمركية في السويداء إلى مركز تخليص جمركي بدلاً من مركز نصيب، لافتاً إلى الأثر الكبير لهذا على المحافظة، وما سيحققه من إيرادات إضافة إلى فرص العمل".

ويكشف مصدر محلي مطلع لـ"العربي الجديد" أن "النظام سحب إحدى أوراق الضغط التي يمتلكها الثوار عبر نقله مركزيّة معبر نصيب إلى معبر رويشد في السويداء، ليكون المعبر المعترف به هو رويشد، وربما يقوم روتينياً بسحب معبر نصيب الحدودي من دون الضرر بمصالحه مع الأردن".

ويوضح المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن "التنسيق بين النظام والسلطات الأردنية قديم لنقل المعبر، إذ إنه يشكّل ضغوطات كبيرة على الحكومة الأردنية التي تتخوّف من شائعات يجري تداولها، عن إغلاق المنافذ التي يسيطر عليها الثوار تماماً، ومنع إدخال النازحين إلى الأردن، إذ تم توثيق حالات وفاة عدة لعدد من أفراد الجيش الحر، منعت السلطات الاردنية إدخالهم إلى مشافيها وبقوا ضمن أراضي المعارضة التي تفتقر إلى الخدمات الطبية".

وفي هذا السياق، يرى عضو مجلس القيادة العسكرية لـ"الجيش الحر" أيمن العاسمي، "أنه "يجب بداية شرح الأسباب التي دفعت النظام للقيام بهذا التغيير، والذي أتى نتيجة المعارك التي بدأت من نوى حتى المنطقة الشرقية مروراً بالشيخ مسكين"، مشيراً إلى أن البعض قد يعتبر أن هناك ضغوطاً إقليمية سياسية وراء قطع طريق المعبر، مؤكداً أن "قرار الثوار على الأرض كان بقطع طريق المعبر لأن النظام يستفيد منه بالدرجة الأولى".

العاسمي، وفي حديث لـ"العربي الجديد"، يعيد سبب نقل المعبر إلى السويداء إلى "الهدوء الذي تشهده المدينة"، مشيراً إلى أن "قيادات في مدينة السويداء سعت ليتخذ الأسد هذا القرار، واعتبرتها فرصة لتشغيل معبر الرويشد شرقي المدينة، وهذا الأمر ليس بجديد، إذ تم العمل على هذا الطريق وتعبيده وتجهيزه منذ ثلاثة أشهر".

ويأسف لأن "هناك جهوداً عربية تتعامل مع النظام"، لكنه يؤكد أن "طريق السويداء يمكن قطعه، لأن المنطقة الشرقية من درعا ستشهد معارك قريباً، وبالتالي فقطع الطريق ليس صعباً".

وعلى الرغم من نفيه إمكانية وجود تنسيق بين النظام السوري والحكومة الأردنية، يشير العاسمي إلى أن "الأخيرة غضت النظر عن قرار نقل المعبر، لأنه يصبّ في مصلحتها"، مؤكداً أن "معبر نصيب كان دوماً مفتوحاً، وإقدام النظام على نقله يأتي كنوع من المحاباة".

وحول العمليات الإغاثية ونقل الجرحى عبر المعبر، يوضح القيادي العسكري بأنها "لا تتم عبر معبر نصيب، فالجرحى يدخلون من الجهة الغربية التي يسيطر عليها الجيش الحر والأولوية التابعة له كلواء المعتز وشهداء اليرموك، وهي تسيطر على نحو 41 كيلومتراً من الحدود"، لافتاً إلى أن المعبر الإغاثي "هو المعبر القديم من درعا المدينة إلى الرمثا، الذي يشرف عليه حالياً الجيش الحر وحركة المثنى، أما الجرحى فلا يدخلون إلى الأردن من معبر نصيب، الذي يستفيد منه النظام وهو يتضرر بقطعه".

ولم ينكر العاسمي الضغوط الإقليمية التي تفرض نفسها أحياناً على قرارات كهذه، سواء على النظام أو المعارضة، لكنه يلفت إلى أن "الضغط الإقليمي كان له دور كبير في السابق، غير أنه الآن خرج من أيدي الجهات الخارجية، والقرار عند المعارضة سيكون سورياً مئة بالمئة، لأنه حتى لو قلّ الدعم، فالمناطق التي سيطر عليها الثوار في الجنوب تُؤهلهم للسيطرة على باقي المناطق".

ويشير عضو مجلس القيادة العسكرية إلى أن "التنقّل على طريق الغوطة صار أسهل بكثير من السابق، فهناك مرور بشكل شبه طبيعي، بين القنيطرة ودرعا والغوطة الغربية"، موضحاً أن "ما يهمنا هو الامتداد إلى الريف الجنوبي الدمشقي لأن الثقل البشري هناك، فالضغط يتم على النظام من هذا المكان".

من جهته، يرى عضو الائتلاف الوطني المعارض زكريا الصقال، في خطوة نقل المعبر الى السويداء إشارة سياسية واقتصادية في الوقت نفسه، معتبراً أن "النظام ومن خلال نقل الجمارك إلى السويداء خصوصاً، يريد اللعب على وتر الأقليات".

وعلى مستوى احتضان اللاجئين، يقول الصقال "لدينا مشاكل كثيرة مع الأردن التي لديها تخوفات قوية من أن المعارضة ذات طابع إسلامي، وهو ما انعكس على السوريين".

ويلفت الصقال في حديث لـ"العربي الجديد" الى أن "وضع المعارضة في الأساس غير مستقر، وهناك شكاوى حقيقية"، معتبراً أن "الأردن لا يرى ملامح لحل الصراع السوري، مثله مثل أي دولة إقليمية تحاول أن تفرض نفسها، وتقول أنا موجودة"، مضيفاً أن "هناك فراغاً سياسياً في المعارضة، فيما يقول الروس إن لديهم مبادرة سياسية، والولايات المتحدة تتحدث عن دعم المعارضة المعتدلة، وهذا كله ينعكس بشكل سلبي على المعارضة".

ويرى أن المطلوب من الائتلاف المعارض "توجيه رسالة إلى الأردن، عن معنى نقل المعبر، ورسالة إلى حلفائنا في السعودية لأن الموقف الأردني يتناغم مع القرار السعودي".

المساهمون