لم تخرج "المفاجآت" العراقية، عن إطارها "المألوف"، خصوصاً، حين يتعلّق الأمر بتسمية إحدى الشخصيات لرئاسة مؤسسة رسمية. حصل الأمر، مع رئيس الجمهورية الحالي، فؤاد معصوم، ويتكرّر مع حيدر العبادي، الرجل الذي وقع الاختيار عليه، لترؤس الحكومة العراقية العتيدة.
العبادي رجل الظلّ، الآتي من غرف الصف الثاني لحزب "الدعوة" الإسلامية، بات رئيساً للحكومة السادسة، بعد الاحتلال الأميركي في 2003.
لم يكن اسم العبادي، المرشح عن "التحالف الوطني" الشيعي، على إكراه، للتخلّص من تشبّث المالكي بالمنصب، مطروحاً لتولّي منصب رئيس وزراء، أو حتى منصب وزير، حتى الساعات الـ24 الماضية، إذ تسلّم أخيراً منصب نائب رئيس البرلمان، وهو منصب إداري فقط، ولا يتمتع بأي سلطة تشريعية.
وُلد حيدر جواد حسن العبادي، في عام 1952، في بغداد، في منطقة الكرادة الشرقية، وينتمي إلى عشيرة عبادة العربية، ذات الأصول الجنوبية، ونشأ في منزل والده الطبيب، جواد، الذي تولّى منصب مدير مستشفى الجملة العصبية في بغداد، في ستينيات القرن الماضي، وله خمسة أولاد، ثلاثة صبيان وبنتان، يقيمون في بريطانيا ويحملون جنسيتها.
تدرّج العبادي في الدراسة، حتى نال البكالوريوس من الجامعة التكنولوجية في بغداد، قسم الهندسة الكهربائية، في عام 1975، وهاجر البلاد في بداية التسعينيات، لإكمال دراسته في جامعة مانشستر البريطانية، حيث نال الدكتوراه في الهندسة الكهربائية عام 1980.
انتمى العبادي إلى حزب "الدعوة" المعارض للرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، في 1980، وتم سحب الجنسية العراقية منه، بقرار من مجلس قيادة الثورة في عام 1983، قبل أن تُعاد له بعد احتلال البلاد.
وعُيّن مسؤولاً لمكتب الشرق الأوسط في حزب "الدعوة"، في عام 1981، والذي كان مقرّه، آنذاك في العاصمة اللبنانية، بيروت.
وعاد إلى العراق في عام 2003، بعد الاحتلال الأميركي للبلاد، وتسلّم منصب وزير الاتصالات في الحكومة الانتقالية، التي ترأسها إياد علاوي، ثم بات نائباً في البرلمان عام 2005، وأخيراً نائباً لرئيس البرلمان.
وجعلت منه حداثة الانتماء لحزب "الدعوة"، مقارنة بقيادته السابقة، رجلاً ثانوياً في الحزب، ولم يكن اسمه مطروحاً بشكل جدّي على قائمة النقاش، حول أسماء المرشحين، حتى الساعات الـ24 الماضية، واضطرّ التحالف بعد نجاحه في إقناع العشرات من أعضاء كتلة المالكي، بالانقلاب عليه، إلى تسميته رئيساً للوزراء، بعد اعتذار حسين الشهرستاني، حتى لا يُفسّر انقلابه ضمن خانة المصالح الشخصية.
ويحمي القانون تسمية العبادي، فحتى لو أقرّت المحكمة الاتحادية بأحقية كتلة "دولة القانون"، برئاسة المالكي، ترشيح رئيس وزراء منها، فإن شروط المحكمة تنطبق على العبادي أيضاً.
وعن ذلك يقول عضو "التيار الصدري" المنضوي ضمن "التحالف"، حسين البصري، لـ"العربي الجديد"، إن "ترشيح العبادي، جاء على مضض من الجميع، وفي لحظة إكراه، لتجنّب حرام قد نقع فيه، وهو المالكي".
ويكشف البصري أن "التحالف سيستفيد من تجربته السابقة والمؤلمة مع المالكي، من خلال سلب جزء كبير من صلاحيات العبادي، كرئيس وزراء لصالح البرلمان، لمنعه من التفرد بالسلطة كما فعل المالكي".